بجانب ما سبق الكلام عنه من أهمية أن يبدأ الإنسان بنفسه وان يحب الناس...الخ هناك أيضًا بعض المهارات التي يجب أن يتزود بها من قرر في نفسه أن يهتم بالعمل الفردي لكيما ينجح في ذلك العمل.
ومن أهم تلك المهارات ما يلي:
وقد سبق لنا الإشارة لأهمية دراسة كلمة الله، غير أننا هنا نقصد كيفية الاستعانة بنصوص الكتاب المقدس أثناء جلوسنا مع الشخص الذي نعمل معه العمل الفردي.
ففي خلوتنا الروحية نقرأ الكتاب المقدس بانتظام ونفهمه لبنائنا الروحي، ثم نسأل أنفسنا كيف نستخدم ما نقرؤه في إرشاد الآخرين؟ وهذا الجزء الذي اقرؤه في أي موقف يمكننا الاستفادة والاستعانة به؟
فالخادم في جلسة العمل الفردي مع المخدوم يكون كالكاتب المتعلم الذي تكلم عنه سيدنا المسيح له المجد فقال:
"...من اجل ذلك كل كاتب متعلم في ملكوت السماوات يشبه رجلا رب بيت يخرج من كنزه جددا وعتقاء" (مت 13: 52).
يستطيع أن يستشهد فيما يقوله بما ورد في العهدين القديم والجديد.
فلابد أن يتزود الخادم بمهارة استخراج النصوص المختلفة من الكتاب المقدس والاستعانة بها في عملية تقديم المشورة للشخص الذي نخدمه فرديا.
يسال الخادم نفسه خلال جلسته مع المخدوم ثلاث أسئلة مهمة:
+ الشخص الذي اخدمه أين هو الآن؟
+ والى أين يجب أن أساعده ليصل؟
+ وكيف سأساعده ليصل إلى حيث يجب أن يصل؟
لا بد من وضوح الرؤية للخادم وتحديد الهدف ليستطيع مساعدة من يخدم.
وفي جلسة العمل الفردي يتخير الخادم الوسائل التي ستساعده لبلوغ هدفه، هل يناقشه؟ أم يقرأ معه نصًا من الكتاب المقدس؟ أم يطلب منه أن يبحث في موضوع ما؟ ام أن يطلب من المخدوم أن يقرأ كتابا معينا ثم يناقشه فيه؟
فبعدما يتضح الهدف أمام الخادم وبعدما يختار الوسيلة المناسبة ويستخدمها يسأل الخادم نفسه (ربما في نفس الجلسة أو في جلسة تالية):
إلى أي مدى حققت الهدف؟ إلى أي مكان وصل المخدوم؟
إن عملية التخطيط تلك تشبه عملية خروج شعب الله من مصر إلى ارض الموعد، فشعب الله كان في مصر وكان على موسى أن يوصله لأرض الموعد وكانت الوسائل هي في طاعة شعب الله لموسى ولله وفي اتباع وصاياه وأوامره.
عندما يجلس الخادم مع المخدوم في جلسة العمل الفردي فالخادم يدرك إلى أي هدف يتجه وقد حدد مسبقا الزمن اللازم لذلك ومكان الحوار.
وأثناء الجلسة يهتم الخادم بأن يتكلم المخدوم بحرية كاملة وبلا مقاطعة، غير أن الخادم يهتم أيضًا بالا يخرج الحوار عن مساره الصحيح، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. لأن المخدوم قد يتطرق لموضوعات بعيدة عن الهدف من الحوار فيكون لزامًا على الخادم أن ينبهه برفق إلى ضرورة الالتزام بمسار الحوار.
وخير مثال لما نقوله هنا هو حوار سيدنا المسيح له المجد مع المرأة السامرية التي في وقت من أوقات الحوار أرادت أن تذهب في اتجاهات أخرى بعيدًا عن المسار كيلا تواجه حقائق حياتها فما كان من سيدنا المسيح إلا أن أعادها للحوار. وهناك من المخدومين من يتكلم عن سياسة الكنيسة وعن أخطاء الإكليروس والخدام ليبرر أخطائه الشخصية وليبعد بالحوار عن هدفه، فيقوم الخادم بإعادته لمسار الحوار بوداعة وحكمة موضحًا له أن الاهتمام بحياته الخاصة هي الأمر الأهم.
الخادم هو قائد الحوار وموجهه منعًا من انحراف الحوار عن غايته وهدفه.
ربما أننا لا نجيد الإنصات كثيرًا لأننا نحب التكلم بل وعندما ندخل في حوار نميل إلى مقاطعة من يحدثنا محاولين أن نستأثر نحن بالكلام.
والإنصات غير السمع أو الاستماع، فالإنصات هو أن أسمعك بأذني وبقلبي وبعقلي وبعينيَّ وبكل حواسي، وهو أن أتفاعل مع كل ما تقول.
والإنصات يدعوني كي لا استمع لأي شيء آخر سواك وبالا انشغل عنك بأي أمر آخر، والإنصات يجعل محدثك يشعر بأنك مهتم به وبأنه مركز عنايتك وتقديرك فيتشجع لكي يتكلم ويفتح لك قلبه بكل شيء.
يشعر بأنك معه وتشعر بما يشعر به، يحس بتعاطفك.
ما اخطر أن ننشغل بأي شيء آخر بينما المخدوم يتكلم، فننشغل بالموبايل أو بأوراق أو بمشاهدة شيء.
