St-Takla.org  >   books  >   fr-salaib-hakim  >   church-connection
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب كيف أرتبط بالكنيسة - القمص صليب حكيم

4- الفصل الأول: المعوقات

محتويات: (إظهار/إخفاء)

المجموعة الأولى
المجموعة الثانية
المجموعة الثالثة
ذبيحة الصليب التي هي سر خلاصنا

إن للشيطان حيلًا كثيرة ومتنوعة يعيقني بها عن الحضور إلى بيت الله. وهذه الحيل متدرجة في مجموعات، كلما فشل في مجموعة منها استخدم المجموعة التي تليها.

أما المجموعة الأولى:

فهي التي يعيقني بها أساسًا عن الذهاب إلى الكنيسة وأهمها:

عدم تحقق مطالبي التي أصلي من أجلها - وجود منازعات بيني وبين آخرين لسبب أو لآخر - شعوري بعدم الاستحقاق لدخول الكنيسة بسبب خطاياي - اشتياقي مع كسلي - تعللي بعدم توفر ملابس مناسبة أو فلوس للعطاء أو ذهب للزينة - بعض الأمراض المزمنة - كَسَل أهل البيت - التعلل بأن ربنا رب قلوب وأهم شيء هو عمل الإنسان - التعلل بالانشغال بالعمل وكثرة المسئوليات - قضاء مهام من الصعب قضاؤها في وسط الأسبوع - التعلل بالهوايات والزيارات والنادي - التعلل بالمتدينين المنافقين - إلقاء اللوم على الأب الكاهن لعدم افتقادهم - عدم فهم ما يُقال بالكنيسة والصلاة باللغة القبطية - أصحاب المناصب العليا والثروة والجاه - خدمة الكنائس والأديرة ومُجالسة رجال الدين - القنوات الفضائية - الناس ينظرون إليَّ - طول مدة الغياب عن الكنيسة - حدوث موقفٍ ما مع الكاهن - عدم الاشتراك في الخدمة - الظروف الوقتية الضاغطة - البعض يعمل في أماكن لا تغلق أبوابها طول الأسبوع - أمور تحتاج إلى وعي ولا يصح أن تمنع الإنسان عن حضور الكنيسة (موت أحد أفراد الأسرة - إعداد إفطار الزوج والأولاد - وجود ضيوف - الأفعال المُفْطِرَة: شرب السجاير - أخذ الأدوية - العلاقات الجسدية)

 

1 ـ عدم تحقق مطالبي التي أصلي من أجلها، حيث يستغلها في إقناعي أنه لا فائدة من الصلاة في الكنيسة طالما أن الله لا يسمع لي ولا يستجيب لطلباتي، وهذه الحيلة تحتاج مني أن أعرف أمرين:

أولًا: إن صلاتي من أجل مطالب خاصة هي غرض واحد فقط من أغراض حضوري إلى بيت الله التي تشتمل على تقديم الشكر لله على عطاياه المتعددة لي، وتسبيحه وتمجيده كإله خالق وسيد ومخلِّص، وتقديم توبة واعتراف بخطاياي وطلب الحِلّ عنها، وسماعي لكلمة الله، واستنارتي بتعاليمه، واشتراكي في الوليمة السمائية. فلا يصح أن أخسر كل هذه البركات من أجل طلب معين لم يستجبه لي الله.

ثانيًا: إن الاستجابة لمطالبي يجب أن تتوفر لها شروط الصلاة المستجابة، وهى الإيمان، ونقاوة القلب، واللجاجة. وحتى إذا اكتملت هذه فهناك شرطُ تركِ المشيئة لله في الاستجابة أو عدم الاستجابة. لأن أ ـ كل شيء له موعد في علم الله لتحقيقه، لأن "لكل شيء زمان، ولكل أمر تحت السماء وقت" (جا3: 1). ب ـ إنني لا أعلم ما أصلي لأجله (رو8: 26) والله يعرف ما هو لصالحي أكثر مما أعرفه أنا. وقد يكون الأمر صالحًا في نظري ولكنه ليس هكذا في نظر الله.

 

2 ـ وجود منازعات بيني وبين آخرين لسبب أو لآخر: وهذه الحيلة يمكن أن تمنعني فقط من التناول ولكنها لا تمنعني من حضور الكنيسة. بل تدفعني أكثر إلى الحضور لكي أسمع صوت الله الذي يرشدني في هذا الأمر، وأبث لديه شكواي وأطلب منه أن يهدئ قلبي ومشاعري من جهة الآخرين ويُبعد عني كراهيتي لهم أو حقدي عليهم، ويعطيني أن أعذرهم في تصرفاتهم وأن أرجع باللوم على نفسي أكثر من لومي لهم. أما غضبي منهم مع حضوري الكنيسة وحرماني من التناول فسيدفعني أكثر إلى الإسراع في مصالحتهم حتى لا يطول هذا الحرمان. ويشجعني على تنفيذ هذا تذكُّر الوصية "مُسرعين إلى حفظ وحدانية الروح برباط الصُّلح الكامل" (أف4: 3) ـ ترجمة قبطية.

 

St-Takla.org Image: The five foolish virgins with no oil in their lamps - from St. Berbara Church, El Zawia El Hamra, Cairo, Egypt - October 2011 - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org صورة في موقع الأنبا تكلا: العذارى الخمسة الجاهلات يحملن آنية فارغة ومصابيح مطفأة - من صور كنيسة الشهيدة بربارة، الزاوية الحمراء، القاهرة، مصر - أكتوبر 2011 - تصوير مايكل غالي لـ: موقع الأنبا تكلا هيمانوت

St-Takla.org Image: The five foolish virgins with no oil in their lamps - from St. Berbara Church, El Zawia El Hamra, Cairo, Egypt - October 2011 - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org

صورة في موقع الأنبا تكلا: العذارى الخمسة الجاهلات يحملن آنية فارغة ومصابيح مطفأة - من صور كنيسة الشهيدة بربارة، الزاوية الحمراء، القاهرة، مصر - أكتوبر 2011 - تصوير مايكل غالي لـ: موقع الأنبا تكلا هيمانوت

3 ـ شعوري بعدم الاستحقاق لدخول الكنيسة بسبب خطاياي: إنه شعور طيب أن أحس بخطاياي وأعترف بأني خاطئ مقارنًا نفسي بقدسية بيت الله وطهارته وعدم استحقاقي لدخوله بسبب خطاياي، كما يقول القديس الأنبا شنوده رئيس المتوحدين "لا يصح أن يمتلئ بيت الله من الأنجاس والقديسين معًا". ولكن لا أنسى أنه بعيدًا عن بيت الله ليس لي خلاص وليس لي تقديس. فأنا محتاج لبيت الله لأجل خلاصي وتقديسي ولا يصح أن يمنعني شعوري بخطاياي عن حضور الكنيسة، لأن المريض أكثر احتياجًا للطبيب عن السليم المعافى. كما قال السيد المسيح "لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى. لم آت لأدعو أبرارًا بل خُطاةً إلى التوبة" (مت9: 13،12).

 

4 ـ اشتياقي مع كسلي: أحيانًا أكون مشتاقًا إلى بيت الله ولكنني أتكاسل عن الذهاب إليه. وهذا يحتاج مني إلى توبيخ نفسي كيف أنني طول الأسبوع أقوم مبكرًا إلى عملي أو مدرستي أو كُلَّيتي ما عدا يوم القداس؟ وإذا تعللت أن هذا اليوم عطلة وأحتاج فيه للراحة من تعب الأسبوع فأنا محتاج أن أتذكر الوصية "ستة أيام يُصنع عمل،ٌ وأما اليوم السابع ففيه سبتُ عُطلةٍ مُقدَّسٌ للرب" (خر31: 15). بما يعني أن هذا اليوم هو مِلك للرب ومقدس له، ويجب عليَّ أن أقدسه أي أكرسه لعبادته. وإذا كان جسمي محتاجًا إلى راحة فبعد حضوري القداس الإلهي يمكن أن أعود إلى بيتي وأنام ساعة أو أكثر بعد أن أكون قد أديت واجب عبادتي لله وترائيت أمام "مذبح الله تجاه وجه الله الذي يُفَرِّح شبابي" (مز42: 4).

