حتى الآن تكلمنا عن شعورنا بالآم أخوتنا المتألمين ثم عن إحساسنا بمسئوليتنا تجاه أخوتنا، ثم تساءلنا عمن هم أولئك الناس الذين يقعون في دائرة مسئوليتنا المباشرة من أهلنا وأخوتنا الجسديين ومن أقربائنا وقد يكونون أولادنا الروحيين في فصول التربية الكنسية أو أعضاء الكنيسة لو كنا نخدم في مجال أشمل.
فبعدما حددنا الناس دعني اسأل:
ما العمل الذي عليَّ أن أعمله لهؤلاء الناس؟
أو ما الذي يحتاجه الناس مني لأساعدهم به؟
هل يحتاجون التعليم؟
بلا شك فالتعليم وسيلة من وسائل التغيير، تغيير الذهن والمشاعر بل وتغيير السلوك.
التعليم هام جدا لتغيير الناس ولجعل حياتهم أفضل.
ولهذا ينصح معلمنا القديس بولس الرسول تلميذه القديس تيموثاوس قائلا له:
"لاحظ نفسك والتعليم وداوم على ذلك لأنك إذا فعلت هذا تخلص نفسك والذين يسمعونك أيضًا" (1تي 4: 16).
فالتعليم يفيد المتعلم والمعلم بآنٍ واحد.
وكانت الكنيسة حتى منتصف القرن العشرين تحتاج الاهتمام بمزيد من التعليم، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ورغم جهود الكثيرين من الآباء البطاركة في هذا المجال مثل البابا كيرلس الرابع الملقب بأبو الإصلاح والبابا كيرلس الخامس إلا أن الكنيسة كانت أيضًا تفتقر إلى الاهتمام بالتعليم.
فلما جلس قداسة البابا كيرلس السادس على الكرسي المرقصي اهتم بالتعليم حتى انه رسم أسقفين أحدهما للتعليم (الأنبا شنودة أسقف التعليم) والثاني للبحث العلمي الدراسات القبطية (الأنبا غريغوريوس).
وازداد الاهتمام بالتعليم لما تبوأ قداسة البابا شنودة الثالث (أسقف التعليم سابقا) سدة البابوية وانتشرت الكتب وشرائط الكاسيت والفيديو ومع التقدم التكنولوجي انتشرت الأقراص المدمجة والبرامج على القنوات الفضائية المسيحية.
وما أن وصلنا لبدايات القرن الواحد والعشرين حتى صرنا محاطين بالمعرفة والتعليم بدرجة كبيرة، بل وبدأ الناس بالتكاسل في حضور الاجتماعات الروحية في الكنائس مستبدلينها بالقنوات الفضائية المسيحية وبالمواقع المسيحية على شبكة الانترنت.
التعليم صار منتشرًا ومتاحًا ويمكن الحصول عليه بسهولة لكل من يبحث عنه.
إذن عن ماذا يبحث الناس؟
وما الذي يحتاجونه هذه الأيام؟
هل لم يعودوا يحتاجون التعليم؟
لا احد يستغني عن التعليم، ولكنه سهل ومتاح.
أكثر ما يحتاجه الناس هذه الأيام الأيدي الحانية التي تربت علي أكتافهم وقت الألم.
الكلمة المشجعة والمعزية التي تسندهم وقت المحنة.
والإرشاد والمشورة اللذان ينيران الطريق وقت المشكلات وعند الوقوع في حيرة الاختيارات.
ولا سبيل للحنو والتعزية والإرشاد إلا من خلال العمل الفردي.
فهو -أي العمل الفردي- وسيلتنا هذه الأيام لخدمة الناس المثقلين بالهموم والحائرين عند مفترق الطرقات.
وما أصعب السبل الآن لإيجاد تلك الأيدي الحانية والكلمة المشجعة والمشورة الهادية للطريق.
"ونطلب إليكم أيها الأخوة انذروا الذين بلا ترتيب شجعوا صغار النفوس اسندوا الضعفاء تأنوا على الجميع" (1تس 5: 14). |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-raphael-nasr/not-alone/act.html
تقصير الرابط:
tak.la/ps37367