محتويات: (إظهار/إخفاء) |
الحق لا المصلحة حقوق مباحة أولًا: حق التأديب ثانيًا: ممارسة الأعمال الطبية ثالثًا: ممارسة الألعاب الرياضية |
يميز القانون ما بين الحق والمصلحة الشخصية، فليس كل ما فيه نفع للشخص أو مصلحة مادية أو معنوية هو حق له. فإن الحق الشخصي وإن كان يراعي مصلحة الشخص، لكنه يضع في حسبانه مصلحة الغير، سواء الأفراد أو الجماعة.
تنص المادة 60 من قانون العقوبات المصري على مبدأ المشروعية أو الإباحة في تقريرها بأنه "لا تسرى أحكام قانون العقوبات على كل فعل اُرتكب بنيةٍ سليمةٍ عملًا بحقٍ مقررٍ..." والحق القانوني مختلف عن المصلحة، "فمن يلقى في الطريق أشياء من شأنها جرح المارة أو تلوثهم إذا سقطت عليهم لا يكون له أن يبرر فعله هذا بالمصلحة المتحققة له بالتخلص منها. فالقانون يجعل من "الحق" وحده لا من "المصلحة" سبب لإباحة الفعل الملائم لتحقيقه أو استخلاص ما ينطوي عليه الحق من مزايا".
يليق بالمؤمن أن يضع الحق فوق مصلحته الشخصية، إذ "المحبة تطلب ما لغيرها".
توجد حقوق يبيحها القانون للناس في حالات خاصة:
"فالمحامى في دفاعه قد يتهم شخصًا، فلا يُحسب هنا مرتكبًا لجريمة السب والقذف".
و"الشاهد له أن يمتنع عن الشهادة ضد المتهم إذا كانت بينهما صلة قرابة أو مصاهرة إلى الدرجة الثانية أو كانت بينهما رابطة زوجية ولو بعد انقضائها(4)".
"وحق عضو البرلمان في التعبير عن آرائه وأفكاره في المجلس أو لجانه"، "وحق النشر الذي يبيح للصحافة وأجهزة الإعلام أفعالًا كانت في الأصل مجرّمة قانونيًا"..."
على أنه توجد قيود لممارسة الحق، منها أن يلتزم الشخص صاحب الحق عند ممارسته له بالحدود والقيود التي حددها القانون، كما يلزم أيضًا حُسن النية لصاحب الحق عند ممارسته إياه، "فالطبيب مثلًا يجب أن يلتزم بأصول المهنة وحدودها حتى لا يخضع فعله للتجريم".
هناك تطبيقات لممارسة الحق هي:
1- حق التأديب.
2- ممارسة الأعمال الطبية.
3- ممارسة الألعاب الرياضية.
ليس في نصوص القانون المصري أي نص يسمح لشخص بالحق في تأديب الآخر، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ومع ذلك فإن هذا الحق ثابت بمقتضى الأديان واتفق عليه العرف القانوني كالوالد والأستاذ أو من في حكمهما على الولد أو القاصر. في بعض الأديان تأديب الزوج لزوجته، ويوجد عرف عام اجتماعي هو حق المخدوم على خادمه.
ويرجع السبب لإباحة حق التأديب إلى رغبة المجتمع في الوصول إلى هدفٍ معينٍ، وهو تقديم سلوكه الخاضع لهذا الحق والتزامه بالطريق لكي يصبح عضوًا ناجحًا ونافعًا لنفسه ولأسرته ولمجتمعه.
على أنه توجد قيود على حق التأديب، وهى تحديد من هو صاحب الحق في التأديب ومن هو الخاضع له. فاتفق فقهاء القانون على أن صاحب الحق في التأديب هو الأب والأستاذ وكل من لهم ولاية على نفس الصغير باعتبارهم هم المسئولين عن تهذيب الصغير وتأديبه. وأيضًا المعلمون والمدرسون الذين يقومون بتعليم الصغير علمًا أو فنًا أو صناعةً أو خلافه... على أنه بالطبع قد ينتفي هذا الحق إذا وضع المشرع نصًا صريحًا يحرم التأديب بوسيلة معينة كالنص القانوني الذي يمنع المعلمين والمدرسين في معاهد التعليم المختلفة استخدام الضرب كوسيلة للتأديب، كما يلزم أن يكون الهدف من ممارسة هذا الحق هو التأديب والتهذيب لا الانتقام أو التعذيب أو مجرد الإهانة والإذلال، فهذا يعتبر سوء استعمال للحق.
فإذا التزم الأب أو الأستاذ أو الزوج بهذه القيود عند ممارسته لحقه في التأديب فلا جريمة في فعله، أما إذا تجاوزها فإن صفة الإجرامية تعود ثانيةً إلى الفعل(5).
لقد أعطى الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد "حق التأديب"، خاصة تأديب الأبناء، وقد ربط هذا الحق بأبوة الله الحانية الذي وهو يؤدب يعلن عن حبه اللانهائي.
فالتأديب لا يحمل روح الانتقام، بل شوق الله نحو تكريم الإنسان ونموه ليحمل صورة الله، ويتكلل بالأمجاد الأبدية.
معيار حق التأديب هو "قلب المُؤدِب"، فقدرما حمل حبًّا نحو أبنائه قدم تأديبًا لائقًا.