 

5 ـ تعللي بعدم توفر ملابس مناسبة أو فلوس للعطاء أو ذهب للزينة: لا شك أنه يجب أن أظهر أمام الله بأفضل ما لديَّ من مَلْبس وزينة ومال، لأني بهذا أعبِّر عن شكري له واعترافي بعطاياه واحترامًا وإكرامًا لجلاله ولبيته، ولكن معروف أن الله لا يقبلني أو يتقبل عبادتي بملابسي أو بأموالي بل بنقاوة قلبي وطهارة يديَّ. هذا من جهة، ومن جهة ثانية الله يقبلني في تواضعي وانسحاقي وليس في افتخاري أو كبرياء مظهري، وثالثًا فإن الملبس النظيف وفيه ذوق وبساطة يُفضَّل كثيرًا عن الملابس الغالية والصارخة في مظهرها، ورابعًا العطاء هو في صناديق الكنيسة وليس من يطَّلِع على عطائي إن كان كثيرًا أو قليلًا، والله وحده هو المطَّلع عليه. إذًا يجب ألا يجعل إبليس هذه الأمور سببًا يعطلني عن مجيئي إلى الكنيسة.

 

6 ـ بعض الأمراض المزمنة: قد أمتنع عن الكنيسة بسبب خجلي مما أعاني من مرضٍ أضايق به المصلين من حولي. في هذه الحالة يمكن أن أذهب إلى الكنيسة على أساس أنه إن كان مرضى في حالة تأزمه يتسبب عنه حدوث صوت عال فيمكن أن أقف في الصفوف الأخيرة في الكنيسة بحيث عند حدوث الأزمة أكون قريبًا من الباب فيسهل خروجي ثم أعود للصلاة. وإن كان مرضي لا يحتمل كتمة نَفَس فيمكن أن أختار مكانًا بجوار إحدى نوافذ الكنيسة لكي أكون قريبًا من الهواء. وإذا كان مرضي لا يحتمل كثرة الوقوف أثناء القداس أو يسبب رعشة أو حركة عصبية متكررة تلفت نظر المصلين فيمكن أن آخذ مكانًا جانبيًا أو خلف أحد الأعمدة لكي أقضي قداسي بعيدًا عن ملاحظة المصلين، وهكذا لا أحرم نفسي من أخذ بركة حضوري إلى الكنيسة بسبب مرض ما.

 

7 ـ كَسَل أهل البيت: أحيانًا أرى أنه لا أحد من أفراد الأسرة الكبار والصغار مهتمًا بالذهاب إلى الكنيسة فيكون هذا عاملًا مُحبطًا لي لذهابي أنا أيضًا. أو قد أرى حرجًا في شذوذي عنهم جميعًا بذهابي للكنيسة. ولكن يجب أن أعي أن كل إنسان مسئول عن نفسه أمام الله، وتقصير وتهاون الآخرين في واجباتهم نحو الله سوف لا يعفيني أنا من دينونة الله لي على تهاوني وتقصيري. ثم ماذا يمنع من أن أكون أنا نفسي قدوة لكل أهل البيت في ذهابي إلى الكنيسة والاهتمام بحياتي مع الله وقيامي بواجباتي نحوه؟

 

8 ـ التعلل بأن ربنا رب قلوب وأهم شيء هو عمل الإنسان: وهذه العلة أتعلل بها بحجة الآية التي تقول: "ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السموات. بل الذي يفعل إرادة أبي الذي في السموات" (مت7: 21). ولكني أخطئ في فهمي لخلاصي الذي لا يتم إلا بالإيمان والأعمال معًا.

وحقًا ليس كل من يُصلِّي يدخل ملكوت السموات وذلك إذا كانت أعماله شريرة، ولكن أيضًا من يعمل الخير بعيدًا عن حياة الإيمان فليس له نصيب في خلاص المسيح، كما يقول بولس الرسول: "لأنكم بالنعمة مخلصون، بالإيمان.. ليس من أعمال كيلا يفتخر أحد" (أف2: 9،8). وإن كان المسيح له المجد قال: "أريد رحمة لا ذبيحة" (مت9: 13) لكنه قال أيضًا: "كان ينبغي أن تفعلوا هذه ولا تتركوا تلك" (مت23: 23). إذًا ليس عمل الإنسان وحده هو الذي يُخلِّص الإنسان. بل لابد أن يكون مقرونًا بالإيمان والممارسات الإيمانية من أصوام وصلوات واعتراف وتناول لأن هذه وسائط لا غنى عنها للخلاص. والذي يتكل على عمله فقط فهو يتكِل على بره الذاتي وبره هذا لا يُدخِله ملكوت السموات. لأن الإنسان لا يتبرر بعمله بل بإيمانه بالمسيح كما يقول معلمنا بولس "إذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح" (رو5: 1).

 

9 ـ التعلل بالانشغال بالعمل وكثرة المسئوليات: كثيرون يندمجون في وظائفهم وأعمالهم ومشروعاتهم ليلًا ونهارًا، ولا يعرفون يوم أحد أو أربعاء أو جمعة، ولا يوفرون لله ساعة أو ساعتين في عطلة الأسبوع لعبادته في بيته، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ثم يحاولون أن يبرروا موقفهم أو يُسكِّتوا ضمائرهم بقولهم "العمل عبادة" وهى عبارة غير مستخدمة عندنا. فالعمل واجب لأنه "إن كان أحد لا يُريد أن يشتغل فلا يأكل أيضًا" (2تس3: 10). لكنه يختلف عن العبادة الواجبة التقديس لله، وإلا لما كان قد تخصص للعبادة العامة يومٌ في الأسبوع بوصية ثابتة (خر20: 10،9). وإن كان الرؤساء والوزراء والمديرون يأخذون اليوم السابع عطلة يقدمون فيه العبادة لله في معابدهم ويروّحون فيه عن أنفسهم. فهل ستكون مشغولياتي أكثر وأخطر من كل هؤلاء، وإن كان القانون قد أعطاني حق العطلة الأسبوعية وليس من حق رئيسي أن يحرمني منها، فإن اشتغلت فيها بإرادتي لكي أشغل وقتي ولا أذهب إلى بيت الله فأنا كسرت وصية اليوم السابع، ونسيت وصية الله "تحفظون السبت لأنه مقدس لكم. كل من صنع فيه عملًا تُقطَع تلك النفس من بين شعبها. كل من صنع عملًا في يوم السبت يُقتَل قتلًا" (خر31: 15،14). فأين أذهب من هذا العقاب الإلهي؟

وإن كنت أعمل في يوم الرب بحجة زيادة دخلي فكأني لا أثق في أن الذي يؤدي واجبه نحو الله فالله لا يتركه ولا يتخلى عنه حسب وصيته "اطلبوا أولًا ملكوت الله وبرَّه وهذه كلها تُزاد لكم" (مت6: 33). وأن البركة هي من عنده، لأنه إله البركة. ولأنه كان يعطى بني إسرائيل في اليوم السادس طعام اليوم السابع (خر16: 26) حتى لا يعملوا في ذلك اليوم. أما إذا كنتُ صاحب عمل وأعتبر تقديسي ليوم الرب سيقلل من أرباحي ومن المال الداخل إلى خزانتي فلأتذكر كلمة المسيح له المجد "ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه، أو ماذا يُعطى الإنسان فداءً عن نفسه" (مت16: 26).

