الفصل الخامس والأربعون: 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7
ومرة أخرى نقرر أن كل جزء من الخليقة يعلن مجد الله. فالطبيعة -وهي تشهد لخالقها- تقدم شهادة ثانية (بالمعجزات) للإله المتجسد. وإذ انحرفت شهادة الطبيعة بسبب خطية الإنسان، فقد أُلْزِمَت للرجوع إلى الحق. وإن لم تَكفِ هذه البراهين، فليتأمل اليونانيون في الوقائِع والحقائق الثابتة.
1- إذن اقتضى الحال أن يأخذ كلمة الله جسدًا، ويستخدم أداة بشرية، لكي يحيي الجسد أيضًا. وكما أنه معروف في الخليقة بأعماله فيجب أن يعمل في الإنسان أيضًا، ويظهر نفسه في كل مكان، لكي لا يترك شيئًا من لاهوته ومن معرفته.
2- وأعود فأكرر ما سبق أن ذكرته، أن المُخَلِّص فعل ذلك، حتى، كما يملأ كل الأشياء في كل الجهات بوجوده، كذلك أيضًا يملأ كل الأشياء من معرفته، كما يقول الكتاب المقدس أيضًا “الأرض كلها امتلأت من معرفة الرب(138)“.
3- لأنه إن تطلع الإنسان فقط إلى السماء فإنه يرى مدبرها، أو إن كان لا يستطيع أن يرفع وجهه إلى السماء بل للإنسان(139) فقط، فإنه يرى سلطانه(140) - الذي لا وجه لمقارنته بسلطان البشر ظاهرًا في أعماله، ويدرك أنه وحده بين البشر هو الله “الكلمة”. وإذا ضل إنسان بين الشياطين وارتعب منهم، لاستطاع أن يرى هذا الإنسان يطردها، ولأيقن انه هو سيدها. وإذا غرق إنسان في المياه وتوهم أنها هي الله، كما كان المصريون القدماء مثلًا يعبدون الماء، لاستطاع أن يرى طبيعتها تتغير بسلطانه، ويدرك أن الرب هو خالق المياه.
4- أما إذا أنزل امرؤ حتى إلى الهاوية(141)، ووقف خاشعًا أمام الأبطال الذين نزلوا إليها، معتبرًا إياهم آلهة، فإنه لا يزال يستطيع أن يرى حقيقة قيامة المسيح وغلبته على الموت، ويتيقن أن المسيح بينهم أيضًا هو وحده إله حق ورب حق.
5- لأن الرب لمس كل أجزاء الخليقة، وحررها كلها من كل خداع كما يقول بولس “إذا نزع عن نفسه الرياسات والسلاطين ظفر بهم على الصليب(142)” لكي لا يعود أي إنسان ينخدع، بأي حال من الأحوال، بل يجد في كل مكان كلمة الله الحق.
6- وهكذا إذ أغلق على الإنسان من كل ناحية(143)، وإذ يبصر لاهوت الكلمة معلنًا في كل مكان، أي في السماء، وفي الهاوية، وفي الإنسان وعلى الأرض، لا يصير بعد معرضًا للخداع والضلال عن الله، بل يعبد المسيح وحده، وبه يأتي مباشرة ليعرف الآب.
7- بهذه البراهين المعقولة لا شك في أننا نخزي الأمم بدورهم. وأما أن رأوا البراهين لا تكفي لتخجيلهم، فليصدقوا على أي حال ما نقدمه من وقائع ظاهرة أمام أنظار الجميع.
← انظر كتب أخرى للمترجم هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
_____
(138) “الأرض تمتلئ من معرفة الرب” (إشعياء 11: 9).
(139) أي الله الذي ظهر كإنسان.
(140) أي سلطان الله.
(141) الجحيم.
(142) “إذ جرد الرياسات والسلاطين وأشهرهم جهارًا ظافرًا بهم فيه (أي في الصليب)” (كو 2: 15).
(143) أن التجسد يكمل دائرة شهادة الله نفسه ومسئولية الإنسان.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-morcos-dawoud/incarnation-of-the-word/glory-of-god.html
تقصير الرابط:
tak.la/4y9qpyc