ولكن إذا قدر لك أن تواجه هذه الرحلة فأسرع وصمم وابحث في أركان قلبك ربما تجد عند الباب خطية رابضة إليك اشتياقها - ابحث وجد في البحث وآت بقارورة الطيب واكسرها عند قدمي السيد المسيح وتب ببكاء وعزيمة صادقة.
هل أنت أيها الخادم الحبيب من يقول "أما أنا فصلاة" (مز 109: 4) أريدك فقط أيها الحبيب أن تجرب الصلاة عمليًا، هل فكرت يومًا أن تذكر أولادك فردًا فردًا، فالخادم المصلى من أجل أولاده في كل احتياجاتهم وضيقاتهم ومشاكلهم وامتحاناتهم، وأمراضهم، احتياجاتهم المادية.
والخدمة تعلم الخادم أن يدخل إلى مخدعه ويغلق بابه ويصلى من اجل خلاص نفسه ومن اجل خلاص المخدومين ولاسيما البعيدين عن الكنيسة صارخًا من قلبه كالكنيسة " الساقطين أقمهم، القيام ثبتهم " في المخدع الداخلى تختلي مع الرب يسوع وتقول مع عروس النشيد "فَأَمْسَكْتُهُ وَلَمْ أَرْخِهِ، حَتَّى أَدْخَلْتُهُ بَيْتَ أُمِّي وَحُجْرَةَ مَنْ حَبِلَتْ بِي" (نش 3: 4) أي حجرة قلبك وتختلي بحبيبك يسوع مخلصنا الصالح حيث الشعور بالسعادة والبهجة والسرور والسلام، فإن لم تشعر بذلك في صلاتك فلا بد أن تبحث جيدًا في دائرة نفسك عن السبب لكي تعزل كل فكر خبيث وكل ميول للخطية يشعرك بهذا الفتور وعدم الاستمتاع بمخلصنا وتذوق حلاوته وحبه وحنانه الغير موصوف.
فالخادم الروحي المُصَلّي الذي يحافظ على قانونه وحياته الروحية يستمر في الصلاة مرددًا قول المتنيح قداسة البابا شنودة الثالث "ها أصلي مهما حصلي"، وهنا يتعود على المثابرة وعدم الانهزام لأي فِكر أو حرب تدخله في الفتور الروحي.
وفى هذا الصدد عن "أهمية الصلاة في الخدمة وللخدمة وللخدام أنفسهم" يتكلم دكتور راغب عبد النور في مقال له كتبه عن ذلك قال فيه (7)[ كل الذين اختبروا اجتماعات الصلاة يعرفون تمامًا فعلها المعجزي في حياه الخدمة إلى درجة فاقت حد التصورات، وقد اهتمت فرق مدراس الأحد بهذه الاجتماعات اهتمامًا كبيرًا حتى لتكاد يكون قامتها إجماعًا تامًا من كل الفروع - فبعض الجهات اصطلحت أن تكون اجتماعات الصلاة قبل اجتماع مدارس الأحد بالذات وفيها يحضر المدرسون مبكرين قبل الأولاد بساعة يصلون خلالها ويتضرعون، فينعمون بالرب وأيضًا يتزودون ثم ينطلقون إلى فرقهم يوزعون عليها بركات الرب التي وهبها لهم في هذا الاجتماع..
- وهيئة أخرى من مدارس الأحد اقل من سابقتها تنظيمًا تطلب من المدرس أن يصلى قبل التدريس، وتحتم عليه ذلك فنجد المدرسين يأتون فرادى وقبل أن يتوجه كل منهم إلى فرقته مدرسًا يذهب إلى مكان منعزل بالكنيسة يصلى كثيرًا أو قليلًا حسب رغبته في الصلاة وحسبما يسمح له الوقت، وفرق أخرى اصطلحت أن تكون فيها جماعة أسمتها "جماعة الصلاة" عملها كله الصلاة، فبينما تجتمع مدارس الأحد ويتولى كل مدرس فرقته، يجتمع هؤلاء منسكبين مصلين في خلوة خاصة كل مدة التدريس وبذلك يعملون العمل السري المهم فيتولون مسئولية إيصال الكلمة إلى قلوب التلاميذ بينما يكون المدرس قد تولى توصيلها إلى مسامعهم.
† وما قيل عن اجتماعات التدريس بمدارس الأحد يُقال عن اجتماعات الشبان، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وقد وجدنا واختبرنا أن مدارس الأحد المُنتجة الناجحة فعلًا في خدمتها هي المدارس التي داومت على هذه الاجتماعات وعلى تنميتها، ولم نسمع مطلقًا عن مدارس أحد قد فشلت أو فتُرت ولها اجتماع الصلاة الحار. ثم إذا كان هذا مهمًا بالنسبة للمخدومين فكم تظنه مهمًا أيضًا للخادمين(الخدام). فأنت أيها الخادم ألست في خدمتك تبذل وتعطى ثم ألست أنت أيضًا في حاجه لأن تجدد ما فقدته، ألست أنت أيضًا في العالم معرضًا للتجارب الشريرة وما أكثر وما اشر تجارب الخدام - ألا ينبغي لك أن تحتاط لهذه التجارب- أعلم أن خدمتك مع قوتها واختباراتك، مع صدقها وإيمانك مع قدمه – كل ذلك ليس كافيا ليضمن لك مستقبل خدمتك وحياتك. فعليك أن تتمتع وتتحصَّن في الرب وفي اسمه – لذلك جدد قوتك بتجديد خلوتك وداوم على اجتماع الصلاة وأسع إليه وان لم يكن موجودًا فأخلقه أنت في الحقل الذي تعمل فيه - أليس هذا حسنا...]