 

10 ـ قضاء مهام من الصعب قضاؤها في وسط الأسبوع: يتعلل البعض خصوصًا أصحاب العمل الحر في عدم حضورهم الكنيسة في عطلة الأسبوع أنها اليوم الوحيد الذي ينجزون فيه مصالحهم مع الجهات الحكومية والهيئات مثل الضرائب والبنوك والتحصيل ودفع فواتير الكهرباء والمياه.. الخ. ولا أحد ينكر أن هذه أمور ضرورية ولكنها أيضًا لا تمنع أن يذهب صاحبها إلى الكنيسة صباحًا ليحضر القداس الإلهي ثم يذهب ليقضي كل مأمورياته، وخصوصًا أن أغلب الكنائس لا تتأخر عن الساعة 10.30 صباحًا، وهناك وقت كافٍ لقضائها. ولا شك في أن من يؤدي واجبه نحو الله سيسهل الله طريقه ويذلل الصعاب أمامه.

 

11 ـ التعلل بالهوايات والزيارات والنادي: البعض لا يذهب إلى بيت الله متعللًا بأنه لا يملك فائضًا من الوقت يوم عطلته لأنه مشغول فيه بهواياته التي لا يستغني عنها، مثل صيد السمك أو صيد الطيور أو ركوب الخيل أو التجديف، أو أن هذا اليوم مخصص لقضائه في النادي أو للاجتماع بالأصدقاء أو زيارة الأقارب والمعارف. والحقيقة أن كل هذه لا غبار عليها ولكنها لا تمنع إطلاقًا من الذهاب إلى الكنيسة ساعتين صباحًا لتأدية واجب العبادة العامة ثم الباقي من النهار يمكن أن أمارس فيه كل هواياتي وأقضي زياراتي. وماذا لو قضيتُ عمري كله في هواياتي وصداقاتي وزياراتي وأسقطت الله وعبادته ووسائل خلاصي من حسابي فهل تلك ستشفع لي في اليوم الأخير أو ستدخلني إلى الملكوت؟ ليتك يا عزيزي تسمع ما قاله الشاعر:

هل ترى العالم إلا تافهًا
كل ما فيه خيال يَمَّحى
سأقضي العمر في لهو الشباب
وأترك كل نبع للمسيح
وأنفق كل يومي في الملاهي
وأفنى مثلما يفنى عفيف
ونسمة قبره ستهب حولي

 

يشتهي المتعة فيه التافهون
كل ما فيه سيفنى بعد حين
وأختار الطروب من الصحاب
وأجري مسرعًا خلف السراب
وأسقط بيت ربي من حسابي
وأرقد مثله تحت التراب
تمجده وتسخر من شبابي

 

12 ـ التعلل بالمتدينين المنافقين: يتعلل بعض الذين لا يذهبون إلى الكنيسة بقولهم إن الذين يذهبون إلى الكنائس ضلالية ويأخذون تدينهم ستارًا لضلالهم. وقد يحدُث هذا فعلًا عندما يتعامل هؤلاء المتعللون مع هذا الصنف من المتدينين ويكتشفون سوء سلوكهم وعدم أمانتهم وطباعهم الرديئة فيعثرون بهم. وهؤلاء المتعللون على حق في تعثرهم بأولئك المتدينين المنافقين. ولكنهم ليسوا على حق في إرجاع نفاقهم إلى حضور الكنيسة، لأن الكنيسة رسالتها بحكم وسائلها الروحية قيادة الناس إلى التوبة وتعليمهم وصايا المحبة والأمانة والطهارة. أما عدم استجابة أولئك لصوت الله النابع من الكنيسة وعدم تغيير سلوكهم طبقًا لما يسمعونه من وصايا وتعاليم فهذا لا يُلقي باللوم على الكنيسة، كما أن أولئك المنافقين إن اعْتُبِروا جزءًا من المصلين لكنهم لا يمثلون كل المصلين بالكنيسة. لذلك فهي علة واهية ولا تبرر الذين يتعللون بها ممن ليست لهم النية في الذهاب إلى بيت الله وقيامهم بواجب العبادة فيه.

 

13 ـ إلقاء اللوم على الأب الكاهن لعدم افتقادهم: البعض يتعللون لعدم ذهابهم إلى الكنيسة بعدم افتقاد الكاهن لهم. وهى علة يخدعون بها ضمائرهم لأنه وإن كان افتقاد الرعية واجبًا على الكاهن إلا أنه ليس الوسيلة الوحيدة لتوصيل الله صوته للإنسان ليناديه لحضور بيته. فقد يناديه بصوت جرس الكنيسة أو بدعوة أحد الأحباء له أو بافتقاد خادم مدارس الأحد لأحد أبنائه أو وقوع نظره في طريقه على كنيسة أو كاهن، أو بحضوره جنازة أو تذكار لأحد الراقدين أو إكليلًا لأحد الأقرباء أو حصوله على لقمة بركة من أحد الأحباء. بل إن الله أحيانًا يُخجِل الإنسان بإسماعه صوت صلاة أصحاب الديانات الأخرى وازدحام حشود مصليهم في أماكن عبادتهم. أليست كل هذه وسائل يذكِّر الله بها الإنسان بوجوب عبادته في بيته وليس فقط افتقاد الكاهن؟

 

14 ـ عدم فهم ما يُقال بالكنيسة والصلاة باللغة القبطية: البعض يتعلل لعدم حضوره الكنيسة بأنه لا يفهم شيئًا من الكنيسة. وهذا تعليل طبيعي لمن لم ينشأ ويتربى في الكنيسة منذ صغره. ولكن عندما يتردد الإنسان على الكنيسة فبمواظبته واستمرار حضوره سيتعلم كل شيء في الكنيسة ويزداد علمًا بها يومًا بعد يوم. وسوف لا يكون أقل من كثير من الوثنيين الذين آمنوا بالمسيح في سن الكِِبر، وبمواظبتهم على الكنيسة صاروا بطاركة مثل القديس ديونيسيوس البطريرك الـ 14. أما عن اللغة القبطية فغالبية الصلاة اليوم هي باللغة العربية، ثم إن هناك دروسًا منتظمة في اللغة القبطية بكل كنيسة لمن يريد أن يتعلمها. لذلك فتعلل هذا النوع من الناس هو لتبرير عدم حضورهم لبيت الله وليس أكثر.

 

15 ـ أصحاب المناصب العليا والثروة والجاه: بعض أصحاب المناصب العليا في المجتمع أو أصحاب الثروة والجاه يستكثرون على أنفسهم أن يكونوا بين المصلين في الكنيسة وذلك إما لاستغنائهم عن الله بمناصبهم وغناهم وإما ترفعًا عن بقية أفراد الشعب. ولكن لابد لهؤلاء أن يعوا أن ما وصلوا إليه ويعيشون فيه هو عطية لهم من الله نفسه. وأنه في لحظة قادر أن ينزعها منهم. فهم محتاجون إلى الله ليحفظهم في مناصبهم وفي غناهم ويعطيهم حكمة لحسن استخدامهما. أما عن الكبرياء والتعالي فالله لا يُشمَخ عليه (غل6: 7). وليتذكروا كلمة المسيح "طوبى للمساكين بالروح، لأن لهم ملكوت السموات" (مت5: 3). ومن ثم فليس لهم نصيب في السماء بكبريائهم. وليتأملوا قول الشاعر(1).

