الفصل الثاني والثلاثون: 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6
وَمَنْ ذا الذي كان يجب أن يراه وهو يقوم لكي يؤمن؟ نعم إن الله غير منظور أبدًا، ومعروف بأعماله فقط. وهنا تنطق الأعمال لتقدم البرهان. إن كنت لا تؤمن فانظر إلى مَنْ يؤمنون وأبْصِر لاهوت المسيح. إن الأرواح الشريرة ترى هذا وهو طمست بصيرة البشر. ملخص للحجج السابقة إلى الآن.
1- ولكن إن كان لا يُصدق أنه قد قام لأنه لا يُرى، لَجَازَ لمن لا يصدقون أن ينكروا مجرى الطبيعة. لأن من خواص الله الغريبة أنه لا يُرى، ومع ذلك فهو يُعرف من أعماله كما بيننا فيما سبق.
2- ولو لم توجد الأعمال لجاز لهم أن ينكروا ما هو غير ظاهر. أما إن كانت الأعمال تصرخ عاليًا، وتوضحه(88) جليًا، فلماذا يحبون أن ينكروا الحياة الناجمة بجلاء عن القيامة؟ لأنه حتى ولو طمست بصيرة البشر فإنهم بحواسهم الظاهرة يستطيعون أن يدركوا قوة المسيح ولاهوته، اللذين لا يمكن أن يتطرق الشك إليهما.
3- لأنه إن كان الأعمى لا يرى الشمس، فإنه عندما يحس الحرارة المنبعثة منها، يدرك أن هناك شمسًا فوق الأرض، هكذا أيضًا إن كان مقاومونا لا يؤمنون للآن لأنهم لا يزالون عميانًا عن الحق، فإنهم على الأقل، إذ يدركون قوة المسيح في الآخرين الذين يؤمنون، يجب ألا ينكروا لاهوته والقيامة التي أتمها.
4- وواضح أنه لو كان المسيح ميتًا، لما استطاع أن يطرد الأرواح النجسة ويحطم الأوثان. إذ الأرواح لا تخضع لإنسان ميت، أما إن كانت تطرد جهارًا بمجرد ذكر اسمه، فإنه يتضح من ذلك أنه ليس ميتًا، سيما وإن الأرواح -وهي ترى ما لا يراه البشر- تستطيع أن تخبر إن كان المسيح ميتًا، وترفض الخضوع له على الإطلاق.
5- أما والأرواح ترى -ما لا يؤمن به الملحدون- أنه هو الله، فإنها تطير وتجثو تحت قدميه، وتردد ما سبق أن نطقت به وهو في الجسد “نحن نعرفك من أنت قدوس الله(89)“، “مالنا ولك يا يسوع ابن الله استحلفك أن لا تعذبني(90)“.
6- فإن كانت الشياطين تعترف به، وأعماله تشهد له يومًا فيومًا، فقد اتضح جليًا -ويجب أن لا يتصلف أحد نحو الحق- أن المُخَلِّص أقام جسده، وأنه هو ابن الله الحقيقي المولود منه كما من أبيه، وأنه هو كلمته وحكمته وقوته، الذي في الأزمنة الأخيرة اتخذ جسدًا لخلاص الجميع، وعلم العالم عن الآب، وأبطل الموت، ووهب الكل عدم الفساد بموعد القيامة إذ أقام جسده كباكورة لذلك، وأظهره بعلامة الصليب كعلامة للظفر على الموت وفساده.
← انظر كتب أخرى للمترجم هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
_____
(88) أي توضح ما هو غير ظاهر.
(89) (لوقا 4: 34).
(90) (مرقس 5: 7).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-morcos-dawoud/incarnation-of-the-word/faith-in-god.html
تقصير الرابط:
tak.la/s58rg8w