يصف القديس لوقا في إنجيله عشاء الفصح الأخير الذي صنعه ربنا مع تلاميذه[354]. كان هذا الفصح مقدمة للإفخارستيا التي ائتمن الرب كنيسته عليها كعهد جديد وعلامة أفخارستية الجماعة التي ارتبطت به.
لقد أشار الإنجيليون الثلاثة: متى ومرقس ولوقا، والرسول بولس إلى تأسيس العشاء الأخير[355]، وقد استخدمت الكنيسة الأولى النصوص الواردة في الكتاب المقدس عند تقديس السرّ، فنجدها واردة في كل الليتورچيات القديمة[356].
عندما رسم القديس لوقا في سفر أعمال الرسل[357] صورة لملامح الكنيسة الأولى في أورشليم قال أنهم كانوا يداومون على تعليم الرسل والشركة في كسر الخبز والصلوات[358].
لقد كان المسيحيون يمارسون "كسر الخبز" كعبادة خاصة بهم حتى وقت الاضطهاد[359]. فالقارئ إيمريتس يقول لفيلكس وهو تحت التعذيب[360]: "أما تعلم أيها الشيطان أن المسيحيين يصنعون القداس، والقداس يصنع المسيحيين، ولا يقوم أحدهما بغير الآخر؟!".
كذلك يقول شهداء Abitina أثناء إضطهاد دقلديانوس: "لا نستطيع أن نعيش بدون إفخارستيا".
إذ لا نقدر أن نجحد آلامه وصلبه من أجلنا، لا نستطيع أيضًا أن ننكر ما قد منحه إيانا ليلة تسليمه ذاته عنا[361].
يقول الإنجيليان متى ومرقس "إذ كانوا يأكلون، أخذ يسوع خبزًا... " لقد كان الأكل ضروريًا، إذ هو عشاء الفصح، رمز العشاء السمائي الجديد.
وفي القرن الأول كان كسر الإفخارستيا مرتبطًا بوجبة طعام عادية تسمى "وجبة أغابي" أي "وليمة محبة".
يقول المؤرخ شاف[363]: "لقد كانت وليمة عائلية، فيها يجتمع الغني والفقير، السيد والعبد، على قدم المساواة، يشتركون معًا في مأدبة بسيطة، ويسمعون تقارير المجامع البعيدة، ويساهمون في أتعاب الأخوة الضرورية، ويشجعون بعضهم بعضًا لاحتمال الأتعاب والالتزامات اليومية. لقد وصف القديس أغسطينوس أمه مونيكا أنها كانت تذهب هذه الولائم حاملة سلة مملوءة تقوم بتوزيعها".
ولقد شهدت صلوات الديداكية لهذه الوجبة الحبية المرتبطة بتقديس الإفخارستيا، كما شهدت كتابات الرسول بولس بذلك[364]
لكن هذا الارتباط لم يدم طويلًا، إنما بدأ الفصل بينهما منذ بدء القرن الثاني.
هذا الانفصال بينهما ورد في الرسالة الشهيرة التي أرسلها بليني إلى تراجان، كما ذكر في رسائل القديس أغناطيوس أسقف أنطاكية[365]، وبأكثر وضوح في كتابات القديس يوستين[366].
يقول الأب دكس[367] أنه من الطبيعي أن الذي كان يقدس السرّ في القرن الأول هو الأسقف، الذي بلا ريب كانت له الحرية في أن يشكل الصلاة حسبما يشاء في نطاق الخطوط الرئيسية التقليدية، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. هناك أيضًا شهادة تعلن أنه متى انتدب الأسقف كاهنًا لم يكن أكثر تقيدًا منه في ذلك الشأن.
جاء في النسخة الصعيدية للنظام الكنسي المصري: "انه ليس من الضروري أن يتلو ذات الكلمات التي أوردناها، كأنه يتعلم أن ينطق بها عن ظهر قلب أثناء شكره لله، إنما يصلي كل واحد قدر طاقته... لكن يلزمه أن يصلي صلاة صادقة مستقيمة (أرثوذكسية)".
_____
[354] Luk 22 : 15 – 18.
[355] Mat 26 : 26 – 28; Mark 14 : 22 – 24; Luke 22 : 19 – 20; 1Cor 11 : 23 – 25.
[356] Lucein Deiss: Early Sources of the Liturgy.
[357] Acts 2 : 4, 41 – 47; 4 : 32 – 37.
[358] Acts 2 : 42.
[359] Dix 141 – 155.
[360] Hamman: The Mass, p 16.
[361] 1Cor 11 : 23.
[362] Conciluim v 40, p 16.
[363] Schaff vol 2.
[364] 1Cor 11 : 17 – 26.
[365] Smy. 8.
[366] Ap 1 : 65 – 67.
[367] See Dix 156n.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/jesus-eucharist/bible.html
تقصير الرابط:
tak.la/pt4jg46