سأسكن في قصور شاهقات
وأرقى مثلما أبغي وأعلو
أسير فتشخص الأبصار نحوي
وتحنى هامها(2) الدنيا خضوعًا
وتهتف كل حنجرة باسمي
وأملأ ساحة الدنيا غرورًا
وماذا بعد هذا ليت شعري
وأفنى مثل صعلوك حقير
ونسمة قبره ستهبُّ حولي

وأحيا مثلما تشتاق نفسي
وتشرق في سماء المجد شمسي
وأحسب كل تاج فوق رأسي
ويحتفل الوجود بيوم عُرسي
وأصبح وسط تمجيد وأُمسي
وأهمل كلِّ ترتيل وقدس
سيجري ضائعًا يومي كأمسي
وأرقد مثله في جوف رَمْس(3)
ولا تفريق في مجد وبؤس

 

16 ـ خدمة الكنائس والأديرة ومُجالسة رجال الدين: بعض الذين يخدمون الكنائس والأديرة سواء بالعطاء أو بقضاء المصالح والاحتياجات أو الذين يجالسون رجال الإكليروس بمختلف درجاتهم فإنهم يكتفون بهذه من جهة علاقتهم بالكنيسة معتقدين أنهم بهذه الأفعال يكونون قـد وصلوا إلى رضا الله عنهم. هؤلاء لابد أن يَعوا أن هذه كلها لا تنفعهم شيئًا إن لم يقدموا توبة عن خطاياهم، ويمارسوا وسائط النعمة في بيت الله لخلاص نفوسهم. ولا يصح أن يخدع الإنسان نفسه بمجرد احتكاكه بالأوساط الدينية أو رجال الدين بعيدًا عن المسيح وبيته المقدس. لأن المسيح هو الغاية وبيته هو الوسيلة وليس إنسانًا أيًا كان.

 

17 ـ القنوات الفضائية: إن القنوات الفضائية أو الـ إف. إم. التي توصِّل القداسات والعشيات والتسبحة والاجتماعات الروحية للبيت بركة كبيرة للملازمين الفراش والذين لا تسمح ظروفهم الصحية أو الاضطرارية بعدم النزول إلى الكنيسة فهي تعزية لهم، وإن كانت هي مشاركة روحية مقبولة منهم أمام الله ولكن قبولها هو على المستوى المَرَضى أو الاضطراري. لذلك كل من يملك صحته وينزل بطبيعته من البيت لقضاء كل مصالحه العالمية فلابد أن يذهب بقدميه إلى بيت الله لينال بنفسه وسائل خلاصه. لأن القنوات والـ إف. إم. سوف لا تخلصه لأنها لا تقدم له جسد المسيح ودمه للثبات فيه ولا تنمى رابطته العضوية مع جماعة المؤمنين، لذلك لا يصح أن تعفيه من حضور الكنيسة.

 

18 ـ الناس ينظرون إليَّ: إنسان يخشى أن يذهب إلى الكنيسة بحجة أن الناس ينظرون إليه. وهذا بطبيعة الحال مجرد تصوّر لأن الناس في الكنيسة يرفعون قلوبهم إلى الله ويوجهون أنظارهم نحو الهيكل. أما الداخل إلى الكنيسة والخارج منها فهو خارج اهتمامهم. ولو فرضنا أن بالكنيسة مئات من الناس وهذا الإنسان دخل الكنيسة وجلس في آخر مقعد فكم من هذه المئات سيقع نظره عليه؟ إن مثل هذا الإنسان لربما يعاني من الخجل أو من الانطواء، وعليه أن يعتبر الكنيسة من حيث هي مكان فيه جمهور فالإنسان يتواجد فيه كأمر عادي لا حرج فيه ولا خجل. وعليه أن يتخلى عن هذا التصور ويتشجع ويذهب إلى الكنيسة. أما إذا كان إحساس هذا الإنسان أنه يشعر أنه غريب على جماعة المصلين بالكنيسة فليتأكد أن كثيرين كانوا مثله، ولكن بمجرد ترددهم على الكنيسة ومواظبتهم صار لهم أصدقاء وأحباء من الكنيسة بل أصبحت لهم أنشطة وخدمات فيها.

 

19 ـ طول مدة الغياب عن الكنيسة: بعض الذين تطول مدة تغيبهم عن الكنيسة يترددون كثيرًا في بدء معاودة ذهابهم إليها. وهذا التردد في حقيقته هو تكاسل عن بدء الحياة مع الله. فعلى هؤلاء أن ينتبهوا إلى أن كسلًا ينشئ كسلًا وتأجيلًا ينشئ تأجيلًا، وليتذكروا همة الابن الضال الذي بمجرد أن رجع إلى نفسه وشعر بحاجته للعودة إلى بيت أبيه قال: "أقوم وأذهب إلى أبي... فقام وجاء إلى أبيه" (لو15: 18، 20). فعلى هؤلاء بمجرد أن تتحرك في داخلهم الرغبة للذهاب إلى بيت الله أن يستجيبوا لنداء الروح القدس وينهضوا للذهاب متصدين بقوة لشيطان الكسل والتأجيل.

 

20 ـ حدوث موقفٍ ما مع الكاهن: البعض يخاصمون الكنيسة ويقاطعونها بسبب موقف حدث لهم مع الكاهن. كأنْ يكون قد اعتذر عن صلاة جنازة أو خطوبة أو إكليل أو قنديل أو تبريك منزل أو صلاة طِشت أو زيارة مريض أو مناولته أو تَأَخَّر عن موعده في إحدى هذه الخدمات. أو عُرضت عليه مشكلة أبدى فيها رأيًا أدان فيه الطرف المخطئ أو أنه أخذ أناسًا قبلهم في الاعتراف وأخَّرهم هم. أو أنهم رأوه بشوشًا مع آخرين ولم يكن هكذا معهم. أو أنه منع أحدهم من التناول بسبب تأخره أو مخاصمته لأحد أقربائه أو ظلمه لآخرين أو اغتصاب حقهم أو إفطاره في الصيام دون علة مَرَضِية... الخ. والحقيقة أن كل هذه المواقف يجب معرفة أسبابها. فاعتذار الكاهن أو تأخره عن أي خدمة قد يكون لمرضه أو تعبه أو ارتباطه بخدمة أخرى أو ظرف عائلي طارئ أو قد يكون لعدم الوضوح من طالب الخدمة، أو أن طالب الخدمة لا يصلي بالكنيسة ولا يتردد عليها، وهذا يقلق الكاهن لأنه لا يعرف شيئًا عن هذا الإنسان ولا عن الظروف التي سيؤدي له فيها الخدمة، وجميع خدمات الكاهن لها مسئوليتها الروحية وبعضها له مسئولية اجتماعية أو مدنية.

أما إبداء الكاهن لرأيه في المشاكل والنزاعات فكثيرون لا يعترفون بخطئهم أو أن لهم أطماعهم الخاصة فيضيقون برأي الكاهن. وقد يكون رأى الكاهن ليس على صواب فعلًا بسبب عدم مصارحتهم له أو عدم توضيحهم خلفيات موضوع النزاع له.

أما اضطرار الكاهن لتشهيل اعتراف أو مقابلة شخص قبل آخر، فقد يكون هذا الشخص مريضًا لا يحتمل الانتظار أو قد يكون من منطقة بعيدة أو قد يكون له مدة طويلة تصل أحيانًا إلى عدة سنين لم يعترف فيها، أو قد يكون مرتبطًا بظروف عمل أو سفر أو امتحان أو ظروف أسرية لا تحتمل تأخره.