وكما أن الله في تأديباته للإنسان لا يُحطم حرية إرادته ولا يطلب مذلته، هكذا يليق بالوالدين ألا يحطما شخصية الابن أو الابنة.
يبيح القانون للأطباء الحق في التعرض لأجساد المرضى وإجراء الجراحة اللازمة لهم كما يُسمح لهم أيضًا بإحراز أنواع من المواد المخدرة بالرغم من أن جميعها أفعال تدخل أصلًا في دائرة التجريم تحت وصف الضرب أو الجرح أو إحراز مواد مخدرة.
والأسباب الرئيسية لإباحة العمل الطبي أنه عمل يحقق للمجتمع المصلحة، وهى علاج المرضى. وهي مصلحة تتخطى أهميتها العقوبة على المساس بجسم آخر، يجرده من الصفة الإجرامية، على أساس أنه فعلًا خاليًا من عنصر العدوان، وملائمًا للضمير الاجتماعي، بكونه عملًا مبررًا مشروعًا لا تقوم به المسئولية الجنائية.
معظم الأعمال الطبية مباحة، ولكن يثور الخلاف حول بعض الأعمال التي تهدف إلى التجميل أو الإجهاض أو نقل الدم أو الأعضاء... والواقع أنه ليس هناك رأي محدد في ذلك.
إذا كانت الغاية من عملية التجميل أو الإجهاض رفع علة أو تخفيفها أو رفع كفاءة أداء البدن لوظائفه كان العمل مباحًا باعتباره في حقيقة الأمر عملًا طبيًا بهدف العلاج. فالإجهاض إذا كان هامًا لتخليص الأم من المتاعب الصحية التي لا يمكن أن تتحملها أو لإنقاذ حياتها كان الفعل مباحًا أما إذا كان الهدف من ورائه هو التخلص من الجنين، فالفعل جريمة والمسئولية الجنائية عنه تقوم.
وبالنسبة لعمليات نقل الأعضاء فتبقى المسئولية موجودة إذا كان نقل العضو يؤثر في حالة الشخص الصحية حتى لو ترتبت عليه إنقاذ حياة المنتقل إليه العضو، وذلك لأنه لا يكون مقبولًا إنقاذ شخصٍ من مرضه عن طريق نقل العضو من آخر وتسبب للآخر مرضًا. وبالنسبة لنقل الدم فالراجح أنه من حق الإنسان التبرع بدمه طالما لا يخشى معه التأثير على صحته البدنية أو تعريض حياته للخطر. هذا وأن الضرورة الاجتماعية تفرض عليه السماح بنقله طالما أن أثره على الصحة وقتي أو يسهل التعويض وذلك لمواجهة حالات الإسعاف الطارئة.
كما في التأديب يلتزم الشخص أن يحمل ظل الحب الإلهي الأبوي في قلبه لبنيان الجيل الجديد، هكذا في ممارسة الأعمال الطبية يليق بالطبيب أن يرى في الله طبيب النفوس والأجساد. فما يحكم قرار الطبيب هو أمانته الداخلية بلا محاباة للوجوه بين غنيٍ أو فقيرٍ أو بين مواطنٍ وآخر، ودون تطلع إلى نفعٍ ماديٍ أو معنوي لشخصه، كأن يستغل عمله الطبي لخبراته العلمية دون التطلع إلى مصلحة المريض.
إن حياة المرضى هي أمانة يُعطي عنها حسابًا لا أمام القانون فحسب الذي يعجز عن إدراك أعماق القلب، بل أمام الله نفسه.
ترجع إباحة الألعاب الرياضية لما لها من تأثير في تربية الشباب والفتيان جسديًا، ورفع الكفاءة العامة لصحتهم البدنية والنفسية.
الألعاب الرياضية نوعان: النوع الأول يمارس عن طريق استعمال العنف على جسد المنافس كالملاكمة والمصارعة. والنوع الثاني وهو لا يفترض العنف إلا أنه قد يترتب عليه عنف بالرغم من إتّباع القواعد الموضوعة للعب مثل كرة القدم والسلة وغيرها.
والقيود على ممارسة العمل الرياضي هي:
* أن يكون العنف قد وقع في أثناء اللعب حتى يكون مباحًا.
* كما يجب أن يلتزم اللاعبون بقواعد اللعبة وأصولها.
* ويوجد قيد شخصي، وهو حسن نية اللاعب، أي يكون العنف بقصد ممارسة اللعبة.
يليق باللاعب أن يربط بين دوره الرياضي واتساع قلبه بالإيمان، فلا تشغله النصرة مهما كلفته من ثمن، بل يشغله وهو يثابر لنوال النصرة أن يقدم روحًا رياضية مسكونية تحمل فكرًا روحيًا متسعًا بالحب. فمع محبته للرياضة بوجهٍ عام وصراعه من أجل كرامة وطنه أو النادي المنتسب إله، يليق به أن يُدرك عضويته في الجنس البشري ككل... فيرى في ممارسته للعمل الرياضي نفعًا لكل إنسانٍ، فلا يفقد سلامه بسبب ما يُدعى بالتعصب الرياضي.
_____
(4) مادة 286 من قانون الإجراءات الجنائية المصري.
(5) مادة 286 من قانون الإجراءات الجنائية المصري.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/faith-vs-allowance/right.html
تقصير الرابط:
tak.la/rmpz8a6