للشهادة الدراسية دور في تقييم شخصية الفرد، وهذا جعل لها اعتبارًا خاصًا لدى الكثيرين عند الاختيار للزواج، بل أحيانًا نجد السؤال الأول عند بحث طرف عن الطرف الآخر هو عن مستوى الشهادة. من أجل هذا وجب أن يتضح لأبنائنا التقييم الحقيقي للشهادة الدراسية وإن كانت لا تمثل إلا بُعدًا واحدًا من أبعاد تقييم شخصية الفرد.
والحقيقة أن التفاهم والتبادل الفكري من أخص مظاهر الحياة العائلية بل إنه يغطي جميع المظاهر الأخرى مهما كانت أهميتها، ولاشك أن مستوى التعليم يؤثر إلى حد ما على مستوى التفكير وطريقة التفاهم فكلما كان متقاربًا كلما كان أفضل من الوجهة العامة.
إن مستوى التعليم ليس المقياس المطلق لحسن التفاهم والتبادل الفكري بين الزوجين فإن الثقافة والمعرفة يغطيان على العلم، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. لأن العلم حصيلة منهج دراسي محدود في فرع معين من فروع المعرفة، أما الثقافة والمعرفة فهي متنوعة وبغير حدود وتوسع أفق الإنسان وتزيد خبراته وتجعله أقدر على التفاهم وعلى سلامة الحكم ومواجهة المواقف وحل المشاكل.
وإن كان مصدر العلم هو الحياة المدرسية إلا أن مصدر الثقافة هو الحياة العامة التي تثقف الإنسان ليس بالكتاب وحده بل أيضًا بالاستماع والمشاهدة والعلاقات والتنقل ومعاناة التجارب واختبارات الحياة.
لذلك إذا كان أحد الطرفين أقل من الآخر علمًا فما يعوض نقص علمه اتساع ثقافته. وكثيرًا ما يتفوق المثقف في حياته الأسرية وعلاقاته الاجتماعية على المتعلم بالنسبة إلى أن الأسرة وحدة اجتماعية يغلب على التعامل فيها التفاهم والأخذ والعطاء.
كذلك من جهة حسن التصرف وتدبير الأمور تغطي الحكمة على العلم لأن العلم يكاد يكون مجموعة من المعارف النظرية والحقائق العلمية أما الحكمة فهى حسن التصرف وصلاح التدبير وهما ألزم للحياة العائلية المنزلية، كما يقول الكتاب "الحكمة بَنَتْ بيتها".
ومن جهة أسلوب التعامل مع الآخرين وبخاصة في داخل الأسرة، فالفضيلة والأدب يغطيان على العلم. ومشهور في ذلك القول المأثور "الأدب فضلوه على العلِم" وذلك لأن الإنسان الفاضل المؤدب هو كذلك في ألفاظه وفي تفكيره وفي معاملاته. لذلك يمدح الكتاب المقدس المرأة الفاضلة "امرأةٌ فاضلةٌ مَنْ يَجدُها؟ لأنَّ ثَمنها يَفوقُ اللآلئ" (أم31: 10). فالفضيلة لازمة للحياة الأسرية أكثر من العلم.
لذلك يجب أن تزول عقدة الشهادة عند الاختيار للزواج خصوصًا لدى أصحاب التخصصات العالية من كليات معينة- من الشبان والشابات الذين يعتقدون أنهم إذا لم يتزوجوا من تخصصاتهم بالذات أو ممن هم في مستواها فإنهم سيعيشون في عار أو في فقر طيلة العمر وهو اعتقاد واهم بعيد عن منطق الواقع.
ليس معنى ما سبق استحسان التفاوت الكبير بين الطرفين في المستوى العلمي كما يحدث في إعطاء شاب حاصل على درجة جامعية لفتاة لا تعرف القراءة والكتابة، أو في اختيار شاب لفتاة تفوقه كثيرًا في الشهادة الدراسية وما يتبع ذلك بالضرورة من تفوقها عليه في المركز الاجتماعي، فتعطي فرصة للزوجة غير الفاضلة أن تتعالى على الزوج في معاملاتها وفي تأديتها لواجباتها. فهذه وشبيهها أوضاع تسبب عادة متاعب لكلا الطرفين خصوصًا إذا نقصت الرجل قوة الشخصية أو نقصت المرأة الفضيلة والفطنة في مثل هذه الحالة.
وإن كنا نتكلم عن التناسق بين شريكي الحياة في المستوى العلمي إلا أن السعادة ليست متوقفة بكاملها على مستوى الشهادة أو في نوعها في كل من الطرفين.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-salaib-hakim/engagement/education.html
تقصير الرابط:
tak.la/mcq37w2