بعدما يتناول الكاهن يلتفت إلى الشعب حاملًا الجسد المقدس، داعيًا إياهم للاشتراك معه، قائلًا: "القدسات للقديسين". أما هم فيعلنون شوقهم لقبول هذه النعمة، مترنمين بكلمات المرتل: "مبارك الآتي باسم الرب".
عندما يناول الجسد المقدس يقول: "بالحقيقة هذا هو جسد عمانوئيل إلهنا"، ويقول ذات الأمر عندما يناول الدم.
وقد اعتادت الكنيسة أن يتناول الشعب كما الكهنة من الجسد ثم الدم، كل على إنفراد، أما في الكنائس الأرثوذكسية الأخرى فيتناول الشعب الجسد والدم معًا.
يقول الأب نيقولاي جوجول[345]: "في الأيام الأولى من الكنيسة كان الشعب يتناول العنصرين منعزلين مثلما يفعل الكهنة الآن، وكان كل شخص يتناول بيده جسد ربنا الطاهر، ويشرب بنفسه من دمه الطاهر. لكن لما بدأ بعض المسيحيين الذين قبلوا المسيحية حديثًا -وهم في الحقيقة مسيحيين اسمًا- يحملون معهم القداسات إلى بيوتهم يستخدمونها في أغراض السحر والشعوذة، ويتصرفون في الكنيسة بغير لياقة فكان كل منهم يدفع الآخر، صانعين شغبًا، لهذا أمر القديس يوحنا الذهبي الفم ألاَّ يتناول الشعب العنصرين منفصلين بل يُخلط معًا، ولا يُعطيا للشعب في أياديهم بل بملعقة (مستير) مقدسة، تقوم مقام الملقط الذي لمس به الساروف الناري فم النبي إشعياء، مذكرًا إيانا ما هذا الذي تلمسه شفاهنا. بعدما يتناول هو أولًا ثم الشمامسة، يصير خادم المسيح إنسانًا جديدًا قد تطهر بالتناول المقدس من كل خطاياه، عندئذ يكون بالحق قد تقدس في هذه اللحظة وتأهل لمناولة الآخرين.
ففي القرون الأولى، كانت القدسات تُعطى في أيدي المتناولين لا أفواههم، يقدمها الكهنة الحاضرون، أو كما يقول القديس يوستين كان الشمامسة وحدهم يقومون بهذا العمل بين تسبيح الشعب بالمزامير.
يقول القديس كبريانوس: "تأمل في الإفخارستيا، فإن اليد التي تتقبل جسد الرب تحتضن الرب نفسه، فيما بعد تتقبل من الرب لأكاليل السماوية مكافأة لها!"
أثناء التناول يُبتلع الشعب بمشاعر الحب المقدس والمخافة الإلهية والفرح الداخلي والغبطة الكنسية، لهذا يقفون مشتاقون للتنعم بهذه المائدة السمائية، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. إنهم العروس التي تقف لكي تضع يدها في يد عريسها، تسمع صوت التطويب[346]: "طوبى للمدعوين إلى عشاء عرس الحمل".
أما عادة الركوع أثناء التناول فهي غريبة عن طقسنا، كما هي غريبة عن ملامح الكنيسة الأولى، لكنها ترجع إلى اللاتين الغربيين في العصور الوسطى[347].
يقف الشعب مسبحًا بالمزمور المائة والخمسين كمن يدخل الفرح السماوي، ممجدين الله الذي يهبنا هذه العطية غير المنطوق بها، فقد قدم لنا طعام الخلود، مشبعًا إيانا بخبز الملائكة، الخبز السماوي الذي ليس من صنع بشر، بل هو شهي وحلو المذاق[348].
نسبحه نحن الفقراء إذ نأكل ونشبع[349].
نسبحه من أجل ذبيحته غير الدموية التي بها نشترك في آلامه ولاهوتيته[350].
أخيرًا يغسل الكاهن الأواني ويديه مقدمًا الشكر لله، سائلًا إياه أن يكون مع خدامه وشعبه.
يختم الكاهن خدمة الافخارستيا بأخذه قليل من الماء في يده ويرشه إلى أعلى المذبح، وهو يقول: "يا ملاك هذه الصعيدة الطائرة إلى العلو بهذه التسبحة، أذكرنا أمام الرب ليغفر لنا خطايانا".
يمر بيديه على وجهه ووجه إخوته الكهنة، ويضعها على رؤوس الشعب مصليًا صلاة البركة، سائلًا السلام لشعبه، موزعًا الايفلوجيا (لقمة البركة).
أخيرًا يقبِّل المذبح ويدور حوله مترنمًا بالمزمور 46 قائلًا: "يا جميع الأمم صفقوا بأيديكم".
_____
[345] Nikolai Gogol: Med. on the Divine Liturgy, p 51.
[346] Rev. 19 : 9.
[347] Schaff: vol. 2, p 239.
Dix: The Shape of the Liturgy.
[348] Wis 16 : 20.
[349] Ps 21 : 27.
[350] Greg. Naz: p. G. 35 : 576.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/jesus-eucharist/believers-communion.html
تقصير الرابط:
tak.la/gaab52a