"وَرَأَى اللهُ كُلَّ مَا عَمِلَهُ فَإِذَا هُوَ حَسَنٌ جِدًّا..." (تك1: 31).
قد يتساءل البعض لماذا قال الوحي الإلهي عدة مرات في إصحاح واحد أن ما عمله الله من أعمال الخلقة حسنٌ، ثم عاد فقرر بعد تمام الخلقة مرة أخرى أن كل ما عمله هو حسنٌ جدًا. فهل الله يشهد لذاته، وهل الخليقة كاملة، ولا نقص فيها؟
إن قول الله هذا عن ما عمله من أعمال خلقة تقرير وشهادة عن رضاه على الصورة التي خلقت عليها الخليقة، وبالطبع هو شهادة صادقة وأمينة، فيما يلي نوضح ذلك من خلال النقاط التالية:
إن الله لا يفوته أمر حتى يُذَكِّره به أحد. لقد أوضح سليمان الحكيم هذه الحقيقة، قائلًا: "قَدْ عَرَفْتُ أَنَّ كُلَّ مَا يَعْمَلُهُ اللهُ أَنَّهُ يَكُونُ إِلَى الأَبَدِ. لاَ شَيْءَ يُزَادُ عَلَيْهِ، وَلاَ شَيْءَ يُنْقَصُ مِنْهُ، وَأَنَّ اللهَ عَمِلَهُ حَتَّى يَخَافُوا أَمَامَهُ" (جا3: 14). إن الله يعلم أن البشر أضعف من الملائكة، لقد خلق الله أنماط مختلفة من جماد وحيوان وإنسان وملائكة. إن حكمة الله الفائقة لا يمكن إدراكها، كقول الكتاب: "يَا لَعُمْقِ غِنَى اللهِ وَحِكْمَتِهِ وَعِلْمِهِ! مَا أَبْعَدَ أَحْكَامَهُ عَنِ الْفَحْصِ وَطُرُقَهُ عَنِ الاسْتِقْصَاءِ!" (رو11: 33).
شهادة الرب للخليقة أنها حسنة يثير في الإنسان تساؤل عن تقييم الإنسان للخليقة التي تحيط به. فيما يلي نلخص واجب الإنسان نحو كمال الله الظاهر من خلال خليقته:
1. التأمل في حكمة وعظمة الخالق
لقد أعطى الله الإنسان عقل راجح يمكنه أن يتأمل، ويستنتج، ويستخلص الحقائق من وراء ما يراه، ولا عذر للإنسان العاقل في عدم معرفة الله من خلال الطبيعة، كقول الكتاب: "لأَنَّ أُمُورَهُ غَيْرَ الْمَنْظُورَةِ تُرىَ مُنْذُ خَلْقِ الْعَالَمِ مُدْرَكَةً بِالْمَصْنُوعَاتِ، قُدْرَتَهُ السَّرْمَدِيَّةَ وَلاَهُوتَهُ، حَتَّى إِنَّهُمْ بِلاَ عُذْرٍ" (رو1: 20).
2. التعَلُّم
ترك الله حكمته في
وسط صنعة يديه، فمثلًا التأمل في سلوك الكائنات التي تعيش حولنا
يُعَلِّم الإنسان من خلال متابعة ودراسة سلوكها وطبائعها. لقد ذكر
سليمان الحكيم كثيرًا من الدروس المستفادة من دراسة سلوك تلك
الكائنات، ومثال ذلك قوله: "أَرْبَعَةٌ هِيَ الأَصْغَرُ فِي
الأَرْضِ، وَلكِنَّهَا حَكِيمَةٌ جِدًّا: النَّمْلُ طَائِفَةٌ
غَيْرُ قَوِيَّةٍ، وَلكِنَّهُ يُعِدُّ طَعَامَهُ فِي الصَّيْفِ.
الْوِبَارُ طَائِفَةٌ ضَعِيفَةٌ، وَلكِنَّهَا تَضَعُ بُيُوتَهَا
فِي الصَّخْرِ،الْجَرَادُ لَيْسَ لَهُ مَلِكٌ، وَلكِنَّهُ يَخْرُجُ
كُلُّهُ فِرَقًا فِرَقًا،
الْعَنْكَبُوتُ
تُمْسِكُ بِيَدَيْهَا، وَهِيَ فِي قُصُورِ الْمُلُوكِ."
(أم30:24-26).
3. شكر الله وتسبيحة
إن كل إنسان عاقل يدرك نفع آلة أو جهاز يستعمله، يمجد الصانع الذي اخترع تلك الآلة أو الجهاز، وعلى هذا المثال نرى أن الشكر والتسبيح لله واجب من الخليقة نحو خالقها، كقول الكتاب: "سَبِّحِيهِ يَا أَيَّتُهَا الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ. سَبِّحِيهِ يَا جَمِيعَ كَوَاكِبِ النُّورِ. سَبِّحِيهِ يَا سَمَاءَ السَّمَاوَاتِ، وَيَا أَيَّتُهَا الْمِيَاهُ الَّتِي فَوْقَ السَّمَاوَاتِ" (مز148: 3- 4).
← اقرأ هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت كتب أخرى لنفس المؤلف.
أما من لا يمجد الله، لأنه لا يُقدر عمله كخالق، فذلك راجع إلى خطأ فيه، وليس لله، كقول الكتاب: "لأَنَّهُمْ لَمَّا عَرَفُوا اللهَ لَمْ يُمَجِّدُوهُ أَوْ يَشْكُرُوهُ كَإِلهٍ، بَلْ حَمِقُوا فِي أَفْكَارِهِمْ، وَأَظْلَمَ قَلْبُهُمُ الْغَبِيُّ" (رو1: 21).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-bishoy-fayek/beginning-of-time/true.html
تقصير الرابط:
tak.la/q3f9575