يقدم لنا الكتاب المقدس صورة حية لأول زواج تمّ بعد خلقة الإنسان مباشرة، زواج رجل واحد من امرأة واحدة، لينعما بوحدة الجسد والروح معًا. كان هذا الزواج يمثل جانبًا مقدسًا من الحياة الفردوسية الإنسانية، يحمل فكر الحب الصادق القائم على المساندة والتعاون والوحدة وليس على أنانية الاستمتاع بلذة وقتية ذاتية.
خلق اللَّه الإنسان على صورته ومثاله (تك26:1،27)، لينعم بشركة الحب الإلهي، ينجذب كصورة نحو الأصل ليمارس دالة الحب مع الله، يلتقي به ويناجيه، يسمع صوته ويتحدث معه في صداقة فائقة وعجيبة. وأعطاه الله حواء ليعيش الاثنان في جماعة حب community of love، يتذوقا شركة الحب الإلهي، لا على مستوى العلاقة الشخصية مع الله فحسب، وإنما على مستوى العلاقة الجماعية أي شركة الحبي بينهما في الله، ليمارسا حركة حب غير منقطع، كُل يحب الآخر في الله. لهذا نجد الكتاب المقدس يربط بين خلقة الإنسان على صورة الله وبين وجود تمايز وتكامل بين الجنسين، إذ قيل: "خلق الله الإنسان على صورته، على صورة الله خلقه، ذكرًا وأنثى خلقهم" (تك27:1).
حتى بعد السقوط، إذ أراد الله الكشف عن حبه لشعبه وطلب اتحادهم معه قدم الحياة الزوجية كظل لعلاقة الله بهم، إذ حسبهم عروسًا له (إش1:5-7؛ 4:54-8؛ إر2:2؛ 32:2؛ خر22:16)، حاسبًا ترك الإنسان له طلاقًا (هو2:1-8)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. بهذا رفع الله نظرة الإنسان إلى الحياة الزوجية.
تحدث السيد المسيح -مخلص العالم- عن الزواج وقدسيته كعودة للحياة الفردوسية قبل السقوط (مت4:19-16)، مقدمًا نفسه عريسًا لشعبه (مر18:2-21). وقد أعلن عن الحب كناموسه أو شريعته الخاصة (غلا2:6)، الحب الذي فيه عطاء كامل للنفس complete self-giving، إذ يقول في ليلة صلبه: "ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه" (يو13:15).
هكذا يكشف لنا الرب أن الحب الباذل للنفس يتحقق في صورة رائعة خلال الزواج، حينما يقدم كل طرف حياته للغير (أف21:5-32).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/grow/group.html
تقصير الرابط:
tak.la/6tvxg2c