St-Takla.org  >   books  >   fr-salaib-hakim  >   engagement
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الاختيار والخطوبة في الإيمان المسيحي - القمص صليب حكيم

14- الفصل الخامس: السكن مع الأهل

أحيانًا يكون الشاب مضطرًا للسكن مع والديه أو أحدهما في شقتهما لسبب أو أكثر. فلابد أن يكون هذا واضحًا من البداية حتى تبدي الفتاة موافقتها من عدمها. أما موافقة الفتاة فتتوقف على تحليها بحياة البساطة والتواضع والاحتمال، لأن هذه هي التي تسهل الحياة مع آخرين في عيشة مشتركة. بالإضافة إلى بعض الصفات المُعِينة لها على تخفيف عبء المعيشة مع والديْ الزوج وتقلل من مقاومتهما لها. وهى اتصافها بالبشاشة والمرح، وتعوُّد لسانها على الكلمة الطيبة التي تردد ألفاظ الاحترام والمديح والتقدير، وتحليها بروح الخدمة والعطاء، واتساع أفقها لعبور كل الصغائر، وقدرتها على التكيف مع الأكبر سنًا، بناء على القاعدة العامة أن الصغير هو الأقدر على التكيف مع الكبير خصوصًا في مرحلة السن المتقدمة التي من الصعب فيها أن يتغير الكبير عن أسلوبه الذي اعتاد عليه في حياته.

كما على الفتاة أن تدرك أن هناك بعض العوامل التي تشجعها على السكنى مع والديْ الزوج وهى:

أ - مميزات شقتهما من حيث صحيتها واتساعها وحسن موقعها ورقي منطقتها.

ب - معاونة الجد والجدة في رعاية الأطفال في حالة الأم العاملة.

ج - شمول الجد والجدة لابنهما وأبنائه وزوجته بعطاياهما المادية بكل ما يملكانه.

د - البركة الأكبر إذا كان الجدان تقيين سيكون لهما أثر فعال في تقوى وروحانية العائلة الصغيرة وحسن تنشئة أحفادهما.

ومع هذه الاعتبارات جميعها فإن الشاب عليه مسئولية في تقدير ما إذا كانت الحياة ستكون مُمكنة مع والديه من بعد زواجه أم لا، وإن كان في قدرته أن يكون موفِّقًا حكيمًا بينهما وبين زوجته أم لا. وإلا عمل على توفير سكن آخر له ولو متواضعًا قبل ارتباطه. وذلك كعامل أمان لراحة نفسية زوجته، وحتى لا تحس بعد زواجها أنها أصبحت تحت رحمة والديه مهما حدث لها من مفارقات أو متاعب.

كما على الشاب واجب من جهة ما إذا كان له أشقاء أو شقيقات متزوجون، وكلٌ له سكنه الخاص، فهم عادة يرون أن شقة والديهما هي بيت العائلة ويجب أن تظل مفتوحة لهم طالما هما يعيشان أو أحدهما. وهذه الرؤية لا غبار عليها. وعلى الفتاة أن تعيها وتضعها في حسابها.

ولكن يجب أن يعي الشاب بمسئوليته بعد زواجه أن يكون تطبيق هذه الرؤية من جانب أهله بحكمة وتعقل بحيث يراعون حرية الزوجة وراحتها، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. لأنه ليس لها مكان آخر تستريح فيه. وأن يراعوا أن لا يكون بيت العائلة لوكاندة أو فندقًا للداخل والخارج ليلًا ونهارًا، والذي يريد أن يبيت أو يستريح يستريح في بيته ويبيت في بيته ويعطون لشقيقهم وزوجته وأولاده حقهم في أن ينعموا بالراحة والاستقرار في شقة العائلة. وعلى الزوج أن ينظم زيارات أشقائه وشقيقاته بما لا يحرمهم من والديهم أو من لقائهم معًا، وفي نفس الوقت بما لا يقلق راحته أو راحة زوجته وأولاده.

St-Takla.org Image: Homes, houses, apartments - Various photos from Rome, Italy - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, September 16, 2014 صورة في موقع الأنبا تكلا: منازل، بيوت، شقق - صور متنوعة من روما، إيطاليا - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 16 سبتمبر 2014

St-Takla.org Image: Homes, houses, apartments - Various photos from Rome, Italy - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, September 16, 2014

صورة في موقع الأنبا تكلا: منازل، بيوت، شقق - صور متنوعة من روما، إيطاليا - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 16 سبتمبر 2014

أما الفتاة فمهما كان لها من إمكانيات التوافق للحياة مع حماتها إلا أنه يجب أن تتبصر ببعض الخلفيات المحتملة من إقامتها معها حتى تستطيع أن تفسر بها تصرفاتها، فلا تتحول هذه الخلفيات إلى متاعب لها.

ومن هذه الخلفيات:

لمن تكون القيادة - الصراع على إثبات الذات - غريزة التعليق والنقد

 

1 - لمن تكون القيادة: من الصعب على الحماة التي ظلت سنينًا طويلة تقود البيت وتديره وتتصرف في كل شيء فيه، أن تتنازل بسهولة عن هذه القيادة، وخصوصًا أنها تمس بعض الأمور الحساسة مثل:

أ - حرية الطعام والشراب في الكم والكيف وفي أي وقت حسب الرغبة. وإن كان الطعام يسد حاجة أساسية لدى كل إنسان، لكن لدى البعض يأخذ جزءًا كبيرًا من اهتمامه، وكلٌ يسعى لإشباع رغباته.