ومن جهةٍ مُقَابِلة هناك أنواع من المعترفين يمكن أن تنتظر. فنوع منهم كثير التردد على أب الاعتراف وينال كثيرًا من الرعاية، ونوع آخر بطئ في كلامه وفي تعبيره عما يريد أن يفصح عنه ويحتاج إلى وقت، ونوع ثالث طبيعته سرد الحقائق بتفاصيلها وجزئياتها مما يستنفد أضعاف الوقت الذي يأخذه غيره، ونوع رابع يتطرق للحديث في أمور جانبية لا علاقة لها بخطاياه ويستهلك بها وقت الكاهن على حساب بقية المعترفين، ونوع خامس له مشاكل تحتاج إلى وقت متسع لمناقشتها وعلاجها لا يسمح به الوقت الذي ينتظر فيه عدد كبير من المعترفين دورهم في الاعتراف. كل هذه الأنواع من المعترفين لا يصح أن يضيقوا بتأخير الكاهن لدورهم في الاعتراف أو تأجيل اعترافهم أو تحديد مواعيد أخرى لهم.

أما مظهر الكاهن في تعامله مع الآخرين من بشاشة أو حزم فتحكمه ظروف ونفسيات من يتعامل معهم، وكذلك نفسيته هو بما يؤثر فيها من معايشته مشاعر الألم والتأثر لمشاكل وأحزان وضعفات معترفيه، أو مشاعر السرور والبهجة بنموهم الروحي أو تقدمهم ونجاحهم العلمي أو الاجتماعي أو بضرورة انتهاره البعض والحزم معهم.

لذلك يجب وضع اعتبار لكل هذه الأمور حتى لا يحكم الشخص خطأ على مظهر الكاهن في معاملته له.

أما منع الكاهن للبعض من التناول لأسباب قانونية من الناحية الروحية فهو لأنه أمين على الذبيحة لتقديمها لمستحقيها، كما أنه أمين على تنفيذ وصايا السيد المسيح والقوانين الكنسية المؤسسة عليها، لذلك يجب الخضوع للكاهن فيما يخص أداءه لواجبات وظيفته وذلك كما يخضع الإنسان لأوامر ونظام أي مصلحة أو هيئة عامة يتعامل معها. لأن بيت الله له نظامه وقوانينه مثل أي مكان آخر، بل له قدسيته عليها جميعًا.

أما الذين يندفعون إلى داخل الكنيسة أثناء القداس أو العشية يطلبون خدمة منتظرين أن يقابلهم الكاهن للتو واللحظة لكي يقضي لهم خدمتهم وينصرفوا في الحال وقد يحدثون ضجة تشغل المصلين، فإن اندفاعهم يكون بجهل وضجتهم بعدم معرفة. لأن هؤلاء لابد أن يعوا أنه لا يصح أن ينشغل الكاهن بأي أمر أثناء خدمته الروحية قداسًا كان أو عشية. كما أن أي خدمة تحتاج للتفاهم على الموعد المناسب لها ومكان أدائها وما تحتاجه من ترتيبات أخرى إن كانت أوراقًا أو مستندات أو تصاريح.لذلك من الطبيعي أن يتم التفاهم على الخدمة المطلوبة بعد انتهاء القداس أو العشية.

 

21 ـ عدم الاشتراك في الخدمة: بعض الذين يصلون في الكنيسة يتطلعون إلى أن يشتركوا في قراءة إنجيل القداس أو إحدى الرسائل أو ينفردوا بمديحة أو مرد أو لحن أو أن يخدموا في داخل الهيكل أو يقوموا بتوزيع لقمة البركة أحيانًا أو حمل أيقونة الدورة في الأعياد. وعندما لا تتحقق رغبتهم في المشاركة في أحد هذه الأمور فإنهم يغضبون وينقطعون عن حضور الكنيسة. وللأسف يحدث هذا عادة من بعض الشمامسة أو بعض أعضاء لجنة الكنيسة أو بعض المواظبين على حضور الكنيسة. ولا شك أنه تصرف غير سليم من الناحية الروحية ولا يتفق مع التواضع وإنكار الذات وهى ضربة كبرياء من عدو الخير. لذلك نذكِّر هذا البعض بوصية معلمنا بولس "مُقدِّمين بعضكم بعضًا في الكرامة" (رو12: 10). كما نوصي الواحد منهم بأن يأتي إلى الكنيسة دائمًا بنية أن يكون عابدًا أولًا وخادمًا ثانيًا. لأن القصد الأساسي لأي إنسان يحضر إلى الكنيسة هو أن يُقدم عبادة نقية ملتمسًا استجابة طِلباته واحتياجاته من الله، وإذا طُلِبَتْ منه بعد ذلك أي خدمة كنسية فيؤديها بفرح وبانسحاق قلب.

 

22 ـ الظروف الوقتية الضاغطة: يواجه الإنسان أحيانًا ظروفًا ضاغطة بسبب مشغوليات الحياة المتنوعة مثل ضغط العمل الموسمي أو عَمْرة في البيت أو استعداد لخطوبة أو إكليل أو مأمورية سفر أو نوبة مرض عارضة أو فترة امتحانات تمنعه عن حضور الكنيسة، وأحيانًا الإهمال أو التواني أو الكسل أو الفتور الروحي. هذه كلها ظروف وقتية وبمجرد أن تنتهي يجب أن يستيقظ الإنسان لنفسه ويستجمع قواه وينشط من جديد لانتظامه في حضور الكنيسة، ولا يتجاوب مع استمرار وضعٍ استراح فيه من التزاماته الروحية النافعة لأبديته، حتى لا يكون مثل البعض الذي تسمع منه أنه منذ حدوث الظرف الفلاني وهو منقطع عن الكنيسة.

 

23 ـ البعض يعمل في أماكن لا تغلق أبوابها طول الأسبوع:

وفي هذه الحالة: يمكن أن يتبادل العاملون أجازاتهم بين يومي الأحد والجمعة بحيث يتحمل البعض مسئولية العمل يوم الجمعة ويأخذون أجازتهم يوم الأحد والبعض الآخر بالعكس. وبذلك يُتاح للجميع فرصة لتقديس يوم في الأسبوع للذهاب إلى بيت الله.

 

24 ـ أمور تحتاج إلى وعي ولا يصح أن تمنع الإنسان عن حضور الكنيسة:

الأمر الأول: هو امتناع البعض عن الكنيسة عند موت أحد أفراد الأسرة بحجة كلام الناس أن الاعتكاف بالبيت هو علامة الحزن الحقيقي على الميت، وأن من ينزل إلى الكنيسة فكأنه نسى حزنه على الميت. وهى حجة غير سليمة لأن عجلة الحياة لا يصح أن تقف عند موت كل واحد من أفراد الأسرة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ولأن الحزن الحقيقي هو ما كان داخل القلب ولا يأخذ علامته بمظهر خارجي مثل الامتناع عن الكنيسة أو غيرها. ولا يصح أن كلام الناس يوجِّه حياتنا فيمنعنا عن بيت الله، لأن الكنيسة إن كانت فعلًا تفرح قلوبنا فهو فرح روحي يعزي نفوسنا ويبرد أحزاننا. وهو يوجب علينا الذهاب إلى الكنيسة وليس الامتناع عنها. فنحن محتاجون إلى بيت الله في وقت الحزن كما في أي وقت آخر. أولًا: لكي نمارس توبتنا ونؤدي واجبنا المقدس نحو الله ونكون مستعدين لأبديتنا، وثانيًا: لكي نسمع كلمة الله لأجل تعزيتنا. وثالثًا: لنطلب رحمة للذين ماتوا وفي هذا تعزية لنا أيضًا. ثم إن الكنيسة أكثر من يهتم بنا في وقت حزننا، لأنها تصلي عن الراقدين منا وتطلب لهم الرحمة وتطلب التعزية لنا. فإذا كانت رعاية الكنيسة لنا هي هكذا في حزننا فكيف نمتنع عنها بحجة حزننا؟ إنه منطق غريب!

