إن كان الإنسان بجسده مع نفسه يمثل كيانًا واحدًا، يحمل طبيعة واحدة هي "الطبيعة الإنسانية" دون أن يفقد الجسم طبيعته ولا النفس أيضًا تفقد طبيعتها، إذ يلتحما معًا في طبيعة واحدة، يعملان معًا بتناغم وتفاعل مشترك في كل تصرف مادي ملموس أو حسي أو عقلي خفي، فلماذا يئن الرسول من جسده، حاسبًا إياه "جسد هذا الموت" (رو24:7) الذي "يشتهي ضد الروح" (غلا17:5؛ 1بط11:2)؟
يلزمنا أن نميز بين الجسم soma الإنساني كخليقة الله الصالحة وبين الجسد sarkis حينما يُعني به الشهوات الجسدية التي تحطم قدسية الجسد والروح معًا، إذ يستعبد الإنسان كل كيانه -نفسه وجسده وفكره وعواطفه وأحاسيسه وطاقاته ومواهبه- لأفكار شهوانية جسدية. هذا ما دفع الرسول بولس للتمييز بين الإنسان الجسداني والإنسان الروحاني، ليس بمعنى أن الأول جسد بدون روح والثاني روح بدون جسد، إنما يقصد بالجسداني الإنسان الذي أسر كيانه جسدًا، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. أما الروحاني فهو الذي يخضع لعمل روح الله القدوس، فيُحسب روحانيًا دون أن يخلع الجسد. يقول القديس أغسطينوس: (من ليس روحانيًا حتى في جسده يصير جسدانيًا حتى في روحه) (17).
حينما يصير الإنسان جسدانيًا لا نلقي باللوم على الجسد وحده، لأن النفس تشارك الجسد خطأه، إذ يقول السيد المسيح: "لأن من القلب (الإنسان الداخلي) تخرج أفكار شريرة قتل زنى فسق سرقة شهادة زور تجديف، هذه التي تنجس الإنسان" (مت19:15،20). ويؤكد القديس أغسطينوس في أكثر من موضع أن سبب السقوط هو انحراف الإرادة عن مسيرها الصحيح (18).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/grow/human.html
تقصير الرابط:
tak.la/j25666r