فلنهتم يا أحبائي بنفوسنا؛ لأن الوقت منذ الآن مقصر(1كو7: 29)؛ ولا يمكن للإنسان أن يهتم بنفسه بينما هو يهتم بجسده؛ فكما أنه ليس بمقدور أحد أن ينظر إلى السماء بعين واحدة؛ ويتطلع إلى الأرض بالعين الأخرى؛ كذلك لا يستطاع الاهتمام بأمور الله وأمور العالم.
لأنه أمرٌ مُخزٍ أن تَهتم بما لا ينفعك وقت خروجك من الجسد.
تفكر دائمًا أن الله ناظر إليك في كل ما أنت تفعله؛ وتذكر أنه مطلع على جميع أفكارك؛ فأي أمر تخجل أن تفعله قدام الناس؛ من العار أن تفكر فيه في الخفاء.
" من الثمر تعرف الشجرة " (1كو7: 29) هكذا العقل يعرف أفكاره وفق تأمله؛ والنفس العاقلة تعرف ذاتِها بحسب تأملها.
فلا تظن إذًا أنك قد أعتقت من الآلام بينما الخطية تخدعك؛ لأن مَن وُهِبت له الحرية لا يفكر فيما بعد أن يفعل ما يخالف الطبيعة؛ فلا تظن إذًا أنك صرت حرًا وأنت ما تزال تُغضب ربك؛ لأن الحرية لا تأتيك طالما يشتهي قلبك شيئًا من أمور العالم.
أهتم بجسدك كما بِهيكل الله (1كو7: 29) أهتم به لأنه لابد لأن يقوم ويعطي حسابًا أمام الله؛ خَف الله لأنك سوف تعطي عن كل ما فعلته جوابًا؛ وكما إذا أصيب جسدك بجرح تسعى لشفائه؛ كذلك أبذل جهدك لتجعله صحيحًا من الأوجاع عند القيامة.
تأمل في نفسك كل يوم أيَّة أوجاع غلبت؛ وذلك قبل أن تقدم طلباتك في صلواتك.
كما أن الأرض لا يمكن أن تعطي ثمارًا بغير بذار؛ هكذا الإنسان لا يستطيع أن يصنع توبة بغير الاتضاع؛ وتعب الجسد.
بفضل اعتدال الهواء تزهر الزروع؛ وبحفظ الوصايا تزهر نفس الإنسان.
حفظ الوصايا هو الإيمان بالله؛ ومخافة الله هو ألاَّ يُحزن الإنسان ضميره.
إذا أُلقيت فيك بذور شهوة النجاسة وأنت في قلايتك؛ أحرص أن تقاوم الفكر لئلا يستولي عليك؛ اجتهد أن تذكر الله الذي يراك؛ وأن جميع أفكار قلبك ظاهرة أمامه؛ قُل لنفسك إذًا: إن كنت تخجل من أن يعرف الخطاة أمثالك خطيتك؛ فبالأولى كثيرًا إذا كان الله هو الذي يرى أعماق قلبك.
وبإمعان النظر في هذا الفكر تتولد مخافة الله في نفسك، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. فإن دمت ثابتًا في مخافة الله تصير بغير قلق؛ ولا تستطيع الأوجاع فيما بعد أن تُزعجك بحسب المكتوب: المتوكلون على الرب مثل جبل صهيون؛ لا يتزعزع إلى الأبد الساكن بأورشليم. (مز 124: 1).
الذي يؤمن أنه سيدان عند خروجه من الجسد؛ لا يستطيع أن يدين قريبه في أي شيء؛ لأنه لابد أن يقدم حسابًا لله عن كل أعماله بحسب المكتوب: لأنه لابد أننا جميعًا نظهر أمام كرسي المسيح لينال كل واحد ما كان بالجسد بحسب ما صنع خيرًا كان أم شرًا. (1كو 5: 10).
الذي يؤمن أنه يوجد ملكوت للقديسين يهتم بأن يتحفظ حتى في الأمور الصغيرة والأشياء التافهة؛ حتى يصير إناءً مختارًا (أع 9: 15).
لأنه مكتوب: يشبه ملكوت السماوات شبكة مطروحة في البحر وجامعة من كل نوع من السمك؛ فلما امتلأت أصعدوها إلى الشاطئ (مت 13: 47).
فالصالحون يُختارون لملكوته المقدس أما الأشرار فيُطرحون في جهنم.
الذي يؤمن أن جسده سيقوم حقًا يوم القيامة؛ ينبغي له أن يهتم بتطهيره من كل النجاسات؛ لأنه مكتوب: سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسده بحسب عمل استطاعته. (في 3: 2).
الذي تسكن فيه محبة الله لا يمكن لشيء من أمور هذا العالم أن يفصله عن
الله؛ لأنه مكتوب: مَن سيفصلنا عن محبة
المسيح؛ أشده؛ أم ضيق؛ أم اضطهاد؛
أم جوع؛ أم عري؛ أم خطر؛ أم سيف.
(رو 8: 35).
الله قادر أن يجعلنا نُوجد بين أولئك الذين لم يفصلهم شيء من هذا العالم عن محبة المسيح؛ لكي نحظى بالرحمة مع الجميع؛ بقوة ربنا يسوع المسيح؛ لأن له المجد مع الآب الغير المبتدئ والروح المحيي؛ الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور آمين.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-botros-elbaramosy/ebooks/isaiah-hermit/disentangle.html
تقصير الرابط:
tak.la/m5v7p99