عندها سيشعر المخدوم وكأنه يكلم نفسه فيخجل ويسكت أو ينهي كلامه فلا يتشجع بأن يقول كل ما يريد.
الإنصات فرصة الخادم لكي يعرف المخدوم ولكي يغوص في نفسه ولكي يفهمه ولكي يشعر بما يعانيه فيصير اقرب ما يمكن إليه.
السؤال يهدف إلى الحصول على إجابة.. الحصول على معلومة.. معرفة حقيقة ما.
غير أن الأسئلة الكثيرة تعطي للمخدوم انطباعا بأنه لا يجلس مع خادمه بل مع محقق نيابة، فيجب ان يوجه السؤال بطريقة بسيطة أو غير مباشرة -إن أمكن- فلا يشعر المخدوم بالحرج أو بالخجل.
ولا نسأل عن أمور خاصة جدًا إلا بعد استئذان المخدوم مع ترك الحرية له لكي يجيب أو لا يجيب.
فبعدما ننصت للمخدوم قد نشعر بأن بعض الأمور غير واضحة فنضطر نسأل.
والسؤال مهم ولكن كيف نصيغه بطريقة لا تجعلنا نبدو فيها متطفلين؟
والسؤال قد يكون مغلقا كأن نسأل:
هل شعرت بالغضب عندما سخر منك المدرس؟
فالإجابة محددة بنعم أو لا.
وقد يكون السؤال مفتوحا كأن نسأل:
ما مشاعرك عندما سخر منك المدرس؟
وهنا نتيح للمخدوم الفرصة لكي يعبر عن كل مشاعره بحرية.
أيضًا من الأسئلة المفتوحة كيف حالك في عملك الجديد؟
ما رأيك بالمدرسة الجديدة التي التحقت بها؟
ومن خلال إجابات المخدوم على أسئلتنا يتسنى له القيام بعملية التنفيس كما يتيسر لنا معرفة المزيد عن الشخص الذي نهتم بخدمته.
بعدما يجيب المخدوم على أسئلتنا وبعدما يسترسل نحتاج لأن نلخص ما قاله ونعيده على مسامعه لنتأكد من صحة المعنى الذي وصل إلينا.
فيقول الخادم للمخدوم: من كلامك فهمت انك تقصد كذا وكذا... فهل هذا صحيح؟
فإن أجاب المخدوم بالإيجاب نكون قد فهمنا ما يعنيه، وأما أن قال لنا "لا" فحينها سنطلب منه أن يكرر ما يريد قوله لنفهم ما يقصده.
لأنه من الخطورة أن نسيء الفهم ثم نبني على فهمنا الخاطئ نتائج أخرى.
فالتلخيص عملية من خلالها نتأكد من صحة فهمنا لما يعنيه المتكلم بتكرارنا لملخص ما قاله وما فهمناه من كلامه.
وتعد هذه المهارة قمة المهارات في عملية جلسة العمل الفردي.
فنبدأ بالإنصات للمخدوم باهتمام، ثم نوجه له بعضا الأسئلة لاستيضاح بعض النقاط ولزيادة الفهم، ثم نلخص ما قاله ونكرره عليه لنتأكد من صحة ما فهمناه.
وأخيرًا نسأل المخدوم السؤال الجوهري: "ماذا سنعمل إذن؟"
أو "وما الحل؟"
ونترك للمخدوم الفرصة ليعبر عن أفكاره ومقترحاته للحل، ولا نبدأ نحن بعرض حلولًا ومقترحات.
وأثناء تفكير المخدوم في مقترحات للحل يمكننا أن نصلي صلاة قصيرة للروح القدس لكي يرشدنا فهذا عمله.
يعرض المخدوم بعض فروض الحل وقد نجد فيها ما هو مناسب فنبدأ في مناقشته حول إمكانية تطبيق الفرض الذي وصل إليه.
وقد تكون فروض الحل بعيدة عن إمكانية تطبيقها فنقوم نحن بعرض بعض الفروض ونناقش المخدوم في إمكانية تطبيقها.
وعلى الخادم أن يضع نصب عينيه أن حل المشكلات ليس عملنا ولكن عملنا مساعدة الناس ليحلوا مشاكلهم بأنفسهم.
فأن نعلم المخدوم كيف يفكر وكيف يتوصل لفروض الحل وكيف يحل مشكلته لهو أهم وأجدى وانفع للمخدوم.
قبلما تقدم المشورة تذكر أن:
"عنده الحكمة والقدرة له المشورة والفطنة" (أي 12: 13).
فاطلب من الرب لكي يعطيك المشورة لكي تستقيها من عمق قلبك
"المشورة في قلب الرجل مياه عميقة وذو الفطنة يستقيها" (أم 20: 5).
ومع كل المهارات السابق ذكرها فمن المهم أيضًا أن تكون لدى الخادم القدرة على التعاطف مع المخدوم والقدرة على فهم لغة الجسد كحركة الذراعين وملامح الوجه وحركة العينين.
أيضًا من الضروري أن يشعر المخدوم بأن الخادم يقبله كما هو.
كما أن على الخادم أن يراعي ألا يتعلق به المخدوم تعلقا مرضيًّا.
ومن المهم جدا شعور المخدوم بالأمان لأنه يضع أسراره بين يدي خادم أمين يحفظ الأسرار.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-raphael-nasr/not-alone/skills.html
تقصير الرابط:
tak.la/dkt8wt4