- لقد تحدث الكثير عن كيفية ظهور المسيحية فمنهم من ذكرها بوضوح شديد ومنهم من أصاب ومنهم من أخطأ في التاريخ وتعددت وجهات النظر في هذه النشأة والإنتشار ومن هؤلاء نذكر ما كتبته الأستاذة الفاضلة/ نيفين عبد الجواد في كتابها أديرة وادى النطرون فتقول [يرجع ظهور المسيحية إلى القرن الأول الميلادى عندما ظهر السيد المسيح عليه السلام بإقليم الجليل في فلسطين عام 26م – أي خلال حكم الإمبراطور الرومانى "تيبرويوس" "Tiberius" (14 – 37م) (4). ولكن بدايات المسيحية يحيطها كثير من الغموض إذ لا يمكن تحديد كيفية نشأتها وإنتشارها. كما أن معلوماتنا عن ظروف وصول المسيحية إلى مصر، وبدء إنتشارها هناك طفيفة جداً. وغير مؤكدة أو متفق عليها. فليس لدينا ذكر محدد وصريح عن بدايات المسيحية في مصر، ولكن من المرجح أن وصولها مصر كان منذ عصر مبكر جداً(5).
- وليس من الغريب أن تسرى الديانة المسيحية من فلسطين وسوريا إلى مصر سواء من خلال التجارة أو في موكب الجيوش عن طريق البر والبحر.
- ولقد كان المتحولون للديانة المسيحية خلال القرنين الأول والثانى الميلاديين – أغلبهم جميعاً – من المجتمعات المتحدثة باللغة اليونانية، أما أول الجهود المعروفة لنا لتحول المصريين أنفسهم للمسيحية لم تحدث حتى بطريركية "ديونسيوس" Doonysius البطريرك الـ14 (247 – 264) في منتصف القرن الثالث الميلادى تقريباً.
- ويكاد يجمع المؤرخون والباحثون على أن القديس "مرقس الإنجيلي" هو أول من بشر بالدين المسيحي ديناً جديداً لمصر خلال القرن الأول الميلادي، على الرغم من اختلاف الآراء حول السنة التي وفد فيها لمصر.
- ومن بين هذه الآراء أن المسيحية دخلت مصر حوالي عام 60م، وذلك طبقاً لما أورده المؤرخ الكنسي "يوسيبيوس" Eusebius في القرن الرابع الميلادي أو أنه في عام 61 م بدأ القديس "مرقس الرسول" التبشير بالمسيحية في الإسكندرية (وذلك اعتماداً على التاريخ القبطي المعتمد من الكنيسة القبطية المصرية والذى يتأخر عن التقويم الميلادي الغربي بثمان نوات). وأن زيارته الأولى لمصر كانت عام 45م. ووفقاً للمؤرخ "يوسيبيوس" الذي دون تاريخ القديس "مرقس" في الربع الأول من القرن الرابع الميلادي، فإنه قد أتى إلى مصر في العام الأول أو الثالث من حكم الإمبراطور "كلاوديوس" Claudius (41 – 54 م) أي عام (41 – 42م) (6).
[وبعد أن تسربت المسيحية إلى مصر من فلسطين القريبة منها في القرن الأول الميلادى، زاد أنصارها بسرعة وأخذت تنتشر تدريجياً في جميع أنحاء مصر منذ القرن الثانى الميلادى وخاصة في أواخر عهد الإمبراطور "كومودوس" Commodus (180 – 192م)، إلا أن الأباطرة الرومان الوثنيين ناصبوا المسيحية العداء وحاولوا منع إنتشارها وذلك لأنهم اعتبروها مصدراً للفوضى وإثارة التمرد على الحكومة الرومانية ومحاولة لهدم كيانها. كما كان المسيحيون في نظر السلطات عنصراً خطراً في المجتمع لأنهم ترفعوا عن ممارسة شعائر الديانة الرسمية للإمبراطورية الرومانية، وامتنعوا عن تقديس صورة الأباطرة، والإشتراك في عبادة "روما المؤلهة" أو "الروح الحارس للإمبراطور".ومن هنا كان الرومان يرون في المسيحية ثروة اجتماعية تعمل على تقويض أركان المجتمع الرومانى.
- ولقد كان الإمبراطور "نيرون" Nero (54 – 68م) في القرن الأول الميلادى هو أول الأباطرة المضطهدين لمعتنقى المسيحية، كما قامت الإمبراطورية الرومانية ببعض محاولات غير جدية ذات طابع محلى لمنع إنتشار المسيحية في القرن الثانى الميلادى) (7).
- إستكمالاً للسرد التاريخى عبر الأربعة قرون الأولى تقول الكاتبة (وخلال القرن الثالث الميلادى تعرضت الكنيسة المسيحية المصرية للإضطهاد، وكان أول اضطهاد ضد المسيحيين في مصر في عهد الإمبراطور "سبتميوس سفيروس" Peptimius Severus (193 – 211م) في عام 202م(8).
- وفى منتصف القرن الثالث الميلادى كانت هناك محاولة منظمة لإبادة المسيحية نهائياً من الإمبراطورية الرومانية -كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى- في عهد الإمبراطور "دكيوس" Decius (249 – 251م) الذي أصدر مرسوما عام 250م يقضى بأن يقدم أهالى مصر شهادات تثبت تقديمهم القرابين للآلهه الوثنية، وكان من يمتنع عن تقديم هذه الشهادات يتعرض للموت....
- ولقد بلغ إضطهاد المسيحيين أقصاه في عهد الإمبراطور "دقلديانوس" Diocletian (284 – 305م) حيث دُمرت الكنائس، وإحرقت الكتب الدينية، واستشهد عدد كبير من المسيحيين.. كما أن من شدة عنف هذا الإضطهاد بدأت الكنيسة القبطية تقويمها (تقويم الشهداء) بالسنة الأولى من حكم ذلك الإمبراطور أي عام 284م(9) الرابع الميلاد فقد شهد تحولاً كبيراً إذ توقف إضطهاد الأباطرة الرومان للمسيحيين في عهد الإمبراطور "جاليريوس" Galerius (305 – 311م) عام 311م وأصبحت المسيحية ديانة معترفاً بها رسمياً على يد الإمبراطور "قسطنطين الأكبر" Constantius (323 – 337م) الذي أصدر مرسوماً رسمى "مرسوم ميلانو" Editde Milan أقر فيه مبدأ التسامح الدينى، وجعل الديانة المسيحية إحدى الشرائع المسموح بإعتناقها ومن ثم فقد أقر بذلك رسمياً بحق الكنيسة في الوجود، وأصبح هو أول إمبراطور مسيحي للإمبراطورية الرومانية.
- ومن هنا بدأ تاريخ الأقباط يظهر في إنحاء العالم ودورهم المتميز في المجتمع كما سوف نذكر فيما يلي:
_____
(4) موسوعة تاريخ مصر- أحمد حسين – جـ 1 – دار الشعب صـ 229.
(5) مصر، من الإسكندر الأكبر حتى الفتح العربى – مترجم – القاهرة سنة 1954 – صـ 168، 169.
(6) أديرة وادى النطرون – دراسة أثرية وسياحية – نيفين عبد الجواد – القاهرة سنة 2007 – صـ 41.
(7) أديرة وادى النطرون – مرجع سابق صـ 43.
(8) أديرة وادى النطرون – مرجع سابق صـ 44.
(9) أديرة وادى النطرون – مرجع سابق صـ 45.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-botros-elbaramosy/ebooks/patriotic-copts/christianity.html
تقصير الرابط:
tak.la/3s82mvd