St-Takla.org  >   books  >   fr-pakhomius-marcos  >   god-forsaken-me
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب إيمان الكنيسة حول آية: إلهي، إلهي، لماذا تركتني - القس باخوميوس القمص مرقص جبرة

11- شرح القديسين غريغوريوس وكيرلس للآية

 

القديس غريغوريوس الناطق بالإلهيات

أما عن القديس غريغوريوس النزينزي الناطق بالإلهيات، فيمكن أن نلخص فكره كله في جملة ذهبية قالها وهي:

[جاعلًا من حالتنا حالته الخاصة]

وبذلك فإن الذي كان قد تُرك سابقًا هو نحن البشر، أما هو فقد نقل إلى نفسه هذا الترك. ولكن كيف يَتركُ الآبُ الإبنَ، أو الإبنُ الآبَ؛ فحال أن نقل إليه حالتنا، أرجعنا إلى بنوة الآب ثانيةً.

 

العظة اللاهوتية الرابعة (والثانية بخصوص أقنوم الإبن) للقديس غريغوريوس النزينزي

{إنه من أجلي قد دُعي لعنة[56] ذاك الذي رفع خطية العالم؛ وأصبح آدم الجديد[57] ليحل محل القديم، حتى يأخذ عصياني إليه كرأس للجسد الكامل[58]. إذًا فعلى قدر ما أنا عاصي ومتمرد عن طريق إنكار الله وعن طريق شهواتي، على قدر ما دُعي المسيح عاصيًا من أجلي. ولكن حينما أُخضع الكل له[59]، بواسطة تسليمهم له (إدراكهم له) من ناحيةٍ، وبواسطة تجديدهم من ناحية آخرى، فحيئذ سيتمم (المسيح) خضوعه، مُحضِرًا إياي -أنا الذي قد خلصني – إلى الله. لأن هذا، طبقًا لرؤيتي، هو خضوع المسيح؛ أعنى تتميم إرادة الآب. ولكن كما يُخضع الإبنُ الكل للآبِ، هكذا يصنع الآبُ للإبنِ؛ الواحد (أي الإبن) بصنيعه والآخر (أي الآب) بمسرته، كما قد قلنا سابقًا. ومن ثَمَّ، فإن الذي يُخضِع، يُقدِم لله ما قد أَخضعه، جاعلًا من حالتنا حالته الخاصة. وفي نفس السياق، يظهر لي تعبير: "إلهي إلهي، لماذا تركتني؟" لأنه لم يكن هو الذي تُرك، لا من الآب ولا من ألوهيته، كما ظن البعض، وكأنه كان خائفًا من آلامه، وبالتالي انسحبت (الألوهية) منه في معاناته. لأنه مَن أجبره حتى يولد على الأرض من الأساس، أو أن يُرفع على الصليب؟ ولكن كما قلت، فإنه في شخصه الخاص كان يمثلنا. لأننا كنا قد تُركنا ورُفضنا قبلًا، ولكن الآن عن طريق آلامه ذاك الذي لم يمكن أن يتألم، رُفعنا وأُنقذنا. وبالمثل، جَعَلَ لنفسه حماقتنا وتعدياتنا؛ ويقول ما يلي (المكتوب) في المزمور، لأنه من الواضح جدًا أن المزمور الحادي والعشرين[60] يشير إلى المسيح.}[61]

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

St-Takla.org                     Divider   فاصل موقع سانت تكلا دوت أورج للكنيسة المسيحية

St-Takla.org Image: His Holiness Pope Cyril the pillar of religion, details from Meghalo, ink and color with Photoshop, version 2, 2013, used with permission - by Mina Anton صورة في موقع الأنبا تكلا: قداسة البابا المعظم الأنبا كيرلس عمود الدين، تفاصيل من لوحة ميغالو، 2013، موضوعة بإذن - رسم الفنان مينا أنطون

St-Takla.org Image: His Holiness Pope Cyril the pillar of religion, details from Meghalo, ink and color with Photoshop, version 2, 2013, used with permission - by Mina Anton

صورة في موقع الأنبا تكلا: قداسة البابا المعظم الأنبا كيرلس عمود الدين، تفاصيل من لوحة ميغالو، 2013، موضوعة بإذن - رسم الفنان مينا أنطون

القديس كيرلس السكندري

نختتم تفاسير الآباء عن هذه الآية بتفسير عمود الدين القديس كيرلس الكبير والمذكور في أكثر من كتاب. فهو يشرح في كتابه "المسيح واحد"، في هيئة حوار مع شخص رُمز له بحرف Β، كيف أن المسيح الواحد (من الطبيعتين اللاهوتية والناسوتية) نما في القامة والنعمة وصنع معجزات وتألم ومات. وفيما هو يتكلم عن المسيح الواحد ذكر أيضًا كيف أنه بالتدبير قال: “إلهي إلهي لماذا تركتني". فالمسيح الواحد نطق بتلك الكلمات كواحدٍ من البشر الذين يعانون من الترك، ولكن بالطبع هو لا يعاني من ترك أبيه له، ولذلك كانت تلك الصرخة هي بمثابة استدعاء لحنو الآب مرة أخرى على البشر، لأنه لن يترك ابنه الذي صار واحدًا منا. فيقول القديس كيرلس:

