محتويات: (إظهار/إخفاء) |
أولًا: استطلاع رأي الناس في الاختيار ثانيًا: ضمان سلامة الحكم |
لعل كل ما سبق كتابته كان يهدف إلى الوصول للحكم السليم على الاختيار حتى يتجنب الإنسان العواقب المتعبة التي تنشأ عن الاختيار الخاطئ أو المتسرع، ولكن كيف يطمئن المرء أخيرًا إلى سلامة حكمه على الاختيار؟
يميل كثير من المتقدمين للاختيار أو الذين انتهوا من الاختيار إلى استطلاع رأي الآخرين في الطرف الذي اختاروه وذلك رغبة في الاطمئنان أو التأكد من سلامة الاختيار. فإلى أي مدى نأخذ برأي الناس في عملية الاختيار؟
إن ردود الناس وإجاباتهم تختلف حسب نوعياتهم، وينقسم الناس عادة في آرائهم إلى:
1 - من هو مجامل وهم الأغلبية وهؤلاء رأيهم غير محدد لأنهم ينظرون إلى الاختيار للزواج على أنه أمر شخصي ومزاج خاص يجب ألا يتدخلوا فيه.
2 - ومن هو صريح وهؤلاء ينقسمون إلى:
أ - أصحاب رأي ذاتي وهم يبدون رأيهم وحكمهم حسب قيمهم الذاتية وفكرهم الشخصي دون النظر إلى حالة الاختيار بعينها وما يكتنفها من ظروف وملابسات خاصةً بطرفيْ الاختيار. وهؤلاء يُستبعد رأيهم من الاعتبار لأنه رأي غير حكيم، شكلي نظري وبعيد عن الواقع.
ب - أصحاب رأي موضوعي وهم من يبدون رأيهم من خلال نظرة واقعية إلى طرفي الاختيار ومدى مناسبة كل منهما للآخر حسب الوضع الراهن أمامهم، وهؤلاء قليلون وإن كان رأيهم أنفع الآراء لمن يريد الاطمئنان على سلامة الاختيار. ولكننا نلاحظ أن قليلين أيضًا هم الذين يستفيدون من الآراء النافعة.
لذلك نقول بصفة إجمالية من جهة رأي الناس والاختيار إنه لا يستطيع أن يعرف رأي الناس السديد إلاَّ من يُميز بحكمة بين الفئات المذكورة كما لا يستطيع أن يستفيد من الرأي السديد إلاَّ من عنده الاستعداد للتنازل عن رأيه في الاختيار إذا كان خاطئًا ويرحب بالاستنارة بالآراء المفيدة من الآخرين.
قد يستوعب المرء مبادئ الاختيار المذكورة في هذا الكتيب ثم يفكر كيف يطبق هذه المبادئ وما هو ضمان سلامة التطبيق وسلامة الحكم أو كما يقول بعض الشباب كيف أعرف أن الله راض عن هذا الاختيار.
هناك بعض الضمانات لسلامة الاختيار أهمها:
1 - الشعور بالارتياح والرضا عند الإنسان تجاه الطرف الآخر. لذلك يحرص تقليد الكنيسة على أن يوجه الأب الكاهن سؤالًا للخطيبين -كل منهما على حدة- عن مدى موافقة كل طرف على قبول الطرف الآخر(1). حتى إذا كان هناك أدنى اعتراض من أحد الخطيبين أوقف المراسيم الدينية.
2 - رضاء الكبار من أقرب الناس إلى الإنسان وأخصهم الوالدان أو من يليهما في القرابة في حالة عدم وجود أحدهما أو كليهما. لذلك حرصت الكنيسة على أن يكون هناك وكيل لكل من الخطيبين(2). مثل الوالد أو العم أو الخال أو الأخ الأكبر أو من يليهم في القرابة في حالة عدم وجودهم.
وإذا لم يرض الكبار عن الاختيار لأي سبب شخصي -مثل تفاوت الفكر والثقافة بين جيلهم وجيل أبنائهم أو غيره من الأسباب مما تحتمه طبيعة الحياة الاجتماعية المعاصرة- فلا مانع من أن يبذل المرء محاولات لإقناعهم بنفسه شخصيًا أو بتدخل آخرين إذا لزم الأمر، وإذا تعسر إقناعهم فيحسن عدم الإقدام على الارتباط بهذا الاختيار ولاسيما إذا كانت لديهم أسباب وجيهة وقوية لهذا الرفض.
3 - سير الأمور بسهولة وتذليل الله للعقبات والمعوقات فهذا يشير إلى رضاء الله بتتميم هذا الموضوع فهو الذي يسهل الخطوات للمؤمنين بمحبته والمتكلين عليه من كل قلوبهم. كما يقول المزمور "سَلِّم للربِّ طريقك واتكل عليه وهو يُجري" (مز37: 5).
4 - عامل الزمن الذي يكشف بعض الأمور المختفية التي قد تكون معوقًا في المستقبل لسلامة الحياة العائلية، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ويصل المرء إلى هذا الكشف من الاهتمام بتعرف عائلة الشاب وعائلة الفتاة على بعضهما البعض وتأكد كل عائلة من ظروف وأحوال العائلة الأخرى بالزيارات المتبادلة خصوصًا إذا كان الطرفان من عائلتين ليس بينهما علاقات سابقة. ولذلك تُلزم الكنيسة الطرفين بضرورة انقضاء فترة زمنية مناسبة بين الخطوبة والإكليل(3)، وذلك حتى لا تكون الموافقة مبنية على حكم متسرع.
ونشير إلى أن كل العناصر التي عُرضت عن الاختيار لا نواجهها جميعًا في حالاتنا الفردية، إنما نواجه إحداها أو بعضًا منها كل منا حسب ظروفه وقد عُرضت من باب التنوير والتبصير من أجل تفادي ما يمكن أن يواجهه الشاب أو الفتاة من وضع قد يتسبب لهما في متاعب تؤرق حياتهما الأسرية.
_____
(1) القمص عبد المسيح سليمان - مجموعة صلوات الكنيسة - مكتبة مارجرجس بشيكولاني 1943 - ص 5.
(2) نفس المرجع السابق.
(3) بطريركية الأقباط الأرثوذكس بالإسكندرية، إعلان يناير 1972، البند "3".
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-salaib-hakim/engagement/choice-final-word.html
تقصير الرابط:
tak.la/d2fx7fq