كيف نقدر أن نكشف عن مقدار السخف الذي نراه من جهة البعض، الذين كانوا متحمسين في زهدهم، تاركين خدمة هذا العالم وممتلكاتهم وغناهم العظيم ذاهبين إلى الأديرة، ومع هذا لا يزالون يشغفون بأمور لا تنقطع منه تمامًا، وحياتهم مرتبطة بها تمامًا، مهما كانت هذه الأمور صغيرة وتافهة، حتى نجد في هذه الحالات أن اهتمامهم بالتفاهات يكون أكثر بكثير من حبهم لكل ممتلكاتهم، وبذلك لا ينتفعون شيئًا إذ حولوا اهتمامهم من ممتلكاتهم وغناهم العظيم إلى الأمور البسيطة التافهة. فإذ لا يخطئون في خطية الطمع والبخل في الأمور الكبيرة يخطئون بها في الأمور التافهة، وبهذا فهم لم يتخلصوا من الطمع، إنما غيروا مادة الخطية.
فإذا ما انشغلوا كثيرًا بحصيرتهم أو سلاسلهم أو غطائهم (البطانية) أو كتبهم أو أي أمر تافه، فإن الأهواء نفسها تأسرهم وتردهم إلى حالتهم السابقة...
بذلك فإن مجرد ترك أمور هذا العالم لا يجلب لنا كمال القلب، لأنه وإن كان يجعلنا فقراء إلا إنه يلزمنا أن نحتفظ بالغنى العقلي.
نياحة الأنبا أبامون 27 أبيب 1676 ش.
* أغسطس 1960 م.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/john-cassian/conferences-4-trifles.html
تقصير الرابط:
tak.la/q8f3zvy