الأمر الثاني: الامتناع عن الكنيسة بحجة إعداد إفطار الزوج والأولاد وإيقاظهم من النوم. وهذه يمكن تفاديها بتحضير كل ما يلزم الإفطار ووضعه على المائدة وتركه مغطى لمن يريد أن يفطر. والمشروب الساخن يمكن إعداده وحفظه في ترمُس بجوار الطعام. وبذلك يمكن الذهاب إلى الكنيسة دون التقصير في حق الزوج والأبناء. أما إيقاظهم من النوم إذا كان في موعد الذهاب إلى الكنيسة فيمكن ضبط "المنبه" على الساعة المحددة وعندما يدق جرس المنبه سيستيقظ النائم.

الأمر الثالث: الامتناع عن الكنيسة بسبب وجود ضيوف سواء كانوا زوارًا من خارج القطر أو من الداخل. وهذه حجة تديننا لأنها تعني مجاملتنا للناس على حساب قيامنا بواجبنا نحو الله. أو اهتمامنا بكسب رضاء الناس أكثر من اهتمامنا بعبادة الله. وهو أمر يغضب الله منا لأن المسيح له المجد قال: "من أحبَّ أبًا أو أمًا أكثر مني فلا يستحقني، ومن أحبَّ ابنًا أو ابنة أكثر مني فلا يستحقني" (مت10: 37). ومعلمنا بولس قال: "لو كنت بعد أُرضِي الناس، لم أكُن عبدًا للمسيح" (غل1: 10). بل إنه في هذه الحالة يجب أن نكون قدوة روحية حسنة لمن حَلُّوا ببيتنا حتى وإن كانوا لا يهتمون ببيت الله. فعندما يرون اهتمامنا نحن يجدون فينا نموذجًا يُقتدى به. وهذا عكس ما إذا جاريناهم وتكاسلنا عن الذهاب إلى الكنيسة بحجة ضيافتنا لهم وقضاء الوقت معهم فإننا نكون عثرة لهم وقدوة سيئة ترسخ فيهم هذا التكاسل حتى بعد أن يغادرونا.

الأمر الرابع: الأفعال المُفْطِرَة والتي يتحرج أصحابها من حضور الكنيسة وهم مفطرون وذلك مثل:

أ ـ شرب السجاير لدى بعض الذين يبدأون صباحهم والسيجارة بين أصابعهم. هؤلاء مساكين لأنهم مستعبدون للسيجارة ولا يعرفون طريق الصوم طيلة أيام حياتهم. ويظلون محرومين كل عمرهم من أخذ بركة الأسرار الكنسية المقدسة التي جميعها لا يصح التقدم لنوالها إلا وصاحبها صائم. وهؤلاء محتاجون للتبصر في أبديتهم. ويمكنهم أن يبدأوا بخطوة أولى بأن يؤجلوا شرب السيجارة إلى ما بعد حضور القداس والتناول وذلك بتسع ساعات على الأقل، إلى أن يقلعوا عن شرب السجاير بالتمام. وهذا لصالحهم الروحي والجسدي معًا.

ب ـ أخذ الأدوية الصباحية والتي يحتاج أصحابها إلى قليل من الماء يأخذون به الدواء. وهؤلاء لا يمنعهم هذا من التناول ومن ثم لا يمنعهم من حضور الكنيسة. أما إذا احتاج الدواء إلى لقمة خفيفة فيحسن تأجيله إلى ما بعد حضور القداس، وفرق ساعتين لا يؤثر على سلامة العلاج.

حـ ـ العلاقات الجسدية: وأصحابها يتحرجون أيضًا من حضور القداس، والمفروض أساسًا الامتناع عن هذه العلاقات قبل التناول لإعداد الإنسان نفسه روحيًا لقبول التناول. ولكن حدوثها إن كان يمنع من التناول باعتبارها فطرًا ولكنه لا يمنع بعد الحميم من حضور الكنيسة لأنها ليست نجاسة. وعدم التناول إن كان أمرًا غير مستحب لمن يحضر القداس إلا أنه لا يمنع هذا البعض من حضور الكنيسة لأخذ بركة سماع كلمة الله وتأدية واجب العبادة، إلى أن يتمكنوا بجهادهم ومؤازرة نعمة الله لهم من ضبط أنفسهم ليالي القداسات.

هذه هي حيل المجموعة الأولى التي يجاهد بها عدو الخير أن يقطع صلتنا أصلًا بالكنيسة ويحرمنا من دخولها. وقد رأينا كيف نتغلب على كل منها. ولكن لنتنبه إذا ما أعطانا الله نعمة وحكمة وتغلبنا عليها واستنهضنا قوتنا وذهبنا إلى الكنيسة فلنحذر ما يخبئه لنا عدو الخير في المجموعة الثانية من حيله.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

المجموعة الثانية:

هي حيل إبليس داخل الكنيسة وهى التي يحرمنا بها من الاستفادة من بيت الله. فعندما يفشل إبليس في منعنا عن حضور الكنيسة ونحضرها فعلًا، فإنه يشهر حربه ضدنا في داخلها حتى يضيع علينا فائدة حضورنا إليها. وله حيله في ذلك مثل:

توجيه اهتمامنا للنقد والإدانة - يخيم علينا بالحزن والكآبة والاستغراق في هموم الحياة ومتاعبها - تشتيت الفكر - الانشغال بالأصدقاء - المجيء إلى الكنيسة كما لقوم عادة - الانشغال بأنشطة وخدمات كنسية

 

1 ـ توجيه اهتمامنا للنقد والإدانة: بحيث منذ أن ندخل الكنيسة يجعل أنظارنا متجهة إلى كل من فيها شعبًا وإكليروسًا لكي نُقَيَّمهُم ونحكم عليهم في شكلهم وفي ملبسهم وفي حركاتهم وفي طريقة صلاتهم وفي أصواتهم وفي وعظهم وفي مستوى روحانيتهم ولربما في تعاملاتهم، بحيث عندما نخرج من الكنيسة يكون ذهننا مشحونًا كله بصورة طبق الأصل عما وقع عليه نظرنا وما قيمناه وحكمنا به على المصلين في الكنيسة وعلى خدامها. ويتبع هذا عادة أن يكون ذلك موضوع تسليتنا في الحديث مع أقاربنا ومعارفنا. وهكذا ينقلنا إبليس "من نقرة إلى دُحْدِيرَة" أي من خطية الإدانة داخل الكنيسة إلى خطية النميمة خارجها. وبذلك يكون قد نجح في تحويل ما كان يمكن أن نحصل عليه من بركات إلى ارتكاب خطايا توجب علينا الدينونة.

لذلك يجب علينا عند ذهابنا إلى بيت الله أن نركز في هدف واحد هو لقاؤنا مع الله وحده الذي يجب أن نتوجه إليه بكل قلوبنا وأفكارنا وحواسنا، ومن خلاله نوطد علاقتنا مع رعية الكنيسة ورعاتها لنحبهم وليس لندينهم.

 

2 ـ يخيم علينا بالحزن والكآبة والاستغراق في هموم الحياة ومتاعبها: هذه حيلة ثانية لعدو الخير عندما يخيم على عقولنا بالحزن والكآبة والضيق بما نئن به من متاعب وآلام وأمراض، فيحرمنا من التعزية والاستفادة من الصلوات والقراءات والألحان، ويسيطر علينا بها طيلة القداس الإلهي حتى نهايته بحيث ننصرف من الكنيسة ونحن لازلنا محملين بأثقال وهموم الحياة. ونسينا أن من بركات حضورنا إلى بيت الله أن نعرض على الله كل مشاكلنا ونحكي له كل متاعبنا. وإن كانت لنا دموع فلنذرفها أمامه وإن كان لنا حزن فلنسكب نفوسنا لديه، متضرعين إليه أن يدركنا برحمته ويرفع غضبه عنا فهو الوحيد الذي يقدر أن ينقذنا من كل ما نعاني منه حسب وعده "تعالوا إليَّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال، وأنا أُريحُكُم" (مت11: 28). كما نسينا أيضًا أن ما نقدمه من طِلبات وما نسمعه من تعاليم كفيل بأن يُرطِّب قلوبنا ويحمل لنا صوت الله الذي يرشدنا إلى كيفية مواجهة ما نمر به من ضيقات أو متاعب.

