يبدأ الكاهن الصلاة بقوله "إشليل" أي "صلوا"، ويجيب الشماس منذرًا الشعب "للصلاة قفوا".
"هذا الإنذار "للصلاة قفوا" هو تنبيه للوقوف باستعداد لمواجهة المعركة ما دمنا نود الدخول في حديث مع الرب وخدمة الأسرار المقدسة. فإنه يليق بنا ألاَّ نكون مشتتي الفكر، بل بحرارة وكل وقار نتطلع وننصت ونصلي أثناء الخدمة. وأول علامة لعبادتنا بحرارة وتكرسنا له هو وقوفنا باستقامة، فنخدمه ونحن واقفون غير جالسين. هذا حال الخدم الذين يترقبون بأعينهم إرادة سيدهم متأهبين على الدوام لخدمته، مستعدين لتنفيذ كل أمر يصدر منه فورًا[256]".
يلتفت الكاهن نحو زميله الكاهن حانيًا رأسه، قائلًا "بارك"، فيحييه "أنت مبارك"... كل منهما يقدم أخاه في الكرامة!
يبارك الأب أولاده بإشارة الصليب مصدر السلام الداخلي، قائلًا "السلام لجميعكم"، فيجيبونه "ولروحك أيضًا".
هذه التحية الشرقية العادية "سلام"، لكنها حملت فهمًا خاصًا ومعنى جميلًا في العبادة المسيحية بكونها التحية الأولى التي وجهها الرب القائم من الأموات لخاصته[257].
فالكاهن يمتثل بالرب طالبًا لأولاده "السلام"، والأبناء في دالة البنوة يطلبون لروحه سلام الله الذي يفوق كل عقل.
هذه افتتاحية الصلاة في ليتورچيا الإفخارستيا، تحمل الغنى الذي نقتنيه بتقديسنا هذا السرّ وتناولنا جسد الرب ودمه الأقدسين، إذ سرّ الإفخارستيا هو "سرّ سلامنا مع الله والناس"، خلاله يأتي الله إلينا، ونحن نعود إليه، يستريح فينا ونحن نستقر فيه، فيعود إلينا سلامنا المفقود، سلامنا الداخلي الخفي وسلامنا مع الغير.
للقديس يوحنا الذهبي الفم حديث لطيف عن مركز "الشكر" في ليتورچيا الإفخارستيا، إذ يقول "شكر المسيح كي يعلمنا كيف نقدس هذا السرّ، معلنًا لنا أنه جاء إلى الآلام بإرادته، معلمًا إيانا أن نحتمل بشكر ما يحل بنا من آلام، مترجين خيرًا في هذا".
ويقول الأب جنجمان في كتابه "الليتورچيا الأولى": "تحصر ذبيحتنا المسيحية في صلاة الشكر، صلاة غايتها الرئيسية الخلاص الذي ننعم به خلال المسيح. هذه الصلاة ما هي إلاَّ تذكر مملوء شكرًا وعرفانًا بالجميل: كيف أرسل الله ابنه إلى العالم في أحشاء البتول كي يتمم خلاصنا، وكيف صنع الابن هذا الخلاص فعالًا من أجلنا بمنازلته الآلام وغلبته عليها في قيامته. لهذه الاعتبارات أخذت ليتورچيا القداس شكل "إفخارستيا" في القرنين الأول والثاني".
هكذا نجد "الشكر" ليس مجرد صلاة معينة تُتلى أثناء التقديس، إنما هو قبول الآلام (الصليب) مع المسيح بشكر... هو قبول الخلاص عمليًا في حياتهم...
"الشكر" هو روح يسيطر على الطقس كله.
"الشكر" هو منهج يختصه الإنسان بالمسيح يسوع الذبيح.
أما "صلاة الشكر" فإنني يترك لك النص تتأمله بنفسك... متذكرًا أن الكنيسة تفتح بها كل صلواتها السرائرية وغير السرائرية، العامة والشخصية، وفي المناسبات المفرحة والمحزنة، معلنة أن ربها هو محب البشر، ضابط الكل، صانع الخيرات في كل الأحوال.
_____
[256] Cabasilas, p 61.
[257] Dix 38, 103.
[258] See “The Mystery of Thanksgiving”.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/jesus-eucharist/lamb-thanksgiving.html
تقصير الرابط:
tak.la/8bhzk6y