-ان بعض المدرسين في مدارس الأحد – لاعتقادهم بأهمية اجتماع الصلاة – آمنوا بعدم كفاية الدروس التي يلقونها فقط بل أقاموا اجتماعات صلاة لبعض الفصول التي يتولون تدريسها وفي هذه الاجتماعات يذوق الكل فعل الصلاة العجيب وتفيض نعمة الرب من هذه الاجتماعات، هل تظن بعد هذا أن الشيطان يستطيع أن يملك كثيرًا من هؤلاء التلاميذ في مستقبل حياتهم، بالطبع لا، إذا علمت هذا فهل علمت السبب في فشل خدمتك أحيانًا أيها الحبيب في الرب، وإذا علمت هذا فهل عزمت على عمل اجتماع للصلاة لأولادك لكي يختبروا قوة الصلاة في حياتهم ويتذوقوا جمال الرب يسوع كما من المفروض أن تكون أنت تذوقته من قبلهم.
- وهنا تحضرني قصة "أنه في أحد البلاد اتفق صديقان في العطلة الصيفية على أن يجتمعا معًا للصلاة مساء كل يوم في مكان صغير مقدس في المدينة، سمع بذلك ثالث فانضم إليهما ثم استجاب رابع لدعوتهما وقبل أن تنتهي تلك العطلة ويسافر الكل إلى جهات التعليم الخاصة بهم كان العدد قد وصل إلى عشرين نفسًا يجتمعون كل مساء وبنفس واحدةً ثلاث ساعات للصلاة من السادسة إلى التاسعة مساءًا، وفي تلك الاجتماعات تعلَّم العشرون شابًا طرق التوبة والصلاة كما يقول الشيخ الروحاني "مَنْ هو الإنسان التائب إلا أنه الإنسان المصلي".
ـ سافرت الجماعة وانفضت لكن الصلاة ظلت باقيةً إذ أصبح مكانهم المختار بركة للكثيرين يتردد عليه كل من يريد الصلاة وتكاثر عدد المترددين عليه حتى وصل عدد جماعة المصلين في يوم ما إلى الخمسين نفسًا. كلهم راكعين ومنسكبين أمام الرب وكم من نفس تابت في المدينة ورجعت إلى إلهها لأن أولئك المصليين ذكروها في صلاتهم، وعلى العكس كم من اجتماع كان سيفشل ولكنه نجح من أجل صلاة أولئك أيضًا ومما يذكر أن الجماعة أخذت تصلى من اجل إحدى النفوس... وبعد صلوات كثيرةً ودموع تدخل تلك النفس مكان المصليين وتحضر اجتماعاتهم وتسمعهم يذكرونها في صلاتهم فتندم وتتوب وتندمج في تلك الاجتماعات أيضًا.
+ بقى علينا أن نتحدث عن أروع أنواع اجتماعات الصلاة وسأذكره لك وأدعوك أن تختبره في خدمتك مع أولادك مصرًا على أنه أفضل أنواع الصلاة وأقدسها وهذا ما أوضحه في الكلمات القليلة التالية:
+ هذه جماعه تعمل خدمة فردية في منتهى الروعة والجمال -لا يسمع عنها احد ولا تتحدث عن خدمتها لأحد- إنما في أحد المرات عقدوا اجتماع صلاتهم الفريد فذهب الخادم معهم وقالوا له تعال إلى الاجتماع صائمًا وسيكون الاجتماع وقت الغروب لأن هذه الجماعة مشغولة بالعمل طول اليوم وذهب إلى الكنيسة فوجدهم وقوفًا يقرعون صدورهم فوقف مثلهم وبكوا جميعًا لأن ليست له نعمة التواضع هذا وقرع الصدور، ثم سمع صوت الكاهن يصلى من داخل الهيكل فعلم الآن انه قداس مخصوص تصليه هذه المجموعة لتصلى وتتوب عن خطاياها وتتطهر بالتناول من الإفخارستيا وهذا يقربها للرب ويثبتها فيه "مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ" (يو 6: 56). وكان هذا حقًا هو أروع اجتماع صلاة وهذا ما ينصح به أنه أجمل وأقوى اجتماع صلاة، هو الالتفاف حول العرش الإلهي " المذبح والذبيحة الموضوعة عليه كما نقول في لحن بي أويك "ونحن ننظرك كل يوم على المذبح ونتناول من جسدك ودمك الكريم".
+ومما سبق نستخلص دور مدارس الأحد الهام جدًا في الصلاة من أجل المخدومين ومن أجل النمو الروحي لنا جميعًا... فقبل أن نعلم أولادنا بالكلام نعلمهم بالقدوة وقبل أن يتكلم الإنسان بشيء ويعظ به يعيشه ويستمتع به ويذوق حلاوته قبل أن يقوم بالدعاية الكلامية.. قبل أن نقول عن المسيح "حَلْقُهُ حَلاَوَةٌ وَكُلُّهُ مُشْتَهَيَاتٌ. هذَا حَبِيبِي، وَهذَا خَلِيلِي، يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ" (نش 5: 16) أتذوق أنا هذه الحلاوة وأختبر عمل الله في حياتي لكي يعمل في كلماتي ولذلك نشيد بالدور الرائع الذي أسهمت به مدارس الأحد في النمو الروحي وتعميق فكر الصلاة في كل الشعب وتأصيل العمل الرعوي وإشعار الجميع بأهمية الصلاة في حياتنا خدام ومخدومين.
_____
لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:(7) مدارس الأحد مايو 1948(52)
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-botros-elbaramosy/ebooks/sunday-school/prayer.html
تقصير الرابط:
tak.la/9qnhtr6