بعدما يرفع الكاهن "صلاة الشكر" يصلي أوشية التقدمة سرًا مخاطبًا الابن، قائلًا:
"أيها السيد الرب يسوع المسيح...
أنت هو الخبز الحي الذي نزل من السماء،
وسبقت أن تجعل ذاتك حملًا بغير عيب عن حياة العالم،
نسأل ونطلب من صلاحك يا محب البش.
وهنا يشير بيديه إلى الخبز الموضوع على المذبح، قائلًا:
اظهر وجهك على هذا هذه الخبز،
ويشير إلى الكأس الممزوجة، قائلًا:
وعلى هذه الكأس،
هذين اللذين وضعناهما (مشيرًا إلى المذبح)
على هذه المائدة الكهنوتية التي لك.
ثم يرشم على الخبز والكأس ثلاث صلبان، قائلًا:
باركهما،
قدسهما،
طهرهما وانقلهما (حولهما).
ويشير إلى الخبز قائلًا: لكي هذا الخبز يصير جسدك المقدس.
ويشير إلى الكأس قائلًا: والمزيج الذي في هذه الكأس يصير دمك الكريم ليكونا لنا جميعًا ارتقاء وشفاء وخلاصًا لأنفسنا وأجسادنا وأرواحنا".
ونلاحظ في هذه الأوشية[259]:
1. لغتها تكشف عن تاريخها، أنها موضوعة نحو نهاية القرن الرابع.
2. هذه الأوشية في حقيقتها هي صلاة نرفعها في تقدمة الحمل تحمل عملًا نبويًا للفعل الإفخارستي بكماله.
فإن الفعل الإفخارستي يشمل أمورًا ثلاثة: تقدمة الحمل، صلاة التقديس، والتناول من الأسرار المقدسة، فإن هذه الثلاثة مرتبطة معًا برباط وثيق كأجزاء لعمل واحد يصعب فيه تحليل معنى خاص لكل جزء على إنفراد.
3. هذه الأوشية تعلن غاية العمل الإفخارستي ألا وهو تناول جسد الرب ودمه نموًا وشفاءً وخلاصًا لأرواحنا وأجسادنا، أي عاملًا في كل حياتنا.
4. تسمى هذه الصلاة ب "أوشية الغطاء"، إذ في نهاية تلاوتها يغطي الكاهن الصينية والكأس بلفافتين صغيرتين من الكتان ثم يضع عليهما غطاءً كبيرًا يسمى "أبروسفارين"[260] أي "تقدمة"، فوقه يضع الكاهن لفافة صغيرة مثنية على شكل مثلث، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. بعد ذلك ينزل الكاهن بعد تقبيل المذبح والدوران حوله ومعه الشمامسة خارج الهيكل...
يا لها من صورة رائعة لجسد الرب المحيي، وقد كُفن بالكتان وُوضع في القبر المقدس "المذبح" ودُحرج عليه حجر عظيم "الابروسفارين" وُوضعت عليه الأختام... ثم تركه الكل وخرجوا!
لقد اختفى الجسد المقدس عن الأعين البشرية في القبر، هذا الذي لاهوته لن يفارقه، وخرجت الروح -التي لا يفارقها اللاهوت أيضًا- لكي تضم أرواح الذين ماتوا على الرجاء وتدخل بهم الفردوس...
في القبر المقدس لا نتشمَّم رائحة موت مهلك، بل رائحة حياة سرية تهب حياة! بموته الحي أقام الراقدين ويقيمنا نحن أيضًا معه لا لكي ندخل الفردوس بعد انتقالنا من هذا العالم فحسب بل ونختبر "فردوس النعيم" من الآن!
نختم "تقدمة الحمل" وقلب الكنيسة كله مشغول بدفن السيد لكي في الصلاة الإفخارستيا ندخل معه في مجد قيامته... فنعم بالجسد المقام من الأموات حياة أبدية لمن يتناول منه.
غير أن البعض يرى في هذا الطقس لا الدفن فحسب بل وهروب الرب إلى أرض مصر واختفائه في الناصرة حتى يكون خروجه للخدمة والصليب!
على أي الأمور، اختفاء القرابين إعلان عن اختفاء حقيقة المسيا وفهم سرّ عمله الخلاصي عن الإدراك البشري حتى يوم قيامته حيث فتح بصيرة تلميذيّ عمواس لفهم الكتب، ونفخ في وجوه تلاميذه لذات الغاية!
على المذبح تُغطىَ القرابين، لكي يختفي الرب في قلبنا ونحن أيضًا نختفي فيه!
_____
[259] See Dix 120
Brightman. L. E. With, p 148.
[260] The Greek word “prosharine” means to offer the oblation.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/jesus-eucharist/lamb-osheya.html
تقصير الرابط:
tak.la/4xaddvs