ترجع أهمية العظة إلى أقدم العصور حتى أن القديس بطرس الرسول يدعو نوح كارزًا بالإنجيل (2 بط 5:2) والتوراة تعلمنا أن موسى وهارون كانا يجمعان الشعب لسماع الوعظ وإعلانات الله. وكان الوعظ هو رسالة الملوك والأنبياء الذين أرسلهم الله قديما للشعوب للحث على التوبة والصلاح. كما قال أرميا النبي (قد أرسل الرب إليكم كل عبيده الأنبياء مبكرًا ومرسلًا فلم فلم تسمعوا أو لم تميلوا أذنكم للسمع) (أر4:25) وقد بلغ الوعظ أسمى درجاته في أيام النبي العظيم يوحنا المعمدان وقد شهد الملاك قائلا: (أنه يكون عظيما أمام الرب) (لو 15:5) ويبين الوحي سر هذه العظمة بقوله (يرد كثيرين من بني إسرائيل إلى الرب إلههم ويتقدم أمامه بروح إيليا وقوته ليرد قلوب الآباء إلى الأبناء والعصاة إلى فكر الأبرار لكي يهيئ للرب شعبًا مستعدًا (لو 1: 15-17) ويخبرنا سفر الأعمال عن التلاميذ وكيف أنهم كانوا يجولون العالم يبشرون ويكرزون بكلمة الإنجيل وكانت كلمة الرب تنمو وتزداد على أيديهم.
ويذكر التاريخ الكنسي أن أشهر رجالها كانوا معلمين ووعاظ قديرين مثل: أغناطيوس الشهيد أسقف أنطاكية وبولكاربوس أسقف ازمير والقديس يوحنا ذهبي الفم.
أما كنيسة الإسكندرية فكان بها الكثير من المعلمين مثل أكلمندس السكندري وأثناسيوس الرسولي وكيرلس عمود الدين وهكذا من جيل إلى جيل حتى نصل إلى حبيب جرجس والمتنيح قداسة البابا شنودة الثالث.
أن كنيسة الإسكندرية اهتمت كثيرا بجهة الوعظ والتعليم ولها في القداس وهو محور العبادة الأرثوذكسية قسم تعليمي (قداس الكلمة)، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام المقالات والكتب الأخرى. وهذا الجزء أو القسم من القداس تتلى فيه الفصول المناسبة لليوم ومع كل فصل يقرأ هناك تصلى الكنيسة أسرار قبل كل قراءة حتى تؤتى الكلمة بثمارها وتؤل إلى خلاص النفوس ومن الدلائل الواضحة على اهتمام الكنيسة بالكلمة فأن طقسها يعطى اهتمام كبير بإنجيل القداس وتجعل ألا يقرأه إلا كبير الشمامسة أو الكاهن أو الأسقف إن كان حاضرًا.
بل أن قوانين الكنيسة كما جاء في (المجموع الصفوي لابن العسال) تشترط أن يكون الأسقف أو الكاهن صالحًا وقادرًا على التعليم (ليكن الأسقف حيّ القلب في التعليم ليعلم في كل وقت ويدرس في كتب الرب)، كذلك في القانون 89 من قوانين القديس باسيليوس (لا يصير أحد قسيسًا دون أن يعرف الكتب المقدسة جيدًا والإنجيل)، وجاء في قانون 6 من قوانين الرسل (فليكن القسوس عندكم معلمين لمعرفة الله).
إن كان السيد المسيح له المجد هو الواعظ الأول الذي لم ولن تشهد البشرية في تاريخها الطويل مثله إلا انه أوصى تلاميذه بالتعليم والوعظ (فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به) (مت 28: 18-19). وهكذا أهتم التلاميذ بالتعليم حسب وصية الرب بل أنهم أقاموا شمامسة للخدمة الاجتماعية حتى لا تشغلهم عن خدمة التعليم وعملوا تلاميذهم أيضا ذلك، وها هو معلمنا القديس بولس يقول لتلميذه تيموثاوس (أعكف على القراءة والوعظ والتعليم. لا تهمل الموهبة التي قبل المعطاة لك بالنبوة مع وضع أيدي المشيخة) (1 تي 4: 13-14).
لذلك علينا الاهتمام بالوعظ كخدمة أساسية لازمة ومهمة للكاهن.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-boles-milad/sermon/need.html
تقصير الرابط:
tak.la/3x8q735