وهنا نذكر بالتفصيل ما قاله القديس كيرلس عن:
يقول القديس كيرلس في شرحه للإنجيل حسب القديس يوحنا ما ملخصه – لقد كتب الرسول يوحنا أن كلمة كان في البدء أي (في الله الآب) ولكن لان عين ذهنه قد استنارت لم يجهل أن البعض سوف يقومون بجهل شديد ليدعوا أن الآب والابن واحد، وأنهما غير متمايزين إلا في الأسماء فقط وأنه ليس في الثلاث أقانيم، وتمايز الأقانيم يعنى أن الآب هو فعلًا آب وليس ابنا وكذلك الابن هو ابن وليس أبًا ويقول الرسول يوحنا (الكلمة كان عند الله) أكد إنه متمايز وأقنوم آخر غير أقنوم الأب الذي معه الكلمة..
+ والذين ينكرون الأقانيم لا يدركون أن الواحد الذي بلا أقانيم لا يمكن أن نقول إنه (معه) أو (كان معه) فهو وحده بذاته. ومع أن الابن في الآب والآب في الابن إلا أن هذا لا يعنى أن الابن فقد أقنومه المتميز وإلا أن الآب فقد أقنومه الخاص به. فالتماثل التام بين الأقانيم لا يعنى اختلاط الأقانيم حتى أن الآب الذي منه يولد الابن يصبح بعد ذلك ابنًا. ولكن الطبيعة الإلهية الواحدة نفسها هي للأقنومين مع تمايز كل منهما، حتى أن الآب هو الآب والابن هو الابن وأيضًا الروح القدس يحسب معها مثل الآب والابن وهذا هو كمال الثالوث المعبود.
+ لو كان الابن أبًا فما هو معنى تمايز الأسماء؟ ولو كان الآب لم يلد أحدًا من ذاته فلماذا يدعى الآب؟ ولماذا يدعى بهذا الاسم لو كان غير مولود من الآب؟ إن تمايز الأسماء يعنى تمايز الأقانيم. فالابن له أقنوم متميز كما أن الآب له أقنوم متميز مثل تمايز الوالد عن المولود(1)..
+ وفي الأصحاح التاسع من تفسيره الإنجيل حسب القديس يوحنا – يقول القديس كيرلس: (لا ينبغي أن يشك أحد بالمرة ويظن أن الابن أقل من الآب لأنه هو يبين أن صورة الآب غير مشوهة حافظا في ذاته رسم الآب كاملًا وصحيحًا). ونحن نقول أن الآب والابن هما واحد غير مازجين فرديتهما باستعمال العدد واحد كما يفعل بعض الذين يقولون أن الآب والابن هما نفس الشخص بل نؤمن أن الآب هو قائم بذاته والابن قائم بذاته موحد بين الاثنين في نفس الجوهر وعارفين أيضًا أن لهما قدرة واحدة حتى أن هذه القدرة الواحدة ترى بدون اختلاف في الواحد كما في الأخر. وبكلمة واحد يشير إلى وحدة الجوهر، وبكلمة نحن يشير إلى الاثنين ثم بعد ذلك يوحدهما معا في لاهوت واحد(2).
+ ويمضى القديس كيرلس في تفسيره لقول السيد المسيح: أعمالا كثيرة حسنة أريتكم من عند أبى (يو31:1) ويقول: الرب يشير إلى أن الأعمال التي أراها لهم هي من عند الآب، لا يبين أن القوة التي ظهرت في هذه الأعمال هي قوة أخرى غير قوته بل لكي يظهر أنها كانت أعمالا لاهوتية. ندركها على أنها واحدة في الآب والابن والروح القدس. فكل ما يفعله الآب فهذا يتممه بالابن في الروح. وأيضًا ما يعمله الابن فهذا يعمله الآب في الروح لهذا أيضًا يقول المسيح (لا أعمل من نفسي شيئًا بل الآب الحال في هو يعمل الأعمال) ويشير إلى أن الأعمال الإلهية تظهر إنني مساو لله الآب رغم أنه من جهة الجسد أبدو إنني واحد بينكم مثل إنسان عادى وهكذا فمن الممكن أن تدركوا إني في الآب والآب في.. لان وحده الجوهر تجعل الآب يرى في الابن والابن يرى في الآب وحتى في حالتنا البشرية فإن جوهر الوالد يعرف في المولود منه، وأيضًا جوهر الطفل يعرف في والده لأن نوع الطبيعة واحد في الجميع وجميعهم واحد في الطبيعة. لكن حينما نميز أنفسنا الواحد عن الآخر عن طريق أجسادنا فالكثيرون لا يكونون واحدا ومثل هذا التمييز بين الأجساد لا يمكن الحديث عنه فيما يخص ذاك الذي هو إله الطبيعة لان ما هو إلهي لا جسد له، رغم إننا ندرك الثالوث القدوس على إنه قائم في أقانيم متميزة. لان الآب هو الآب والروح القدس هو الروح (وليس هو الآب والابن) ومع ذلك فلا يوجد بينهم أي اختلاف. بل هم في شركة ووحدة الواحد مع الآخر.
وبما إنه ليس هناك سوى ألوهية واحدة في الآب والابن والروح القدس، لذلك نقول إن الآب يرى في الابن والابن يرى في الآب، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ومن الضروري أن نعرف هذه النقطة الأخرى أيضًا. إن ما يجعل الابن يقول أنا في الآب والآب في (يو10:14) وأيضًا أنا والآب معا واحد (يو 30:10) ليس فقط لأن الابن يرغب نفس الأمور كالآب وليس فقط لان يملك إرادة واحدة معه بل ما يجعله هكذا هو إنه المولود الأصيل لجوهر الآب. فهو يظهر الآب في نفسه وهي نفسه يرى في الآب. فهو يقول إنه يريد ويتكلم ويملك نفس فاعلية الآب وبسهولة ينجز ما يريد مثلما يفعل الآب وهكذا يعترف به من كل ناحية إنه من نفس الجوهر مع الآب وهو ثمرة حقيقية لجوهره. ووحدته مع الآب ليست مجرد نسبية معه تظهر في تماثل الإرادة والتزامات المحبة تلك الوحدة النسبية التي تقول إنها تخص مخلوقاته(3).
_____
(1) عن كتاب شرح إنجيل يوحنا للقديس كيرلس الأسكندرى ج1 لدكتور/ جورج بباوى مركز دراسات الاباء.
(2) عن كتاب شرح إنجيل يوحنا للقديس كيرلس الأسكندرى ج5 ترجمة د/موريس تاوضروس.
(3) عن كتاب شرح إنجيل يوحنا للقديس كيرلس الأسكندرى ج5، ج158،ج159.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-botros-elbaramosy/ebooks/cyril-quaternity/trinity-unique.html
تقصير الرابط:
tak.la/q4j98dj