 

3 ـ تشتيت الفكر: هذه حيلة ثالثة لعدو الخير يحرمنا بها من التركيز في عبادتنا في بيت الله فنخرج منه فارغين صفر اليدين. فنكون كمن يقضي وقتًا ضائعًا أمام الله، موجودًا فقط بجسمه ولكنه ليس حاضرًا بذهنه فلا ينال شيئًا من الله، وكمن يسمع كلمة الملكوت ولا يفهم بسبب سطحية سماعه وعدم تركيزه. ولكي نعالج تشتيت الفكر علينا:

أولًا: نعد في بيوتنا كل طلباتنا واحتياجاتنا التي سنعرضها أمام الله، كذلك نعد أسماء الذين في موضع اهتمامنا لكي نقدم الطلبة التي تخص حاجة كل واحد منهم. كذلك أيضًا نحصر في ذهننا البركات والخيرات والتعضيدات الإلهية التي مَنَّ بها الله علينا لكي نقدم له الشكر عنها.

ثانيًا: نتابع بعيوننا الصلوات التي نرفعها أمام الله من الخولاجي المقدس كلمة كلمة فنركز فيها فهمنا وقلبنا وبذلك نصلي بالروح وبالذهن أيضًا. وهذه هي الصلاة الفاعلة.

ثالثًا: من بداية وقوفنا أمام الله نشحذ همتنا ونوقظ ضمائرنا لكي نقدم العبادة له بنشاط ومخافة يليقان بجلاله وإحساناته علينا.

 

4 ـ الانشغال بالأصدقاء: هذه حيلة رابعة يستغلها عدو الخير لحرماننا من بركات عبادتنا في الكنيسة، وذلك بأن يجعل الواحد منا عندما يدخل الكنيسة مع صديق له فيهتمان لكي يقضيا القداس معًا ولكن ليس بالتفرغ للصلاة بل لتبادل التعليقات وإبداء الملاحظات على كل ما يريانه ويسمعانه، ثم يخرجان من الكنيسة وهما صديقين حميمين معًا ولكن ليس مع الله. ولا شك أن الصداقة التي تشجع على الذهاب إلى بيت الله صداقة جميلة وصالحة، ولكن يكمل جمالها وصلاحها بأن تكون حكيمة في نوال بركاتها من الذهاب إلى بيت الله، من أجل نموها الروحي والتصاقها أكثر بمحبة الله وليس لمجرد تحقيق متعة الرفقة والصداقة.

ومن أجل ذلك يجب بمجرد دخولنا الكنيسة أن نفترق كصديقين عن بعضنا وكلٌ يجلس في مكان بعيدًا عن الآخر حتى يتفرغ الواحد منا للعلاقة المنفردة بينه وبين الله. كل هذا بطبيعة الحال إذا لم نقدر على ضبط أنفسنا عن الكلام والتعليقات أثناء الصلاة.

 

5 ـ المجيء إلى الكنيسة كما لقومٍ عادة: هذه هي الحيلة الخامسة في يد عدو الخير أن يدفعنا للذهاب إلى الكنيسة بطريقة آلية، حيث نرتدي ملابسنا تلقائيًا ونخرج من بيوتنا متجهين إلى الكنيسة ونستقر في مكاننا ونقضي وقت الصلاة كله قيامًا وقعودًا وسجودًا ولربما تناولًا أيضًا بطريقة آلية خالية من التفكير والحرارة الروحية ومشاعر الحب الإلهي، وكأن وقتنا في الكنيسة أصبح مجموعة عادات حركية خالية من الانفعال والتأثر الروحي أو التفاعل مع ما نصليه أو نسمعه أو مع ما نؤديه من سجود ووقوف وقعود. وقد نبهنا معلمنا بولس إلى هذا الأمر بقوله: "غير تاركين اجتماعنا كما لقوم عادةٌ" (عب10: 25).

وإن كان قد قيل: "خير عادة ألا يكون للمرء عادة" إلا أن العادات الروحية بركة كبيرة في حياة الإنسان لكن بحيث يأخذ صاحبها طابع التجديد اليومي الذي اتسمت به حياة القديس العظيم الأنبا أنطونيوس الذي كان يعتبر كل يوم يشرق عليه بنوره أنه يوم جديد في حياته واضعًا أمامه قول إيليا النبي: "حيُّ هو رب الجنود الذي أنا واقف أمامه" (1مل18: 15). ومتبنيًا شعار معلمنا بولس: "أنسى ما هو وراء وأمتدُّ إلى ما هو قُدَّام" (في 3: 13). بحيث يُحرر عاداته الروحية من الطابع الروتيني الراكد الغير المثمر لكي يأخذ الطابع الحيوي المتجدد الذي يساعد في تقدمه ونموه الروحي الذي يعطي ثمره في حينه.

 

6 ـ الانشغال بأنشطة وخدمات كنسية: هذه هي الحيلة السادسة أن نحضر إلى الكنيسة ولكن ليس لهدف القداس الإلهي وإنما للانشغال بخدمات وترتيبات، وأنشطة كنسية مختلفة أثناء القداس، مثل مكتبة الاستعارة أو بيع الكتب والأشرطة والتسجيلات أو الكمبيوتر أو الكانتين أو المعرض... إلخ. بحيث تحرمني هذه الأنشطة من بركات وعطايا القداس الإلهي سواء سماع كلمة الله وعذوبة التسبيح ولذة التقديس وجمال الشركة في العبادة، أو تهيئة النفس وإعدادها لنوال سر الشركة الذي هو أعظم وسيلة للثبات في الله والحياة به. أو الفوز بأغلى الفرص التي تنفتح فيها السماء على الأرض لاستجابة الطلبات ونزول الرحمات لسائر العابدين في البيعة المنسحقين بقلوبهم والمتضعين بأرواحهم.

لذلك مهما كان نوع هذه الخدمات والأنشطة فلا يصح أن ننشغل بها عن القداس الإلهي إلا بعد أن ينتهي.

هذه حيلة خطيرة من عدو الخير لأنها خبيثة وملتوية حيث الاسم هو الكنيسة، والحقيقة ليست الكنيسة لأن الكنيسة هي القداس الإلهي أولًا وقبل كل شيء، وبعد ذلك أي خدمة أخرى مهما كانت أهميتها.

هذه هي حيل المجموعة الثانية التي يدخل بها عدو الخير معي إلى الكنيسة ويخرجني منها وكأني "تائه في غربة".

