كان في بداية نشأة مدارس الأحد بعض العراقيل والصعوبات من داخل الكنيسة فكان بعض المطارنة والأساقفة لا يوافقون عليها، وكان بعض الكهنة يعترضون ويرونها أنها نوع من إضاعة الوقت دون فائدة أو أنها تسحب البُساط من تحت أرجلهم أو هي نوع من التدخل في شئونهم الكهنوتية الخاصة وانتزاع حق من حقوقهم التي يملكونها فليس من حق أحد أن يُعلم غيرهم ولا أحد يُربى ويهتم بالعمل الرعوي إلا الرعاة الممثلين في رجال الكهنوت بكل درجاتهم ولكن بالتدريج تبدلت الأحوال وتغيرت الأفكار والأشخاص وأصبح من الضروري وجود مدارس احد في كل كنيسة، في المدن والقرى وفي كل مكان انتشرت وترعرعت تحت القيادة الكهنوتية ولما زاد الاطمئنان إلى مدارس الأحد أصبح مدرسوها شمامسة الكنيسة يؤدون وظيفة الشماس الرعوية فعاونوا الكهنة في افتقاد جزء معين من شعب الكنيسة وهم الأطفال الذين يزيدون عن ربع تعداد الشعب ومع اتساع الخدمة في الكنيسة ازدادت مسئوليات الشمامسة فتفرغ بعض الدارسين في مدارس الأحد لافتقاد فئات أخرى من الشعب وبالكشف عن حالتهم الروحية وجدت خطورة على حياتهم الروحية وحاجتهم الماسة للإنقاذ فبدأت فصول العمال والأميين والقرويين واليافعين والشبان والشابات وتمت الرسالة فوصلت إلى الرجال والنساء في اجتماعات الأسرة والمتزوجين حديثًا والخريجين والمسنين (كل الفئات العمرية والاجتماعية). هنا احتاج الموقف إلى فئة أخرى للخدمة لا تستطيع الشموسية أن توفيه حق الرعاية الكاملة فكان لا بُد أن يتدرج بعض هؤلاء الشمامسة لينالوا رتبة الكهنوت ففتحت الكلية الإكليريكية أبوابها على مصراعيها (القسمين الصباحي والمسائي في كل الإبراشيات) لتزويد هؤلاء الشمامسة العاملين في مدارس الأحد بعلمها وإشباعهم روحيًا، فأصبحت تشبعهم بروحها وتعدهم لحياة التكريس الكامل للخدمة الكنسية واسعة النطاق... فالكل الآن يشعر بحاجة الكنيسة إليها ويعمل على نشرها في كل مكان.
+ وعندما استشعر البابا يوساب الثاني ضرورة مدارس الأحد واحتياج الخدمة لها كتب خطابا في 9 برمهات 1664 – 18 مارس 1948 إلى كهنة الكنائس يحثهم على ضرورة الاهتمام بمدارس الأحد كتب فيه(6):-
{حضرة الابن المبارك القمص... راعى كنيسة... باركه الرب؛
بعد منحكم البركات وصالح الدعاء – لا يخفى عن بنوتكم أن التربية الدينية هي اكبر العوامل في تغيير الأخلاق وتجديد الحياة الروحية إذ لا مؤثر على القلب أشد تأثيرًا منها كما قال سليمان الحكيم " رَبِّ الْوَلَدَ فِي طَرِيقِهِ، فَمَتَى شَاخَ أَيْضًا لاَ يَحِيدُ عَنْهُ." (ام 22: 6) ولا نزاع في أن إحضار الأولاد والأطفال من فجر حياتهم إلى المسيح وتعويدهم على الفضيلة منذ نعومة أظافرهم أفيد بكثير للكنيسة لذلك رأينا أن نوجه أنظار بنوتكم إلى العناية بمدارس الأحد التي يدرس فيها الدين والعقيدة الأرثوذكسية (وضرورة إنشاء هذه المعاهد أن لم توجد بكنيستكم قبلًا) وتنظيمها تحت رعايتكم مع ترغيب الأطفال وتشويقهم بكل الطرق بل حضهم وتعويدهم وحث أبائهم على حضور أطفالهم باستمرار لمدارس الأحد، لأن هذه المعاهد هي التي تبَنى على أساسها جيلًا جديدًا قويًا في الإيمان راسخًا في المبادئ القويمة وإنا لعلى ثقة تامة في أن بنوتكم وقد وضعتم على عاتقكم مسئولية رعاية النفوس الثمينة لابد وان تسهروا لئلا تُختطف من يدكم إذا غفلتم عن رعايتها ويا ويل الراعي الذي يغفل عن رعيته فتتبدد، وسنراقب بنفسنا ما تبذلونه من جهد في تعهد هذه المدارس وتنميتها كما ونشدد عليكم أن يكون إلقاء دروس الأحد في حضوركم ليرى الأطفال كاهنهم وأباهم الروحي في وسطهم مباركًا لهم. وعليكم أن تقدموا لنا تقريرًا في كل شهر عن هؤلاء الأطفال وعدد حضورهم إلى الكنيسة وكيفية تعليمهم وأسماء من وقع عليهم اختياركم شخصيًا لتعليمهم بعد الاتصال بحضرة الأستاذ الفاضل ولدنا المبارك حبيب بك جرجس نائب الرئيس العام لمدارس الأحد والله يوفقكم ويكون معكم ونعمته وبركته تشملكم ولعظمته تعالى الشكر دائمًا}
و مما سبق نستشعر أهمية مدارس الأحد في العمل الرعوي وضرورة الاهتمام بها وبترتيب خدمتها وباهتمام الإكليروس بها، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. فهذا ليس كلامًا مضى عليه عهدًا ولكنه وصيه متجددة وحاضره أمامنا كل يوم ولازمه للآباء الكهنة، بالاهتمام بها وبالحضور في أوقاتها لأنها تُقَدِم مساعده كبيرة جدًا أو مساهمة في العمل الرعوي الذي يقومون به.
