يتحدث القديس يوحنا كاسيان إلى الرهبان في نظام الشركة عن خطية "الطمع"، فقد يبيع الإنسان كل ما يملكه ويتجرد عن كل شيء، لكن تدخل هذه الخطية خلسة، بأن يقتني الراهب أقل القليل، مقدمًا التبريرات الكثيرة لذلك، فيتسلل الطمع إلى قلبه، ويُفسد كل كيانه.
يقدم لنا كاسيان أمثلة خطيرة للطمع ومحبة المال:
* بسبب الطمع سقط جيحزي تلميذ إليشع النبي في الكذب والإصرار عليه، ففقد روح النبوة، والتصق به البرص كل أيام حياته.
* دفع الطمع حنانيا وسفيرة إلى الكذب على الروح القدس فسقطا ميتين.
* دفع الطمع يهوذا المختار بين التلاميذ إلى خيانة سيده، ففقد التلمذة للسيد المسيح والرسولية بل وانتحر.
يولد الطمع سلسلة من الخطايا، أما أحد وسائل علاجه فهو الاتضاع والطاعة لقوانين الدير من كل القلب.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
أخيرًا ما يؤكده كاسيان أن الطمع لا يتوقف على إمكانيات الإنسان المادية بل على أعماقه الداخلية، فهو خطية تفسد القلب والفكر. إذ يقول:
"ينبغي علينا ليس فقط أن نأخذ حذرنا من حيازة المال، بل ننتزع أيضًا من نفوسنا تلهفنا عليه، إذ من واجبنا لا أن نتحاشى نتائج الطمع إنما بالأكثر أن نستأصل جذور كل نزوع إليه، إذ أن عدم امتلاكنا للمال لا يفيدنا ما دامت فينا شهوة الحصول عليه[36]."
"من المحتمل أن إنسانًا لا يملك شيئًا يكون مستعبدًا لعلة الطمع، ولا تنفعه نعمة الفقر المدقع، لأنه لم يستطع أن يستأصل من نفسه جذور خطية الشراهة، متقبلاً مزايا الفقر لا لحسن فضائله، وراضيًا بثقل الحاجة إنما في فتور القلب. ذلك لأنه كما تعلن كلمة الإنجيل أن الذين لا يتدنسون بالجسد قد يزنون في القلب، وأن من المحتمل أن الذين لا يثقل كاهلهم عبء المال تلحقهم لعنة نزعة الطمع والاشتياق إليه لأن ما كان يعوزهم هي "فرصة" الامتلاك وليست "إرادته"، لأن الثانية هي التي يُتوجها اللَّه دون جبر، لهذا يلزمنا أن نستخدم كل حصانة، لئلا تتبدد ثمار جهودنا في غير ما يجدي. لأنه من المحزن أن يتحمل المرء أثار الفقر أو العوز، ولكنه يفقد ثماره، بسبب سقوط الإرادة المزعزعة[37]".
"لقد نبذ جميع مقتنيات هذا العالم من استأصل تمامًا من قلبه الرغبة في حيازتها وامتلاكها[38]".
يقول الأب مكسيموس المعترف [توجد ثلاثة أسباب لمحبة المال: محبة الملذات، المجد الباطل، عدم الإيمان والثقة. عدم الإيمان أشر من السببين الأولين.]
يقول القديس أوغريس: [يتصور المجربون بمحبة المال طول بقائهم على الأرض، وعدم القدرة على العمل، والجوع، والمرض، ومصاعب الاحتياج والاستجداء من الآخرين لإشباع احتياجات الجسد[39].] بينما إذ يتعرض المتوحدون لهذه الحرب يشير عليهم العدو أنه يلزمهم توزيع الصدقات وعمل الخير للغير[40]. مع أنه يستحيل ممارسة عمل الرحمة لمن يرتبط بمحبة المال[41].
_____
[35] Tomas Spidlik, p. 250.
[36] فصل 21.
[37] فصل 22.
[38] فصل 27.
[39] إلى أناتوليس "الأفكار الثمانية 4.
[40] St. John Climaeus ,Ladder of Paradise, 16.
[41] Evagrius: Praktikos, 18.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/john-cassian/institutes-summary-greed.html
تقصير الرابط:
tak.la/9fh79dw