محتويات:
(إظهار/إخفاء) إذا
كانت
الكنيسة هي
بيت الله الأرضي فهيَ صورة لبيته السماوي، وإن لم تكن لي شركة
معه في بيته الأرضي ولم أتعلَّم السُّكنَى معه فيه فلا تصلح لي السُّكنَى معه
في بيته السماوي لأني لم أتعوَّد عليها ولم أعايشها ومن ثم لا يكون لي نصيب معه. كذلك إن لم أسعَ لنوال بركة خدمة ملائكة
بيت الله وأنا على الأرض فسوف لا
أنال خدمتهم ومعونتهم بعد انتقالي. وإن لم أتعلَّم
الصلاة والتسبيح وأتذوَّق
حلاوتهما مع الله في وسط جماعة المؤمنين في
الكنيسة المجاهدة فسوف لا أعرف كيف
أُشارِك المؤمنين تسابيحهم السماوية أمام العرش الإلهي في
الكنيسة المنتصرة.
وإن ألهتني مشاغل العالم واستغرقتني شهواته سوف أغرق في مياهه وأدفن فيه وأهلك
هلاكًا أبديًا. إذًا
الكنيسة ضرورة
حتمية لأبديتي. لأنَّ حياتي فيها شبه حياة السماء وإعداد لها. فهيَ مسكن الله
وبيت
الملائكة وهى قُدَس أقداس ومكان التسبيح والتهليل وشركة الحب مع الله وطغماته السمائية. هي مجتمع الحب والسلام وهى مكان الشبع والارتواء الروحي. وهى
مكان التعانق الروحي بين المؤمنين بعضهم مع بعض وبينهم وبين الله. فيها تُمحَى
كل المشاعر الحسية والأفكار الأرضية وترتقي كلها للأمور السماوية. وماذا ستكون
لنا السماء سوى هذه كُلّها. بل وبصورة أعظم وأبهج من خلال لغة السماء وطبيعة
الحياة السماوية ومستواها! هذا هو الجانب
الأوَّل في أهمية
الكنيسة أمَّا الجانب الثاني فهو: فكما يُستهلك
الإنسان جسديًا حسب نوع العمل الذي يُباشره وكمية الزمن الذي يستغرقه
فيه، وكما يُستهلك عصبيًا بقدر الجهد الذي يبذله، وكما يُستهلك
نفسيًا بمقدار ما يعانيه من تعب وصراع ومناوشات في معاملاته، هكذا يُستهلك
الإنسان روحيًا بمقدار ما يواجه من عثرات ومن حروب روحية وما يعانيه من
مقاومة ضد مغريات العالم وشهوات الجسد، وما يُصادفه من مضايقات وآلام وأمراض.
وإذ الله هو خالقنا وصانع جبلتنا فقد أوضح لنا أقصى مدة يمكن أن يحتملها كياننا
من مقاومة ومعاناة وقدرة على التصدِّي والمواجهة بعدها تخور قوانا ويتسرَّب
الفتور إلى حياتنا ونحتاج إلى المعونة والمساندة وتجديد القوة. وهذه المُدَّة
هي ستة أيام فقط. لذلك خصص الله اليوم السابع لراحة الإنسان من أعماله
العالمية وقَدَّسه لعبادته أي لراحة روحه وتجديد قوتها ونشاطها بسماعها كلمة
الله وتقديم ذبائح شكرها وتسبيحها لله وطلب رحمته وغفرانه، وامتلائها روحيًا
بما يعينها على معايشة العالم إلى حين عودتها
لبيت
الله في الأسبوع التالي
لمعاودة الامتلاء. وإن كان هذا احتياج الإنسان منذ آلاف السنين فكم يكون
احتياجه لتجديد قوَّته كل يوم وليس كل أسبوع في أيامنا هذه المتخمة بالشرور
والمظالم. وقد تنبه آباؤنا الروحيون حديثًا لهذا الاحتياج المعاصر فصارت
القداسات ترفع كل يوم ولا تقتصر على يوم الأحد وحده. ويؤكِّد هذا الاحتياج
تجربة الحياة اليومية لأبنائنا الذين يشكُّون من أن التموين الروحي الذي يحصلون
عليه من
القُدَّاس الإلهي لا يكفيهم إلى نهاية الأسبوع فبعضهم بعد خمسة أيام
والبعض الآخر بعد ثلاثة أيام يبدأ يخور ويضعف أمام تيارات الشر المحيطة به
وضغوط الحياة التي تفتُّ في عضده وتضعف حماسه الروحي وتصيبه بالفتور. وإن كان هذا حال
الذين يَتردَّدون على
الكنيسة فكم بالحريِّ يكون حال البعيدين عنها؟ حقًا إنهم
أحياء بالجسد ولكنهم أموات بالروح وهم لا يدرون. هذا هو الجانب
الثاني من أهمية
بيت الله أمَّا الجانب الثالث فهو:
أ - الكنيسة وسيلة ضرورية لبلوغ السماء
ب - الحاجة إلى التموين الأسبوعي
حـ- اتقاء غضب الله من كاسري وصية السبت
كيف نقتني بركات بيت الله
الإنسان الأحمق
