يقول الشيخ الروحاني (القديس يوحنا سابا)، عن تقديس الحواس: (أيها الأخ المشتاق برغبة حارة أن تكون في الله وأن تتصل بذاك القدوس الذي لا يعرف خطية، اسمعني بحب واغفر لضعفي).
(رتب حواسك أيها الأخ واحذر لها، إذ منها يدخل موت الإنسان الخفي... امنع نظرك عن التطلع إلى جمال الإنسان الفاني وذلك بالنظر إلى الله. وامنع أذنك عن الاستماع إلى كل سماع رديء وذلك بالاستماع إلى أسرار القدير! واحذر استنشاق الروائح الكريهة... مستبدلًا بذلك رائحة المسيح الذكية! وأغلق فمك بالحذر الكلي... واحفظ فمك متحدثًا مع الله... متكلمًا مع الخالق! والحاسة الخامسة وأعني بها اللمس فسلمها إلى الحافظ الساهر، واطلب العفة في كل حركاتك ولمساتك ليحرسك الرب من الأفكار النجسة!)
(كل من يشاء الآن أن يحفظ نفسه وضميره من الأعمال الشريرة فليحفظ هذه الحواس، وليسلمها في يد الله الأمين معين الضعفاء).
عزيزي... لقد أنعم الله عليك بالحواس التي بدونها تفقد حيويتك كإنسان يحس ويشعر. والحواس فيك تختلف عنها في أي كائن أرضي حيّ آخر، لأن الله قد خصك بإرادة تقوم بالدور الأكبر في توجيه حواسك.
يمكنك إن أردت أن تنطلق بهذه الحواس الخمس لتعمل كطاقات قوية تدفع بنفسك نحو التمتع بالشركة مع ربنا، ونستطيع أيضًا إن أردت أو استسلمت أن تهوى بها إلى أعماق النجاسة فتتمرغ نفسك في الدنس وتظن أن الطهارة ليست لبشر لهم مثل هذه الحواس.
ما أريد أن أؤكده لك، أنك كشاب إن كنت متعبًا جنسيًا، ليس لك قدرة للسيطرة على عينيك وأذنيك وبقية حواسك، فاعلم أن العيب ليس في وجود هذه الحواس بل في توجيهها والانطلاق بها لتعمل في وضعها الصحيح.
+ لكن كيف أوجه حواسي لتعمل للخير وحياتي كلها متقدة بالشهوة؟!
أولًا: لست أطالبك بإغلاق حواسك ولا كبت عملها فيك، بل على العكس أود أن تنطلق بها بعدما يتقدس الداخل فتصير الحواس مقدسة تدفع بك نحو النمو الروحي. الذي يقدس الحواس هو الروح القدس الذي هو ليس ببعيد عنك بل في داخلك يسكن فيك، لكن أنت لا تتجاوب معه!
فالحاجة إذًا هي أن تتعامل مع الروح القدس بأن تجاهد في الصلاة طالبًا أن يملأ قلبك ويضيء حواسك. وقد علمتنا الكنيسة أن نصلي يوميًا قائلين في صلاة الساعة الثالثة: "روحك القدوس يا رب الذي أرسلته على تلاميذك القديسين ورسلك المكرمين في الساعة الثالثة هذا لا تنزعه منا أيها الصالح لكن جدده في أحشائنا".
يشّبه القديس يوحنا ذهبي الفم نفس الإنسان (الطفل) بمدينة (2)، أبوابها هي الحواس، خلالها يدخل المواطنون ويخرجون، بمعنى أن خلالها تفسد الأفكار أو تسير حسنًا (3). مزلاج هذه الأبواب هو صليب الرب المزين بحجارة كريمة وذهب (4). هذه الأبواب للرب، خلالها يدخل البر (مز117 (118):20... (5)
ويقول القديس أنطونيوس:
(الروح القدس يساعد الإنسان على تنفيذ الوصايا التي تعلمها، ويرشده لطرد الشهوات النابعة عن النفس ذاتها مستقلة عن الجسد، أو الشهوات التي لحقت بها عن طريق الجسد.
والروح القدس يعلّم الإنسان أن يحفظ جسده كله -من الرأس إلى القدمين- في تناسق.
فيحفظ العينين لتنظرا بنقاوة!
ويحفظ الأذنين لتصغيا في سلام... ولا تتلذذا بالأحاديث عن الآخرين والافتراءات وذم الغير!
ويحفظ اللسان لينطق بالصلاح فقط معطيًا وزنًا لكل كلمة فلا يسمح لحديث نجس أو شهواني أن يختلط بحديثه.
ويحفظ اليدين لتتحركا طبيعيًا، فترتفعان لصنع الرحمة والكرم!
ويحفظ المعدة ليكون لها حدودًا مناسبة للأكل والشرب وذلك حسب القدر الكافي لقوت الجسد. فلا يترك الشهوة أو النهم ينحرفان بها فتتعدى حدودها!
ويحفظ القدمين لتسلكا حسب إرادة الله بهدف القيام بأعمال صالحة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. بهذا يكون الجسد كله قد اعتاد كل عمل صالح وصار خاضعًا لسلطان الروح القدس فيتغير شيئًا فشيئًا حيث يشارك -إلى حد ما- في النهاية صفات الجسد الروحي الذي يناله في القيامة العادلة (6)).
اختبار: احفظ قطع الساعة الثالثة واصرخ بها سريًا أو بأجزاء منها وخاصة في فترات ما بين الحصص والمحاضرات.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/grow/sanctify.html
تقصير الرابط:
tak.la/bnjk35p