لا أكون مبالغًا إن قلت أن الكنيسة الآن في أمّس الحاجة إلى العمل الفردي أكثر من أي وقت مضي. لماذا؟
لأن عدد أعضاء الكنيسة في ازدياد مطرد والاهتمام كله علي الكمية لا النوعية فتجدنا نفخر بعدد الشباب المشاركين في الأنشطة دون الاهتمام بمدي العمق الروحي لأولئك الشباب.
وتعددت الاجتماعات والإعداد تخدعنا، فقد نجد أن الحاضرين في اجتماع ما بكنيسة معينة مائة شاب فنتنفس الصعداء متصورين أن الأمور تسير علي ما يرام، فالاجتماع ممتلئ بالحضور من الشباب.
ولكن ماذا لو علمنا أن عدد الشباب بتلك الكنيسة يزيد عن الألف شابًا؟
أي أن الحضور لا يزيد عن 10%!!
ولو دخلنا في حوار مباشر مع بعض من هؤلاء الشباب الحاضرين لنتعرف علي عمقهم الروحي ومدي درايتهم بالأمور الدينية ماذا سنجد؟
للأسف سنجد درجة عالية من السطحية والضحالة في معرفة الأمور الدينية عند غالبية الشباب.
وقتها فقط سنصدق أننا بحاجة لمن يمسك بالصنارة ليصطاد هؤلاء الشباب ولن نكتفي بخدمة من يأتي إلينا فقط بل سنسعى لخدمة البعيدين والمجيء بهم لحظيرة الإيمان التي هي الكنيسة.
شبه أحد الخدام الخدمة الجماعية بإنسان يحاول أن يملأ مئة زجاجة بالماء عن طريق رش الماء بخرطوم عليها، أما العمل الفردي فهو أن نأخذ كل زجاجة على حدة ونملأها بالماء ونتأكد من امتلائها.
نعود للسؤال:
لماذا العمل الفردي مهم؟
فالسيد المسيح -كما سبق واشرنا- اهتم اهتمامًا كبيرًا بالعمل الفردي:
+ عندما اختار تلاميذه.
+ في مقابلاته الخاصة.
+ عندما أوصى بأهمية العمل الفردي:
"اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به وها أنا معكم كل الأيام إلى أنقضاء الدهر" (متى 28: 19-20).
وللتأكد مما نقوله أسوق إليكم هذه الحِسبة العجيبة Exponential growth:
فلو أن واعظًا يستطيع أن يكسب كل يوم للمسيح 1000 شخص من عظاته، فانه سيربح للمسيح 365000 شخص في السنة.
تري كم شخصًا سيربحه ذلك الواعظ بعد 25 سنة؟
حوالي 9 مليون شخص.
ولكن تصور معي لو انك بالعمل الفردي تكسب شخصًا واحدًا بالسنة للمسيح -له المجد- وتعلمه العمل الفردي ليستطيع أن يمارسه مع شخص آخر ففي السنة التالية ستكون قد كسبت شخصين يستطيعا أن يكسبا اثنين آخرين ثم 8 و16 و32 و... إلخ.
تري كم شخصًا ستربحه للمسيح -له المجد- بهذا المعدل بعد 25 سنة؟
65 مليون شخصا أي أكثر من سبعة أضعاف العدد الذي ربحه الواعظ الذي يضم للكنيسة ألف شخص يوميًا!!!
عجيبة هذه الحسبة أليس كذلك؟
تري ما الفرق بين الطريقتين؟
الطريقة الأولي هي طريقة الإضافة ففي كل سنة يضاف 365000 للعدد الإجمالي.
والطريقة الثانية هي طريقة التضاعف ففي كل سنة يتضاعف العدد.
فعلي الرغم من أن العمل الفردي يبدو بطيئا إلا أن ثمره وفير ومتضاعف.
يحكي أن احد المبشرين ركب سفينة متجهة لليابان ليبشر بالإنجيل هناك وفي طريقه فكر وصلي قائلا: "يعصرني الألم والخجل لأن التجار وصلوا إلى اليابان قبلي ليتاجروا ببضائعهم بينما أنا أصل متأخر عنهم رغم أن لديَّ الكتاب المقدس الذي هو أثمن من أغلى كنوز العالم".
فمن اجل النفس الواحدة مشي سيدنا المسيح للسامرية ساعات طويلة، ومن اجل النفس الواحدة قضى ليلته في بيت زكا وسمعان الفريسي وأسرة لعازر.
ولكن لماذا النفس البشرية غالية بهذا المقدار؟
+ لأنها من الله:
"وجبل الرب الإله آدم ترابًا من الأرض ونفخ في أنفه نسمة حياة فصار آدم نفسًا حية" (تكوين 7: 2).
+ لان ثمنها دم المسيح:
"عالمين أنكم أُفتديتم لا بأشياء تفنى بفضة أو ذهب من سيرتكم الباطلة.. بل بدم كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس دم المسيح" (1 بطرس 18: 1 -19).
+ لأنها خالدة ومكانها السماء:
"لا تضطرب قلوبكم أنتم تؤمنون بالله فآمنوا بي. في بيت أبي منازل كثيرة وإلا فإني كنت قد قلت لكم أنا أمضي لأعد لكم مكانًا وإن مضيت وأعددت لكم مكانًا آتي أيضًا وآخذكم إلي حتى حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضًا" (يوحنا 1: 14-3).
فعمرنا محدود وقصير وما أحوجنا اليوم إلى القيام والبدء بالعمل، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. فلنصح من نومنا لنجتذب الآخرين إلى المسيح فلهذا الأمر خلقنا الله:
"ينبغي أن أعمل أعمال الذي أرسلني ما دام نهار يأتي ليل حين لا يستطيع أحد أن يعمل" (يوحنا 4: 9).
أتصور أننا في اليوم الأخير سنقف أمام الله ليسألنا عما عملناه مع إخوتنا البعيدين، ألم يسأل الرب قايين قائلا له:
"...أين هابيل أخوك؟..." (تك 4: 9).
بم سنجيب؟
هل سنجرؤ على رد السؤال بسؤال كما فعل قايين فأجاب الرب:
"...لا اعلم أحارس أنا لأخي؟" (تك 4: 9).
نحن مسئولون عن أخوتنا والوقت قصير والعمر يمر بنا سريعا، فلنصحو من نوما ولنفق من غفلتنا لنبحث عن إخوتنا كما فعل موسى النبي:
"...أنا اذهب وارجع إلى إخوتي الذين في مصر لأرى هل هم بعد أحياء" (خر 4: 18).
وأوضح أمثلة لذلك كافة الآباء الرسل والتلاميذ، فمن خلال قيامهم بالعمل الفردي أتوا للمسيح واتوا بآخرين أيضًا للمسيح له المجد.
وعملنا أن نشترك مع سيدنا المسيح في عمله أو كما نقول في أوشية المسافرين:
"اشترك في العمل مع عبيدك".
لنهتم بالعمل الفردي لأن كثيرين ينتظرون ويحتاجون من يفتقدهم ويسأل عنهم ويحتويهم بحبه.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-raphael-nasr/not-alone/important.html
تقصير الرابط:
tak.la/bdvws66