بحثت في الإنجيل المقدس عن إجابة لهذا السؤال فاستوقفتني كلمات ربنا يسوع المسيح:
"لذلك أقول لكم لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون وبما تشربون ولا لأجسادكم بما تلبسون أليست الحياة أفضل من الطعام والجسد أفضل من اللباس" (مت 6: 25).
ومن قول الرب استنتجت إن جسدي لا يستحق أن أهتم به بل عليَّ أن أهمله.
وبعد أيام قليلة دُعِيت لحضور قداس إكليل لأحد أقربائي فحضرت وأصغيت لِما يُقال فسمعت الشماس يقرأ البولس ويقول:
"فإنه لم يبغض أحد جسده قط بل يقوته ويربيه كما الرب أيضًا للكنيسة" (أف 5: 29).
أي إننا يجب أن نحب جسدنا وأن نقيته (نطعمه) ونربيه، وهنا شعرت بالحيرة الشديدة وتساءلت:
هل هناك تعارض بين ما قاله سيدنا المسيح وما يقوله معلمنا القديس بولس الرسول!؟
الحقيقة أن تفسير الآيات نصل إليه من متابعتنا للسياق التي جاءت فيه تلك الآيات.
فعندما أوصانا سيدنا المسيح (في الآية الأولى) ألا نهتم بما نأكل أو بما نشرب أو بما نلبس إنما كان يتحدث إلى من يكنزون المال ويهتمون بجمعه حماية وتأمينًا لأنفسهم من المستقبل الغامض، فأراد سيدنا المسيح أن يطمئنهم ويزيل قلقهم وخوفهم من المستقبل بأن أوضح لهم أنه من يهتم باحتياجاتهم الحياتية واليومية.
وأما في الآية الثانية لمعلمنا القديس بولس الرسول فإنه كان يقصد أن نهتم باحتياجات الجسد دونما قلق وخوف من المستقبل، نهتم بالجسد لأننا لا نبغضه فهو -أي الجسد- عطية الله لنا.
وقد أهتم سيدنا المسيح له المجد بجسد الإنسان، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ودليلنا على ما نقول يتضح فيما يلي:
معجزات إشباع الجوع: مثل إشباع خمسة آلاف رجل ماعدا النساء والأطفال (لوقا 9) ثم إشباع الأربعة آلاف (مر 8).
أليس الإطعام اهتمام بالجسد؟
وهذا يتفق مع القول السابق لمعلمنا القديس بولس الرسول: "فإنه لم يبغض أحد جسده قط بل يقوته ويربيه كما الرب أيضًا للكنيسة" (أف 5: 29).
معجزات شفاء المرضى: وهي كثيرة جدًا وكمثال لها شفاء المولود أعمى (يو 9) والمفلوج (مر 2) والرجل ذو اليد اليابسة (مر 3) وغيرها العديد والعديد من المعجزات التي أعاد فيها سيدنا المسيح له المجد الصحة للجسد.
"... فجميع الذين لمسوه نالوا الشفاء" (مت 14: 36).
النوم من حيث كونه اهتمام بالجسد: فسيدنا المسيح له المجد كان نائمًا في مؤخرة السفينة عندما هاج البحر علي التلاميذ (مر 4: 38) بل أن سيدنا المسيح له المجد قد قالها صراحة لتلاميذه في بستان جثسيماني: "... ناموا الآن واستريحوا..." (مت 26: 45).
الراحة: من الآية السابقة نرى أن سيدنا المسيح له المجد طلب من التلاميذ أن يستريحوا وقد علل ذلك بقوله: "...أما الروح فنشيط وأما الجسد فضعيف" (مر 14: 38).
أيضًا عندما كان سيدنا المسيح له المجد يلحظ أن تلاميذه قد تعبوا كان يريح أجسادهم المنهكة بالابتعاد عن الناس وبتناول الطعام:
"فقال لهم تعالوا انتم منفردين إلى موضع خلاء واستريحوا قليلًا لأن القادمين والذاهبين كانوا كثيرين ولم تتيسر لهم فرصة للأكل" (مر 6: 31).
الرياضة البدنية: لو لم يكن لممارسة الرياضة البدنية أهمية لَمَا قال معلمنا القديس بولس الرسول:
"لأن الرياضة الجسدية نافعة لقليل..." (1تي 4: 8).
خلاص الجسد: وأما قمة اهتمام سيدنا المسيح له المجد بالجسد أن معلمنا القديس بولس الرسول دعاه "مخلص الجسد" لما تحدث عن علاقة المسيح بالكنيسة "...كما أن المسيح أيضًا رأس الكنيسة وهو مخلص الجسد" (أف 5: 23).
أن هناك فرقًا بين أن نهتم بالجسد لكي ينمو صحيحًا ولكي يبقى سليمًا وقويًا وبين أن نقلق بشأن الطعام والشراب واللباس.
كما أن اهتمامنا بصحة الجسد لا يعني أن ندلله أو نسلك بحسب شهواتنا:
"وإنما أقول أسلكوا بالروح فلا تكملوا شهوة الجسد" (غل 5: 16).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-raphael-nasr/magnificent-body/care.html
تقصير الرابط:
tak.la/nz6zx54