ب - كذلك مسك ميزانية البيت وما يتبعه من حرية التصرف في مالية البيت إن كان بالتوفير أو بالإنفاق أو بتوجيه مبالغ لأغراض خاصة. وهذا يتضمن بطبيعة الحال السيطرة على مرتب الزوج الذي له حساسية خاصة عند الزوجة، وفي نفس الوقت حماتها تحس أنها الحارسة الأمينة له.

2 - الصراع على إثبات الذات: الذي تسعى إليه المرأة عمومًا من خلال انتظار مدحها على نظافة البيت ونصاعة الغسيل وجودة الطعام وحسن التدبير. وكلٌ يحب أن يكون هو الظاهر في الصورة أمام الغريب والقريب لكي ينال هو المدح والثناء.

3 - غريزة التعليق والنقد: عادة يوجه النقد لكل التصرفات الصغيرة والكبيرة من جانب الحماة لزوجة ابنها مثل مواعيد نومها واستيقاظها وأوقات خروجها ودخولها وطريقة معاملتها لزوجها وأسلوب تربيتها لأبنائها.

وعلاج هذه المتاعب من جانب الزوجة سوف يكون ليس بالتصدي لحماتها ومقاومتها، ولكن باتباع منهج روحي موضوعي للوفاق معها وليس للتصادم وذلك:

1 - بعدم تضخيم هذه المتاعب وعدم اعتبارها عقبة في سبيل التعايش مع حماتها لأن كثيرين تعايشوا معها، وتغلبوا على تفاهاتها. وذلك بالجهد المبذول من الزوج والزوجة والأبوة الروحية وفي بعض الأحيان من الآباء والأمهات الحكماء.

2 - تعطي الزوجة حماتها حقها من الطاعة والاحترام وكلام المديح لكي تكسبها وتكسب محبتها، وإذا انتقدتها في شيء فلا يصح أن تغضب بل بهدوء تطلب منها أن توضح لها ما هو سبيل تصحيح الخطأ. وتطلب إرشاداتها وتوجيهاتها وتحاول أن تستفيد منها. ولا تقف أمام طبعها وعاداتها، لأنه من الصعب أن تغير منها شيئًا.

3 - من جهة الطعام لا يصح أن تخجل الزوجة من أن تأكل وتشبع، لأن هذا حقها على زوجها وهذا هو بيتها ومكان معيشتها.

4 - من الأفضل أن تعطي الزوجة خبرًا لحماتها التي تعيش معها في شقة واحدة بالمكان الذي ستخرج إليه، ولا يصح أن تتجاهلها وتتركها قلقة لأنها مهما كانت فهى زوجة ابنها ويهمها أن تطمئن على سلامتها.

5 - وعلى الزوجة أن تسترشد بالأبوة الروحية فيما يقابلها من مواقف لتعرف كيف تتصرف بعيدًا عن المشاكل، وكذلك تستفسر عما إذا كانت مخطئة أم مصيبة في تصرفاتها.

أما من جانب الزوج فسيكون عليه:

- أن يطيب مشاعر زوجته إذا أسئ إليها أو كانت مظلومة.

- يعطيها مصروف يد خاصًا بها تنفق منه على حاجاتها الخاصة بها.

- يعطيها إحساسًا بأنه يدرك تعبها وجهدها الذي تبذله في البيت.

- يعطيها الثقة طالما تصارحه بكل كبيرة وصغيرة؛ في خروجها ودخولها وفي كل ما يحدث من أمور هامة.

- يهتم بأن يطمئن أولًا بأول على أنها تأخذ حقها من الطعام، وخصوصًا في بداية زواجهما حيث يكون الخجل لازال موجودًا لدى الزوجة.

هناك جانب آخر في السكن مع الأهل، وهو السكنى في شقة مستقلة ولكن في البيت الذي تملكه عائلة الزوج. وهذا يتطلب من الفتاة أن يكون لها القلب الذي يتسع بالمحبة لكل أهل الزوج المقيمين في البيت؛ والروح الاجتماعية التي لا تضيق بعلاقات الأخذ والعطاء مع آخرين حتى وإن كانوا أهل الزوج وذلك في حدودٍ طبعًا. كذلك يكون برنامج خروجها ودخولها فيما بعد كزوجة معروفًا لدى زوجها وتعطيه علمًا به أولًا بأول. لأن هذا أكثر ما يبدي الأهل ملاحظتهم عليه.

وعلى وجه العموم في حالة ما ستكون شقة الزوجية هي شقة والديْ الزوج والإقامة معهما أو بيت أهل الزوج فلا بد أن يكون هذا واضحًا ومتفقًا عليه من البداية. وموافقة المخطوبة على هذا السكن لا يصح أن يكون لمجرد تتميم الزواج بل يجب أن تكون الموافقة مبنية على أساس الإدراك الواعي لتكاليف الحياة المشتركة مع أهل الزوج والتي تتطلب سعة الصدر والاحتمال والصبر وحسن معاملة الكبار المبنية على فهم مشاعرهم وطريقة تفكيرهم والأمور التي ترضيهم وهذا كله يعني أن الفتاة التي ليس لها هذه الإمكانيات هي معرضه للمتاعب التي ذكرنا أسبابها.

وإذا أدرك الشاب أن والدته من الصعب معاشرتها كحماة لزوجته فلا يصح أن يغامر منذ البداية بالسكنى معها و إلا جلب على نفسه أتعابًا من الصعب أن يتحملها.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-salaib-hakim/engagement/living-with-parents.html

تقصير الرابط:
tak.la/4ra364x