St-Takla.org  >   books  >   fr-botros-elbaramosy  >   ebooks  >   isaiah-hermit
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب قراءة في فكر الأنبا إشعياء الإسقيطي - الراهب القمص بطرس البراموسي

1- من تعالم أنبا إشعياء المتوحد

 

لستُ أريد أن تجهلوا يا إخوتي؛ أنه منذ البدء لما خلق الله الإنسان؛ وضعه في الفردوس بحواس سوَّية ومستقرة في حالتها الطبيعية؛ لكنه لما سمع للمُضل؛ ارتدت كل حواسه إلى حالة مخالفة للطبيعة؛ وبالتالي سقط من مجده.

أما الرب؛ فمن أجل محبته العظيمة أشفق على جنس البشر؛ وصار الكلمة جسدًا (يو14:1)؛ أي إنسانًا كاملًا مشابِهًا لنا في كل شيء ما خلا الخطية (عب14:4)؛ لكي يعيد كل ما هو مخالف للطبيعة إلى حال مطابق للطبيعة بواسطة جسده المقدس.

وهكذا إذ تراءف على الإنسان ردَّه إلى الفردوس؛ مُنهضًا جميع الذين يتبعون خطواته (1بط21:2) ويسلكون بحسب الوصايا التي أعطانا إياها؛ لكي نغلب الذين غلبونا وأقصونا عن مجدنا؛ واضعًا لنا خدمة مقدسة وناموسًا نقيًا؛ لكي نثبت في الحالة الطبيعية (الأولى) التي خُلقنا عليها.

St-Takla.org Image: Jealousy painting by Mats Eriksson صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة غيرة، للفنان ماتس إريكسون

St-Takla.org Image: Jealousy painting by Mats Eriksson

صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة غيرة، للفنان ماتس إريكسون

أما الذي يريد أن يبلغ حالة المطابقة للطبيعة؛ فليقطع عنه كل مشيئاته التي بحسب الجسد؛ إلى أن يصير ثابتًا في الحالة الطبيعية.

ويوجد في النفس اشتياق طبيعي نحو الله؛ وبدون الاشتياق لا توجد محبة؛ لذلك دعي دانيال "رجل الاشتياقات" (دا 23:9).

هذه المحبة قد حولها العدو فينا إلى شهوة الخزي؛ التي تحملنا على اشتهاء كل ما هو غير طاهر.

كذلك توجد في النفس الغيرة التي بحسب الطبيعة؛ وبدون الغيرة لأجل الله لا يوجد تقدُّم؛ كقول الرسول " غيروا للمواهب العظمى ".

وهذه الغيرة التي لأجل الله؛ تحولت فينا إلى ما هو على خلاف الطبيعة؛ فصرنا نغار ونحسد بعضنا بعضًا؛ ونفتري أحدنا على الآخر.

كما يوجد في النفس الغضب الذي بحسب الطبيعة؛ والذي بدونه لا توجد في الإنسان أية نقاوة؛ لأنه به يحقد على ما يزرعه فيه العدو.

لذلك نرى أن فينحاسُ بن ألِعازار حينما أحتدّ طعن الرجل والمرأة؛ وبذلك سكن سخط الرب على شعبه (عد 7:25).

أما نحن فقد تحول فينا هذا الغضب "الطبيعي" إلى غضب ضد القريب؛ من أجل أمور باطلة؛ ومخالفة للصواب.

توجد في النفس أيضًا الكراهية التي بحسب الطبيعة؛ تلك التي لما أحتدَّ بِها إيليا قتل جميع أنبياء البعل (1مل 40:18).

كذلك فعل صموئيل مع أجاج ملك عماليق (1صم 23:15)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى؛ وبدون الكراهية للعدو " وأعماله " لا يستعلن للنفس المجد.

أما نحن فقد تبدلت هذه الكراهية فينا فصارت على خلاف الطبيعة؛ إذ جعلتنا نبغض القريب ونحتقره؛ مع أن البغضة تطرد جميع الفضائل.

كذلك يوجد في النفس الشموخ الذي بحسب الطبيعة مقابل العدو؛ هذا الشموخ الذي أنفصل به أيوب عن أصحابه أعدائه بقوله: "وكانوا محتقرين ومرذولين؛ مفتقرين إلى كل صلاح"؛ " الذين كنت أستنكف أن أجعلهم مع كلاب غنمي " (أي 1:30).

أما بالنسبة إلينا فقد تبدل هذا التشامخ مقابل أعدائنا فصار مذلة؛ فضلًا عن أننا امتلأنا بالتشامخ الواحد على أخيه؛ نزدري بعضنا بالبعض مبررين نفوسنا على حساب قريبنا؛ وبسبب كبريائنا جعلنا الله عدوًا لنا.

هذه " الطبائع " كلها قد خلقت في الإنسان؛ هي التي لما أكل الإنسان من شجرة العصيان؛ تحولت فيه إلى الأوجاع المخزية.

فلنجتهد إذًا أيها الأحباء أن ننعتق منها؛ ونقتني ما أظهره لنا ربنا يسوع المسيح في جسده المقدس؛ لأنه قدوس ويستريح في القديسين.

فلنسهر على أنفسنا لكي نرضي الله؛ مكملين أعمالنا قدر استطاعتنا ولنقايس كل عضو من أعضائنا لكي يصير مطابقًا للطبيعة (رو13:6،19 - أف16:4).

ذلك لكي نجد رحمة في ساعة التجربة العتيدة أن تأتي على العالم كله (لو26:21 - رؤ10:3).

ونبتهل كل حين إلى صلاحه لكي يسند بمعونته ضعفنا؛ ويخلصنا من أعدائنا؛ لأن له القدرة؛ ومنه المعونة والعزة إلى دهر الدهور؛ آمين.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-botros-elbaramosy/ebooks/isaiah-hermit/teachings.html

تقصير الرابط:
tak.la/2xawpad