وهناك المجموعة الثالثة التي يلجأ إليها إذا ما فشل في هزيمتي بالمجموعتين الأولى والثانية.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

المجموعة الثالثة:

وهي حيل إبليس حول عوامل مؤثرة في العبادة:

إذا ما فشل إبليس في حرماننا من بركات بيت الله من خلال حيله في المجموعتين الأولى والثانية فإنه يلجأ إلى المجموعة الثالثة التي تخص العوامل التي تؤثر على انسجامنا في عبادتنا أو تلذذنا بها وتركيزنا في الله الذي نقدم له العبادة، بحيث بها يُميل آذاننا ويفتح عقلنا ليس على الله الذي نقدم له العبادة وإنما على مادة الصلاة وأداء القائمين بها. وذلك مثل:

صوت الكاهن - العظة - خدمة الشمامسة - فخامة الكنيسة وسمعتها

1 ـ صوت الكاهن: لا شك أن عذوبة صوت الكاهن وشجاوته لها تأثيرها النفسي والروحي على ارتفاع مشاعرنا وانطلاقها للأعالي. ولكن هذا التأثير لا يحدث إلا بروحانية الكاهن في صلاته وليس بحلاوة صوته. لذلك الذين يهتمون بحلاوة الصوت وحده لا يتعزون روحيًا. ولا يصح التعلل بخشونة صوت الكاهن أو جفافه لأن الذي يغطى على الصوت كما ذكرنا روحانية الكاهن، أي أن تكون صلاته نابعة من القلب وليس من حنجرته أو قوة بدنه وحدهما، وأن يكون الكاهن محبوبًا من شعبه لمحبته ورحمته بهم ورعايته لهم فإنهم ينخرطون في الصلاة معه أيًا كان صوته. كذلك مما يقلل من تأثير صوت الكاهن على عبادتنا اهتمامنا بوقوفنا أمام الله بخشوع لتقديم صلواتنا أكثر من اهتمامنا بالأصوات، كما يقول قداسة البابا كيرلس السادس: "قف في القداس بخشوع. ولا تنظر إلى الأصوات وتلذِّذ سمعك فقط. بل ضع في نفسك أنك واقف أمام الله وهو منتظر لتطلب منه النعم والبركات لكي يهبها لك مجانًا".

2 ـ العظة: هي كلام الله الذي يغسل قلوبنا ويجدد كياننا كله روحًا ونفسًا وجسدًا. لكي يؤهلنا لشركة الأسرار الإلهية. وكلما كانت العظة قوية مفعمة بحرارة الروح كلما كان تأثيرها قويًا على السامعين. ولكن تأثير الكلمة في السامعين لا يتوقف على المتكلم وحده بل على التربة التي تقع عليها بذار الكلمة كما علَّمنا المسيح له المجد في مثل الزارع. إن كانت طريقًا يداس من الناس أو أرضًا محجرة أو أرضًا بها أشواك خانقة أو أرضًا جيدة تثمر مائة وستين وثلاثين. كما تتوقف أيضًا على روح اتضاع السامع الذي ينصت وهو شاعر باحتياجه لكلمة الله منتظرًا أن يسمع صوت الله على فم المتكلم أيًا كان شخصه، مرشدًا وموجهًا ومعزيًا، قائلًا في نفسه:"تكلَّم يا رب لأن عَبْدك سامع" (1صم3: 9). كذلك تتوقف على النشاط الذهني للسامع بأن يكون يقظًا منتبهًا لاستيعاب ما يسمعه خصوصًا أن إبليس يحارب الكثيرين بالنوم أثناء العظة. ثم أن العظة مهما كان مستواها فمن يتابعها لابد أن يخرج منها بتعليم من آية كتابية أو قصة أو تشبيه حسب الوعد الإلهي "هكذا تكون كلمتي التي تخرج من فمي. لا ترجع إليَّ فارغة، بل تعمل ما سُررت به وتنجح فيما أرسلتها له" (إش55: 11). واضح إذًا أنه إذا قيل عن عيب في العظة فليس في مستوى الواعظ ولا في روحانية العظة وحدهما إنما في السامع بالأكثر إن كان له رغبة في أن يحصل على كلمة منفعة من عدمه، خصوصًا إذا كان تركيزه على نقد العظة والواعظ فسوف لا يستفيد شيئًا.

3 ـ خدمة الشمامسة: إن الشمامسة هم الذين يصنعون جمال صورة العبادة العامة في الكنيسة. وذلك عندما يقوم كلٌ منهم بوظيفته بإتقان وأمانة واتضاع خصوصًا أنهم أكثر من الكاهن قربًا من نظر وسمع الشعب. لذلك لهم تأثيرهم القوي على سعادة المصلين وفرحهم بعبادتهم. فلذلك أي خلل أو تشويش يصدر منهم ينعكس بالضرورة سلبًا على جموع المصلين بالكنيسة. وإن كان الشمامسة خدمتهم تطوعية إلا أنه يجب عليهم مراعاة قدوتهم لبقية الشعب في تنظيم خدمتهم.

أما من جهة من يدركون أخطاء الشمامسة فبدلًا من تفكيرهم في ترك الكنيسة يقومون بهدوء ومحبة بتوجيه الشمامسة إن كان من جهة الحفظ أو توافق النغم أو توحيد القيادة أو حسن توزيع القراءات، وبذلك ينصلح مستوى خدمة الشماسية وتزداد محبة المصلين للكنيسة والعبادة فيها.

4 ـ فخامة الكنيسة وسمعتها: بعض المؤمنين يجرون وراء المظاهر والسمعة والصيت حتى في عبادتهم فيميلون إلى الصلاة في الكنائس الفخمة في مبانيها أو ذات الصيت في كهنتها وشمامستها. وجيد أن تكون الكنيسة فخمة البناء، وجيدة هي السمعة الطيبة لخُدَّام الكنيسة لأن الرسول يقول:"كل ما صيتُهُ حَسَنٌ، إن كانت فضيلة... ففي هذه افتكروا" (في4: 8). ولكن هذه الأمور إن كان التوجُّه إليها في حد ذاتها فإن تعزيتها تكون نفسية وقتية تشبع العاطفة إلى حين. أما التعزية الحقيقية فهى التعزية الروحية وهى ليست في المباني ولا في الخُدَّام ولكنها في شخص المسيح وحده.

لذلك فالذين يبحثون عن المسيح سيجدونه في أي كنيسة مهما كان مظهرها أو سمعة خُدَّامها لأنه هو صاحب كل كنيسة وهو مقدم عطاياها الروحية لأنه هو صانع أسرارها. وما المباني إلا مجرد مكان وما الخُدَّام إلا وسطاء فقط. من جهة أخرى ليست السمعة والصيت هما سر البركة، ولكن عمل النعمة في النفوس المتضعة هو الذي يفيض بالبركة. وكثيرًا ما ينبني الصيت على حكم ظاهري والله وحده هو عالم خفايا القلوب. لذلك يجب التوجُّه إلى الكنيسة أيًا كانت بحثًا عن الله وحده في شخص كلمته يسوع المسيح.

ولذلك أيضًا لا يصح أن يتعالى الإنسان عن الصلاة في كنيسته لأنها بسيطة أو في منطقة متضعة سواء في الأيام العادية أو في المناسبات والأعياد.

هذه هي المجموعة الثالثة من حيل إبليس التي اتضح أنها تتعلق بعوامل مشجعة فقط على حضور الكنيسة، لذلك في حالة قصورها لا يصح أن يتخذها إبليس سببًا يعطلنا عن الكنيسة والمواظبة عليها. ويجب أن نفرِّق بين أمور ثانوية أو كمالية نحتاج إلى ما يشجعنا إلى السعي إليها، وبين أمور أساسية وضرورية نلتزم بالسعي إليها بغض النظر عن المشجعات، والكنيسة هي من الأمور الأساسية اللازمة لنا لأننا بدونها نضل طريقنا نحو الحياة الأبدية التي هي الغاية الأخيرة من وجودنا في هذا العالم.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ذبيحة الصليب التي هي سر خلاصنا

والمجموعات الثلاث من حيل إبليس تؤكد كلها سعي إبليس المتواصل من أجل تعطيل وحدتنا مع الله من خلال اتحادنا بالكنيسة جسد المسيح، ولكي يحرمنا من المواطنة السمائية مع الله في علاه. لذلك نحن في حاجة لاستبيان عوامل ناجعة قاطعة للنصرة نعرضها في الفصل التالي.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-salaib-hakim/church-connection/obstacles.html

تقصير الرابط:
tak.la/km8cg88