الرسائل في كتابات الآباء
رسائل القديس يوحنا
رسائله إلى الشمامسة أولمبياس
رسالتان إلى ثيؤدور الساقط
رسالة إلى شابة أرملة
ليتورجيته
الكتابات غير الأصّيلة
الحواشي والمراجع
ثالثًا
رسائله وكتاباته الأخرى
تعتبر القرون الثلاثة (من الثالث حتى الخامس) من أخصب القرون التي ظهرت فيها رسائل الآباء. هذه الرسائل تحسب من أفضل الكتابات الآبائية في الكشف عن حياة كاتبيها وحياة المعاصرين لهم وروح العصر الذي يعيشون فيه.
بخلاف رسالتاه اللتان بعث بهما إلى صديقه في الرهبنة ثيؤدور الذي سقط في حب سيدة يهودية وكسر نذر البتولية وُجد له حوالي 236 رسالة يرجع أغلبها أن لم يكن جميعها إلى فترة نفيه. ولعل القديس يوحنا قد تشبه في ذلك بالرسول بولس الذي لم يكف عن أن يهتم بالكنائس وهو في السجن ببعث رسائل لهم. وقد علق القديس نفسه على تصرف الرسول بولس هذا قائلًا:
"ليس بعد المسافة ولا قيمة الوقت المطلوب ولا ضغط العمل ولا المخاطر أو الكوارث التي تحيق به واحدة تلو الأخرى تقدر أن تنتزع حبه أو تذكره لأولاده...
لم تكن يداه مقيدتان بالسلاسل بقدر ما كانت روحه مرتبطة ومسمرة بأولاده، الأمر الذي أعلنه في مقدمة الرسالة (إلى أهل فيلبي) قائلًا لأنني حافظكم في قلبي في وثقي وفي المحاماة عن الإنجيل وتثبيته(85)...
كان بولس يقطن في العالم كله كما في بيت واحد. هكذا كان دائم التفكير في خلاص الكل، غير مبال بشيء...
لم يعق حبه شيء بشري ما دامت جذوره من فوق في السماء وجزاءه سماوي(86)...".
امتثل القديس بالرسول بولس فبعث رسائل إلى أكثر من مائة شخص تشهد هذه الرسائل عن مدى اهتمامه الحي بإخوته وأولاده الروحيين في سوريا وإنطاكية رغم بعد المسافة وقسوة الظروف التي إحاطة به. حملت هذه الرسائل شهادة صادقة عن غيرته الرعوية وأمدت الخدام بتعزيات، هؤلاء الذين كانوا في قلق وفدوا الرجاء في حال الكنيسة بالقسطنطينية.
ولعل أكبر الرسائل وأعماقها هي السبعة عشر رسالة التي بعث بها إلى شماسته أولمبياس(87)، والتي سبق لنا الحديث عنها(88).
ومن الرسائل الهامة أيضًا رسالتان إلى الأسقف اينوشيت الأولى(89) كتبها قبل نفيه وهو في القسطنطينية بعد فصح عام 404 م.، والثانية كتابها وهو في النفي بجبال القوقاز في نهاية عام 406 م.
مع قلة عدد هذه الرسائل لكنها تحمل تنوعًا، فقد جاء منها.
1. بعض الرسائل مثل الثلاث الأولى قصيرة، كتبها لمجرد حفظ علاقته كأسقف بالشمامسة مع طلب استطلاعه عن أخبارها أو تقديم بعض أخباره لها.
2. يرتفع مستوى بعض الرسائل إلى بحث لمشكلة الألم وتقترب بعضها مثل الرسائل 7 ،8، 10 من مقاليه اللذين كتبهما في تلك الفترة، أحدهما "إلى الذين ينزعجون من الخصوم"، والآخر "لا يقدر أحد أن يؤذي إنسانًا ما لم يؤذي الإنسان نفسه".
3. حملت هذه الرسائل الكثير من الجوانب التاريخية الخاصة برحلته إلى المنفي وحياته في أرمنيا. كما قدمت لنا فكرة واضحة عن حياته التقوية وسلوكه الروحي في هذه الفترة العصيبة...
4. جاءت هذه الرسائل، كل منها يكشف لنا عن ملامح جديدة في أعماق نفس البطريرك المنفي.
أحس القديس بآلام الشماسة، فكانت نصيحته لها هي قراءة هذه الرسائل.. وهو متألم كان يشاركها آلامها، لكنه كان يدفعها للعمل الروحي والخدمة..