[إذا اعتبرنا أن الابن الوحيد تأنس، فهذا الاعتبار هو الذي يجعلنا نفهم لماذا صدرت عنه هذه الكلمات، لأنه صار كواحد منا ونائب عن كل الإنسانية، وقال هذه الكلمات لأن الإنسان الأول تعدى وسقط في عدم الطاعة ولم يسمع الوصية التي أعطيت له وإنما تعداها بمكر الحية، فصار أسيرًا للتعدي ولذلك بكل حق أُخضِعَ للفساد والموت. ولكن الابن صار البداية الجديدة على الأرض ودُعي آدم الثاني. وكأن الابن الوحيد يقول (للآب): "أنت ترى فيَّ أنا الجنس البشري وقد وصل إلى عدم الخطأ وقدوس وطاهر، فأعطه الآن البشارة المفرحة الخاصة بتعطفك وأزل تخليك، وأنتهر الفساد وليصل غضبك إلى نهايته. لقد غلبت الشيطان نفسه الذي نجح قديما ولكنه لم يجد فيَّ شيئًا يخصَّه". هذه معاني كلمات المخلص التي كان يستدعي بها تعطف الآب، ليس عليه هو، بل على الجنس البشري الذي كان يمثله.] [62]

 

 هذا وقد ذكر أيضًا القديس كيرلس نفس الإيمان في رسائله للملكات فيقول:

[ماذا يقصده، إذن، بقوله: «إلهي إلهي لماذا تركتني»؟! نقول إنه لَمَّا داس أبونا الأول آدم الوصيةَ المُعطاة له وتغاضى عن النواميس الإلهية، قد تُركَت (هُجِرَت) الطبيعة البشرية بنوعٍ ما من قِبَل الله، بل وصارت بسبب ذلك ملعونةً ومستوجبةَ الموت. فلما سكن الكلمة ابن الله الوحيد العالم بالجسد ليعيد تشكيله إلى عدم الفساد، وأمسك بنسل إبراهيم، وصار مُشابهًا لإخوته (عب 2: 17،16)، كان يجب أن يضع حدًّا لهذا "الترك" الذي أصاب الطبيعة البشرية، كما وضع حدًّا للَّعنة القديمة وللفساد المندس فينا (من الخارج). لذلك بصفته واحدًا من المتروكين، إذ قد اشترك معنا وماثلنا في اللحم والدم، ولأنه كان واحد من هؤلاء الذين هُجروا[63]، قال: «لماذا تركتني»؟ فهذا قول شخص يُبطل بالفعل الترك الذي أصابنا، ويستميل لنفسه الآب، داعيًا رضاه علينا، وكأنه يدعوه على نفسه هو أولًا. فقد صار المسيح لنا بدايةً ومصدرًا لجميع الخيرات، وكل ما قيل إنه ينال بصفته البشرية شيئًا من الآب، فذلك لكي يُوصِّله لطبيعتنا نحن. أما هو في ذاته فكامل ولا يُعوزه شيء قط، إذ هو الله.][64]

وبذلك نرى تفسير كبار آباء الكنيسة أن ربنا يسوع أخذنا في جسده وصرخ بنا هذه الصرخة التي كان يجب أن نصرخها نحن، ولأنه لا يمكن أن يتركه الآب، فتمت المصالحة وبَطُلَ الترك القديم ونلنا كل ما ناله المسيح بصفته البشرية من الآب.

St-Takla.org                     Divider   فاصل موقع سانت تكلا دوت أورج للكنيسة المسيحية

والمجد لله على كل شيء.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

[56] (غل 3: 13).

[57] (1 كو 15: 45).

[58] أي أن المسيح عندما أصبح رأسنا الجديد وحل محل آدم القديم، أخذ خطايانا ومعصيتنا وجعلها مسئوليته لتطهرينا، لأنه هو رأسنا ونحن جسده.

[59] (1كو 15: 27).

[60] يختلف ترقيم المزامير بين الترجمات المختلفة للكتاب المقدس، وهو هنا يقصد المزمور 22 في الترجمة العربية الحالية المتاحة بين أيدينا.

[62] القديس كيرلس الكبير، المسيح واحد، ترجمة المركز الأرثوذكسي للدراسات الأبائية، فصل 11.

[63] أي أنه حُسِبَ واحد ضمن البشر.

[64] القديس كيرلس الكبير، الإيمان القويم إلى الملكات، ترجمة المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية، المقالة الثانية التوضيحية عن الإيمان المستقيم للملكات. 18.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-pakhomius-marcos/god-forsaken-me/gregory-cyril.html

تقصير الرابط:
tak.la/89s276a