فالبحث عن الخطاة اشق بكثير من تخليصهم، وهذا ما يضع على عاتق خدام مدارس الأحد أن يبذلوا كل الجهد والوقت في البحث عن البعدين عن الكنيسة وإحضارهم للكنيسة لممارسة الأسرار وهنا يبدأ دور الكاهن في توصيل رسالة الخلاص المقدم لنا من خلال الأسرار الكنسية فالسيد المسيح الراعي الصالح كان اهتمامه "يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ" (لو 19: 10) وهكذا بدأت خدمته بطلب الخطاة بالبحث عنهم وإيجادهم لأن الخاطئ لا وجود له في عالم الحقائق الروحية وان كان له كيان جسداني ثم تبدأ بعد إيجاده أولًا مهمة خلاصة ثانيًا.
- إن الخدمة المسلمة إلى خدام الله خطيرة بقدر ما هي جليلة. أن الراعي يعرف عدد الخراف التي يرعاها ويناديها بأسمائها فتتبعه في حب لأنها لا تعرف غيره "أَمَّا أَنَا فَإِنِّي الرَّاعِي الصَّالِحُ، وَأَعْرِفُ خَاصَّتِي وَخَاصَّتِي تَعْرِفُنِي" (يو 10: 14) فهو الباحث لها عن المراعى الخضراء، حتى إذا ما اقبل المساء أسرع بها إلى الحظيرة فيمضى الليل ساهرًا عليها وهى تنام في سلام واطمئنان.
- إن خدمة (الخادم، كاهن الله) إنما تبدأ خارج الكنيسة وما الخدمات الاجتماعية إلا خاتمة المطاف.
تبدأ بالبحث عن النفوس المتعبة البعيدة عن الله فيعطيها راحة وسلامًا ويجذبها إلى الحظيرة في رفق وحنان ودموع وصلاة إذ هو رسول صديق العشارين وحبيب الخطاة. وفى اللحظة التي يدرك فيها الخادم أو الراعي قيمة كل نفس من هذه النفوس الثمينة في موازين الله تبدأ الخدمة الناجحة والرعاية الصالحة.
- إن الخادم الأمين ينبغي له أن لا يهدأ له بال إلا حينما تصل كل خراف قطيعة إلى حظيرة الإيمان فيوصلها إلى الراعي الأمين الذي يستكمل العمل الروحي ويعلم ويرشد ويقوم الطرق المعوجة والسلوك المنحرف، ويبذل الاثنان الخادم والراعي الجهد المضني المشترك لكي نكون مكملين بعضًا بعضًا في العمل الخدمي والفردي والروحي والرعوي.
- إن كنيستنا الغالية هي في أشد الحاجة إلى تفهم روح الرعاية الصالحة والى افتقاد للنفوس افتقاد كامل وشامل لكل أفراد الأسرة، وهذا يتطلب بالضرورة مساعدة الخدام والخادمات للأب الكاهن في ذلك لكي تكون الكنيسة"... رَعِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَرَاعٍ وَاحِدٌ" (يو 10: 16)
- فخادم مدارس الأحد هو رسالة الله الحية المقروءة من جميع الناس خاصة أطفاله ومعاشريه، هو النور الذي ارتفع عاليًا فوق جبل، هو ملح الأرض، وهو هو الخميرة الصغيرة التي يجب أن تخمر العجين كله.
- ألست أنت أيها الخادم الحبيب الذي فيك وبك يخاطب رب المجد أحباؤه وأبناءه وصغاره الذين اشتراهم بدمه فأنت إذا الطريق الذي ستنحدر منه النعمة والخلاص لأحباء الرب، فإذا كان هذا الطريق متسخًا وملطخًا بالآثام، فكيف يستطيع الرب أن يصعد وينزل عليك أنت يا سلم يعقوب، إذا اذهب حالًا واغتسل في بركة سلوام حتى يرجع كل شيء جديدًا تب وتناول من جسد الرب ودمه الأقدسين فيأتي الرب بنفسه ويتواضع ويسكن في داخل قلبك (هيكله المقدس) - لأنك يا أخي الخادم كلما ازددت قربًا من الرب امتلأت نعمة فوق نعمة، فيفيض قلبك ويشمل اللذين حولك... وكلما رآنا عدونا اللدود نزداد تقدمًا جمع قوات أعظم لمحاربتنا، وتذكر يا أخي الحبيب "وَأَمَّا هذَا الْجِنْسُ فَلاَ يَخْرُجُ إِلاَّ بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ"(مت 17: 21) وان كنا خدامًا للرب وجنودًا في جيشه "فبضيقات كثيرة ينبغي أن ندخل ملكوت السموات "(1ع 14: 22).
_____
لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:(6) مدارس الأحد- مايو 1948(52)
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-botros-elbaramosy/ebooks/sunday-school/pastoral.html
تقصير الرابط:
tak.la/w3y3b89