5. كان الأب البطريرك يرى في بعض رجال الكتاب المقدس المتألمين نموذجًا حيًا أمامه، بل دخل معهم في علاقة صداقة وحب روحي. هذا الأمر لم يكن جديدًا عليه، فقد مارسه أثناء خدمته قبل النفي، إذ نراه يتحدث في إحدى عظاته على سفر التكوين قائلًا عن الرسول بولس المتألم: "أني أعشقه! لهذا فان اسمه دائمًا على شفتي(90)!".
وفي رسالته الثامنة(91) يطيل الحديث عن شخصية القديس بولس المتألم الذي تعلم أن يموت عن كل شيء محتملًا الآلام.
كتبهما في فترة وجوده بالدير حين سمع عن صديقه قد سقط في محبة سيدة يهودية أغوته فترك الرهبنة، وكان له الفضل في رده إلى طريق الرهبنة بقوة خلال هاتين الرسالتين المملوءتين رجاء(92).
جاء فيهما: "أن تسقط هذا المرتفعة بشري، أما أن تصر على الخطية فهذا عمل شيطاني! السقوط ليس محطم للنفس، لكن البقاء في السقوط على الأرض هو المحطم لها!".
وهي أشبه بمقال، غالبًا كتبها عام 380م، ليعزى أرملة شابة فقدت زوجها Therasius، ويخرجها من حالة الترمل المحزنة إلى "الترمل العامل"....
قمت بترجمتها وتبويبها ونشرها تحت عنوان: "رسالة تعزية".
مقالDe non iterands coniugo فيه ينصح العذارى أن يبقين كما هن(93)، غالبًا ما نشر هذا المقال كملحق للمقال السابق وفي نفس التاريخ.
بخلاف الأيام المعدودة في السنة الليتورجية لدى الكنيسة الروسية واليونانية والتي فيها يصلون القداس الباسيلي فإن بقية أيام السنة يصلون بقداس يوحنا الذهبي الفم.
واللتورجية المدعوة باسمه في شكلها الحالي وضعت في وقت متأخر عن عصره. حتى القرن السابع كانت تسمى "ليتورجية الرسل" ويبدو أنها أخذت اسمها ليس قبل القرن الثامن(94).
ويلاحظ أن مجمع Quinisexta بالقسطنطينية عام 692م يتحدث عن ليتورجية القديس يعقوب وأخرى للقديس باسيليوس ولم تذكر ليتورجية باسم القديس يوحنا ذهبي الفم، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام المقالات والكتب الأخرى. ولعل صيتها الرائع جاء بسبب أنها خاصة بالعاصمة، حلت محل الليتورجيات القديمة للقديس يعقوب وللقديس مرقس في القرن الثالث عشر.
انتشرت في شكلها اليوناني في الأديرة الباسيلية بإيطاليا وفي نصها السلافوتي البيزنطي في أغلب مناطق روسيا. أما أقدم ترجمة لاتينية فوجدت في مخطوط يرجع إلى القرن الحادي عشر أو الثاني عشر في جنوب إيطاليا. كما وجدت ترجمة أخرى لاتينية وضعت في القسطنطينية حوالي عام 1180 بواسطة Pisan مفسر Les Tuscuss.
شهرة القديس جعلت كثير من الكتابات نسبت إليه، فقد طبع حوالي 300 عملًا غير أصيل منسوب إليه خطأ، كما يوجد حوالي 600 عمل في المخطوطات منسوب إليه.
من بين المقالات غير الأصيلة مقال(95) Opus imperfectum in Mathaeum، نال شهرة عظيمة في العصور الوسطى، وهو يمثل تفسير غير كامل في 54 عظة. المؤلف الحقيقة أريوس من القرن الخامس، وقد ظن اللاتين إلى فترة طويلة أنه عمل أصيل لذهبي الفم.
_____
الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:
(85) (في 1: 7).
(86) للمؤلف: الحب الرعوي ص 677- 679.
(87) PG 52: 549-623.
(88) PG 53: 529-536.
(89) راجع الكتاب الأول، فصل 5 (أولمبياس).
(90)In Gen, hom, 11: 5. PG 3: 95.
(91)Epis 8: 11d, 12d.
(92) قمت بترجمتها ونشرها تحت عنوان: ستعود بقوة أعظم.
(93) (1كو 7: 40).
(94) Schaff, vol. 3, p 531.
(95) PG 56: 611-649 .
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/chrysostom/letters.html
تقصير الرابط:
tak.la/b7s23d8