محتويات: (إظهار/إخفاء) |
لقب "أرملة" المكرم شروط الأرملة عريس سماوي سمات الأرملة وعملها تكريم الأرامل العفيفات |
ربما كثرة ترديد اسم "أرملة" يضعف روحك ويبلبل فكرك، إذ صرتِ منكوبة وأنتِ في زهرة عمرك.
أريد أولًا وقبل كل شيء أن أناقش هذا وأبرهن لك أن لقب "أرملة" ليس عنوانًا لمصيبة، بل هو لقب للكرامة. نعم إنه لقب لكرامةٍ عظيمةٍ. فلا تأخذي مفاهيم العالم الخاطئة كشهادة تتمسكين بها، بل تمسكي بنصائح الطوباوي بولس، بل بنصائح المسيح، لأن الرسول إنما يتكلم بواسطة المسيح، إذ يقول "المسيح المتكلم فيّ" (2 كو 3:13).
قال الرسول: "لتُكتتبْ أرملة إن لم يكن عمرها أقل من ستين سنة"، وأيضًا: "وأما الأرامل الحدثات فارفضهن" (1 تي 5: 9، 11). قاصدًا بكلا العبارتيْن أن يشير إلينا بخطورة الأمر، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى.
فعندما نظم موضوع الأساقفة لم يحدد لهم السن، أما هنا فحدّد السن، لماذا؟ ليس لأن الترمُّل أعظم من الكهنوت، إنما لأن الأرامل لهن أعمال عظيمة... فهن محاصرات بأعمال متنوعة، عامة وخاصة. وكما أن المدينة غير الحصينة تكون نهبًا لمن يريد أن يسلبها. هكذا السيدة الشابة الأرملة، كثيرون حولها يترقبونها، ليس فقط أولئك الذين يرغبون في نهب أموالها، بل والراغبون في إفساد عفتها أيضًا. هذا بجانب خضوعها لظروف أخرى تشبه حالة سقوطها، فاستهتار الخدم وإهمالهم في العمل، وفقدانها للكرامة التي كانت لها قبلًا، وتطلعها إلى نديداتها أنهن مازلن في رخاء، واشتياقها إلى الترف؛ هذا كله يغريها إلى الزواج الثاني.
والبعض منهن لا يرغبن في الارتباط برجل في ناموس الزواج، وهن يفعلن هذا حتى يتمتعن بكرامة الترمُّل.
فالترمُّل ليس بمخجلٍ، بل هو موضع إعجاب الرجال وتكريمهم، ليس بين الرجال المؤمنين فحسب بل وغير المؤمنين أيضًا.
فعندما كنت شابًا عرفت أن الفيلسوف (ليبانيوس) الذي كان يعلمني، هذا الذي كان يوقر الآلهة أكثر من كل الرجال، هذا قد أظهر إعجابًا بأمي قبل أن تكون لنا رابطة قوية معه. إذ في استفساره عني كما كانت عادته أن يستفسر عن كل من هم حوله، قيل له إني ابن أرملة. فسأل عن عمر أمي وفترة ترملها. وإذ عرف أن عمرها أربعين عامًا، حيث قضيت عشرين عامًا منذ فقدت أبي، تعجب قائلًا: "يا الله! أية نسوة هؤلاء اللواتي بين المسيحيين!"
هكذا عظيمة هي حياة الترمُّل ومكرمة. ليس في نظرنا نحن فقط، بل وفي نظر من هم خارج الكنيسة...
يقول الرسول بولس: "لتكتتب أرملة إن لم يكن عمرها أقل من ستين عامًا" (1 تي 9:5). ولا يكتفي بهذه التهيئة العظيمة من جهة العمر حتى تُحسب المرأة ضمن هذه الجماعة المقدسة (الأرامل)، بل يتطلب صفات أخرى إضافية. "مشهودًا لها في أعمال صالحة، أن تكون ربَّتْ الأولاد، أضافت الغرباء، غسلت أرجل القديسين، ساعدت المتضايقين، اتبعت كل عملٍ صالح" (1 تي 10:5).
يا الله! أي اختبار هذا؟! وأي تقصٍ؟! كم من الفضائل العظيمة يتطلبها في الأرملة؟! واصفًا إياها بدقةٍ بالغةٍ! الأمر الذي ما كان يفعله لو لم يكن يميل أن يعهد إليهن بعملٍ عظيمٍ ومركزٍ مشرفٍ.
إنه يقول: "أما الأرامل الحدثات فارفضهن"، والسبب في هذا "لأنهن متى بطرن على المسيح يردن أن يتزوجن" (1 تي 11:5). بقوله هذا جعلنا نفهم أن اللواتي فَقَدن رجالهن هن عروسات للمسيح بدلًا من رجالهن. انظري كيف يؤكد هذا عن طريق توضيح طبيعة هذا الاتحاد بهدوء وبساطة. أقصد بذلك قوله: "متى بطرن على المسيح يردن أن يتزوجن"، كما لو أن المسيح زوجًا نبيلًا لا يريد أن يسيطر عليهن (جبرًا)، بل يريد لهن أن يعشن بحريةٍ.
والرسول في مناقشته لهذا الموضوع لم يقف عند هذه العبارات، إذ أوضح في موضع آخر... "وأما المتنعمة فقد ماتت وهي حية"، "ولكن التي هي أرملة ووحيدة فقد ألقت رجاءها على الله وهي تواظب على الطلبات والصلوات ليلًا ونهارًا "(1 تي 5:5، 6).
ويكتب إلى أهل كورنثوس قائلًا: "ولكن أكثر غبطة إن لبثت هكذا" (1 كو 40:7).
إنكِ ترين أية كرامة عظيمة تُمنَح للأرامل، وهذا في العهد الجديد عندما أضاء نور البتولية أيضًا بوضوح. ورغم شدة بهاء هذه الفئة (البتوليين) إلا أنها لا تطغي على أمجاد الترمُّل، حيث تضئ للكل، محتفظة بقيمتها.
فعندما تتحدث عن الترمُّل من وقت إلى آخر، لا تتضايقي أو تخجلي منه كأمرٍ معيبٍ. لأنه لو كان الترمُّل معيبًا لكانت بالأكثر البتولية معيبة، ولكن ليست هذه هي الحقيقة. الله لا يسمح!
فطالما نحن جميعًا نُعجب بالنساء اللواتي يعشن بعفةٍ أثناء وجود رجالهن وهم أحياء، ونحترمهن؛ ألسنا بالأكثر نُعجب بأولئك اللواتي يحتفظن بنفس المشاعر لرجالهن حتى بعد وفاتهم، ونمدحهن على هذا؟!
كما كنت أقول، إنه بقدر ما تتمتعين بكرامة أثناء وجودكِ مع الطوباويTherasius ومكانته كأمر طبيعي تناله زوجة من زوجها، فإنه الآن لك الله، رب الكل، الذي هو من قبل حاميك ولازال يحميك، لكن بأكثر غيرة من قبل.
وكما سبق أن قلت، أعود فأقول إن الله يقوم بدور غير بسيط بخصوص عنايته بكِ، فيحفظكِ سالمة، لا يصيبكِ ضرر وسط مثل هذا الآتون من القلق والحزن، ولا يحملكِ أمرًا غير مفيد.
والآن، إن كان الله لا يسمح بأي تدمير للسفينة في وسط ماء هادئ، فكم بالأكثر يحمي روحك في جو هادئ، ويخفف حمل ترمُّلك ونتائجه التي تبدو لكِ أنها مرعبة!
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/consolation/widow.html
تقصير الرابط:
tak.la/frh5q5x