كيف نتجنَّب الحماقة
أ -
الكنيسة وسيلة ضرورية لبلوغ السماء:
ب - الحاجة إلى التموين الأسبوعي:
حـ- اتقاء غضب
الله من كاسري وصية السبت:
إنه من محبة الله لشعبه وحرصه على عدم موتهم الروحي
الذي يؤدِّي بهم للهلاك الأبدي وضع لهم عقابًا رادعًا لكي يخيفهم ويرهبهم من
إهمالهم تقديس اليوم السابع فوضع حكمًا لهم "تَحفَظونَ السَّبْتَ لأنَّهُ
مُقدَّسٌ لكم. مَنْ دَنَّسَهُ يُقْتَلُ قَتلًا. إنَّ كُلَّ مَنْ صنع فيه
عَملًا تُقْطَعُ تِلْكَ النَّفْسُ من بين شَعْبها" (خر31: 14). ولم يكتفِ
بتشريع الحكم بل نَفَّذه فعلًا في إنسان وجدوه يَحتطب حطبًا يوم السبت فأمر
الله
موسى "قَتلًا يُقْتَلُ الرَّجُلُ. يَرْجُمُهُ بحجارَةٍ كُلُّ الجماعةِ... فأخْرَجَهُ كُلُّ الجماعة إلى خارج المحلة ورَجَمُوه بحجارَةٍ، فماتَ كما
أمَرَ الرَّبُّ
موسى" (عد 15: 35، 36). وإن كان اليوم لا يُقتل مُخالف وصية
الأحد. إلاَّ أن الموت الأبدي الذي ينتظر مُخالف الوصية أشنع بما لا يُقاس من
موت الجسد. وهذا ما يدفع كل إنسان إلى الاهتمام بالمواظبة على
بيت الله ومداومة
الارتباط به.
أمَّا سبيله إلى هذا الامتلاء فله مداخل جوهرية:
المدخل الأول الاتضاع في العبادة لأنه كما يقول داود النبي "القلب المُنكَسِرُ والمنسَحِقُ يا الله لا تَحتقِرُهُ" (مز51: 17). وقد قدَّم السيد المسيح لنا مَثَل الفريسي والعشار نموذجًا للإنسان المُتَّضِع الذي ينال بركة الرب في بيته والإنسان المُتكبِّر الذي يَخرج منه فارغًا. حيث أنَّ العشَّار الذي لم يشأ أن يَرفع عينيه نحو السماء بل قَرَعَ على صدرهِ قائِلًا: الَّلهُمَّ ارحمني أنا الخاطئ، نَزلَ إلى بيتهِ مُبرَّرًا دون الفريسي الذي وقَفَ يَفتخر بأعمالهِ أمام الله ويَذم العشار على خطاياه (لو18: 9 - 14).
والمدخل الثاني هو صفاء النَّفْس بخلوها من أيِّ حِقْدٍ أو ضغينة ضِدَّ أي إنسان أساء إليها وذلك بصفحها عنه وعدم التفكير في الانتقام منه، لأنَّ مثل هذه النَّفْس هي التي تنال مغفرتها من الله نظير رحمتها بالآخرين ومغفرتها لهم. لأنه لا مغفرة لِمَن لَمْ يغفر (مت6: 15) ولا رحمة لِمَن لم يرحم (يع2: 13). وليس هناك بركة أعظم من مغفرة الخطايا ينالها الإنسان من الله.
المدخل الثالث: تجنب العبادة السطحية الشكلية وذلك بالتركيز في شخص الله وفي كل عبارة نوجِّهها له في صلاتنا وهذا ما نُسمِّيه الدخول إلى العُمق الذي يرتفع بمستوى عبادتنا لله إلى السجود له بالرُّوح والحقّ (يو 4: 24) وفيه نُصلِّي بالروح وبالذهن أيضًا (1كو 14: 15) حينئذٍ نمتلئ روحيًا ونجني ثمار عبادتنا.
وحيث أن حياتنا الروحية لها دروب ومسالك كثيرة في الجهاد والصعود الروحي، وفي نفس الوقت عدو الخير له حِيَلهُ ووسائله المتنوعة لجذبنا للعالم وتوجيه اهتمامنا للأمور الأرضية والجسدية وتوانينا في واجباتنا الروحية وتكاسُلنا عن بيت الله ينبوع تعزيتنا والذي يُعتَبر أقوى وسيلة لاتحادنا بالله وبجماعة المؤمنين، كما يُفرِّحنا ويصنع منَّا مواطنين صالحين لسُكنَى السماء. لذلك وحتى لا نخسر فعاليات كل عطايا بيت الله مما يفقدنا السماء أيضًا بكل أمجادها نحتاج لمعرفة الطريق العملي لتجنُّب الحماقة وعلاج كل ما يُعطلّنا عن بيت الله ويبصرنا بحيل إبليس وكيف نتغلَّب عليها، والشروط التي يمكن أن نراعيها لاستفادتنا بأكثر قدر من عطايا ونِعَم بيت الله حتى نمسك بأهداب السماء ونتعلَّق بخيوط الحياة الأبدية. لذلك أفردنا كتابًا آخر لهذا الغرض. وإلى أن نلتقى معك فيه. كن معافى. الرب معك.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-salaib-hakim/church-heaven/gods-home.html
تقصير الرابط:
tak.la/2rrtm8m