بعدما شعرت وأحسست بمعاناة الناس وبمسئوليتك لتقوم بشيء ما دعنا نفكر من هم هؤلاء الناس الذين يريدك الرب أن تهتم بهم؟
من هم الناس الذين سيسألك عنهم الله في اليوم الأخير؟
اسمع لما قاله سيدنا المسيح -له المجد- لتلاميذه قبيل صعوده للسماء:
"لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم وتكونون لي شهودا في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة والى أقصى الأرض" (اع 1: 8).
ما الذي عناه ربنا بهذه المقولة؟
وما علاقتي أنا بها؟
وكيف أطبقها في حياتي؟
هل مطلوب مني أن اشهد للمسيح في أورشاليم والسامرة والى أقصى الأرض؟
فسر المفسرون هذه الآية بأن أورشاليم هي النفس البشرية (نفسي) واليهودية هي أسرتي والسامرة هم أقربائي وجيراني وزملائي وأصدقائي وأقصى الأرض هم كل إنسان آخر.
فمن المستحيل أن أكون شاهدًا للمسيح أمام أي إنسان قبلما ادخل المسيح في قلبي وقبلما اقبله أنا شخصيًا (أورشاليم).
وبعدما يدخل المسيح في حياتي استطيع أن اشهد به أمام أسرتي (إقليم اليهودية) بعدها أجرؤ لأن أتكلم عنه بين معارفي وفي النهاية اقدر أن اشهد للمسيح أمام أي إنسان في أي مكان في العالم.
إذن فأنت مسئول أولًا عن نفسك، فهل بدأت في قبول المسيح في حياتك؟
وهل هو يملك على قلبك؟
فإن كنت قد بدأت مع المسيح فتقدر من الآن أن تعتبر نفسك مسئولًا عن أسرتك ثم معارفك وأقاربك وأصدقائك.
وأما أن كنت خادمًا بالكنيسة ففصلك هو مسئوليتك، وكلما اتسعت دائرة خدمتك ازدادت مسئولياتك، فالخادم في فصله والكاهن في الكنيسة التي قسم عليها وهكذا....
فلو كنت خادما فهل تعرف أسماء أولادك في فصلك؟
وهل تذكر أشكالهم؟ وهل يعرفونك؟
وكذلك الأب الكاهن هل يعرف اسم كل عضو في كنيسته؟
وهل يذكر أشكالهم؟
العلاقة بين الرعية والراعي تقوم أولا على معرفة الراعي للرعية ومعرفة الرعية للراعي، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ولهذا فإن سيدنا المسيح -له المجد- يقول:
"أما أنا فاني الراعي الصالح واعرف خاصتي وخاصتي تعرفني" (يو 10: 14) ثم يقول:
"... فيدعو خرافه الخاصة بأسماء ويخرجها" (يو 10: 3) إذن فهو قد أطلق على خرافه أسماء يناديها بها، ولاسم الشخص أهمية عظمى، لأن الاسم هو الكينونة والذات، فعندما أناديك باسمك فأنا اهتم بك وأقدرك.
هل تذكر مشاعرك عندما سألك احدهم عن اسمك بعدما بدأ معك حوارا؟
شعرت بعدم القيمة عند محدثك، فلهذا معرفة الأسماء وحفظها أمر في غاية الأهمية.
معرفتك بأسماء أولادك الروحيين أمر هام ثم يليه معرفتهم بك ومعرفتك بهم، اعني هنا أن تعرف احتياجاتهم ومشكلاتهم وخصائصهم الشخصية.
فسيدنا المسيح -له المجد- يشرح الرعاية بأوضح ما يكون الشرح في (يوحنا 10) فيقول:
"ومتى اخرج خرافه الخاصة يذهب أمامها والخراف تتبعه لأنها تعرف صوته" (يو 10: 4).
والصوت هنا يعني الأسلوب والطريقة فالرعية تتبع الراعي الذي تعرف أسلوبه وطريقته وتعرفه هو شخصيًا.
كما أن الراعي يعرف الكثير عن خرافه (تلاميذه وأولاده الروحيين).
ومن خلال حواراته معهم يعرف مشكلاتهم وما يحتاجون إليه ويعرف إمكانياتهم وقدراتهم ومواهبهم.
ولكن مبدئيا لنسأل:
هل تعرف الناس الذين يقعون في دائرة مسئوليتك؟
الأمر المحير أننا قد نعرف كثيرين ممن يقعون في دائرة مسئولياتنا وننسى القريبين منا جدا!
حتى أننا نشعر بالخجل عندما نقرأ أو نسمع سؤال الرب لقايين:
"... أين هابيل أخوك" (تك 4: 9).
ويزداد خجلنا لو كانت إجابتنا على السؤال هي:
"...لا اعلم..." (تك 4: 9).
تأثر احد الشباب بعظة الأب الكاهن عن المسنين وعن أهمية رعايتنا لهم فبادر بمقابلة الأب الكاهن فور انتهائه من العظة وقال له بلهفة: "أبي أريد أن اخدم المسنين".
فرد عليه الأب الكاهن: "هل تعرف عم (فلان)؟".
فأحنى الشاب رأسه خجلًا لأن عم (فلان) هو جده الذي لا يزره ولا يسأل عنه.
فأحيانا نتحمس لخدمة الناس فهم أعضاء جسد المسيح وننسى اليهودية (أعني أهل بيتي) والسامرة (أعني أقربائي وجيراني ومعارفي).
ولأهمية العناية بأهلنا وأقربائنا يقول معلمنا القديس بولس الرسول محذرًا إيانا من التقصير:
"وان كان احد لا يعتني بخاصته ولا سيما أهل بيته فقد أنكر الإيمان وهو شر من غير المؤمن" (1تي 5: 8).
اجلس الآن في مكان هادئ وتناول ورقة وقلم وابدأ في كتابة أسماء من يحتاجون عنايتك وخدمتك من أسرتك ثم من أقربائك وأصدقائك وجيرانك ومعارفك.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-raphael-nasr/not-alone/who.html
تقصير الرابط:
tak.la/cy2bj2d