"وَبَارَكَ اللهُ الْيَوْمَ السَّابعَ وَقَدَّسَهُ، لأَنَّهُ فِيهِ اسْتَرَاحَ مِنْ جَمِيعِ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ اللهُ خَالِقًا" (تك2: 3).
الله روح، وهو لا يتعب كالبشر، الذين تتعب أجسادهم من شقاء العمل، كما ان الله يعمل أعماله بالمشيئة والإرادة فقط؛ فحينما يريد أمر ما يكون ما يريده، وهنا يتبادر للذهن بعض الأسئلة، وهي كيف استراح الله بعد خلقه للكون؟ وهل الله لا يعمل الآن؟ وكيف يبارك، ويقدس الله يوم محدد من أيام الخليقة السبعة (اليوم السابع)؟
في هذا التأمل نجيب على هذه الأسئلة، والتي تعتبر كأساس لشريعة السبت، التي أعطاها الله للإنسان، وذلك من خلال النقاط التالية:
يخطئ من يظن أن الله استراح بالمفهوم البشري، لأن الله لا يتعب لأنه الله روح، لكن الله جَبل الكون بأمره فقط، حسب قول الكتاب: "لأَنَّهُ قَالَ فَكَانَ. هُوَ أَمَرَ فَصَارَ" (مز33: 9).
إن اليوم السادس قد انتهى حين أتم الله الخلقة، واستحسن ما خلقه، كقول الكتاب: "وَرَأَى اللهُ كُلَّ مَا عَمِلَهُ فَإِذَا هُوَ حَسَنٌ جِدًّا. وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا سَادِسًا" (تك1: 31).
اليوم السابع بحسب مفهوم الكتاب المقدس هو حقبة الزمان، التي يعيشها البشر منذ خلقة أبونا آدم وحتى المجيء الثاني للمسيح.
هي الحقبة القادمة، أي حياة الدهر الآتي.
كلمة استراح تعني أتمّ، أو فرغ من عمل الخليقة، أو رضى عن هذا العمل، كقول الكتاب: "وَفَرَغَ اللهُ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ مِنْ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ. فَاسْتَرَاحَ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ مِنْ جَمِيعِ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ" (تك2: 2).
يخطئ من يظن أن الله لا يعمل، لأن حب الله وحكمته وصلاحه فعّال وغير معطل، وحاشا لله أن يكون خاملًا دون عمل. لقد أكد الرب يسوع هذه الحقيقة قائلًا: "فَأَجَابَهُمْ يَسُوعُ: "أَبِي يَعْمَلُ حَتَّى الآنَ وَأَنَا أَعْمَلُ" (يو5: 17).
لقد أوضح الله عمله تجاه بني البشر في اليوم السابع، وهو مباركته لليوم السابع كقوله: "وَبَارَكَ اللهُ الْيَوْمَ السَّابعَ وَقَدَّسَهُ" (تك 3:2). إن البركة التي يبارك بها الله الآن اليوم السابع هي عمله الخلاصي من أجل البشر، وطبعًا الذين يباركهم الله في هذا اليوم (السابع) أي في هذه الحقبة هم بني البشر، وذلك بإتمام خلاصهم كقول الكتاب: "إِلَيْكُمْ أَوَّلًا، إِذْ أَقَامَ اللهُ فَتَاهُ يَسُوعَ، أَرْسَلَهُ يُبَارِكُكُمْ بِرَدِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عَنْ شُرُورِهِ" (أع3: 26).
← اقرأ هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت كتب أخرى لنفس المؤلف.
لقد وصف الرب عمله في اليوم السابع في عبارة موجزة، قائلًا: "... وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ" (يو10: 10). إن عمل الله الذي عمله في اليوم السابع هو أن يعطي الإنسان الحياة، ويعطيه أيضًا الأفضل له، وهذا قد تممه الله بتجسده وتأنسه وشهادته للحق وتعاليمه الإلهية المحيية، ثم من خلال موته الكفاري على الصليب لفداء العتيدين أن يرثوا الخلاص، ثم صعوده وجلوسه عن يمين أبيه بصفته كاهن وشفيع وملك يطلب خلاص شعبه، ثم إرساله الروح القدس، وعمله الكرازي في كنيسته، ثم البشارة. إن الرب ما زال يعمل، ويدبر، ويطلب خلاص كل أحد.
يطلب الله من الإنسان أن يتجاوب معه، ويقبل مشيئته الصالحة لأجل خلاصه. لقد أعطى الله الإنسان وصية حفظ السبت، ليُظهر إرادته في قبوله للخلاص بطريقة عملية، كقوله: "اِحْفَظْ يَوْمَ السَّبْتِ لِتُقَدِّسَهُ كَمَا أَوْصَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ" (تث5: 12). إن المقصود من وصية حفظ السبت تقديس هذا اليوم، وتخصيصه لله من خلال حب الله بطريقة عملية بالصلاة والخدمة وحفظ وصية الحب لله وللقريب، وهكذا يتم خلاص الإنسان وبيته، وتتحقق له الراحة لروحه ونفسه وجسده.
من يحفظ وصية السبت يتقدس من خلال علاقته بالله، التي خُصِّصَ وكُرِّسَ يوم السبت لها، كقول الكتاب: "وَأَنْتَ تُكَلِّمُ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَائِلًا: سُبُوتِي تَحْفَظُونَهَا، لأَنَّهُ عَلاَمَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ فِي أَجْيَالِكُمْ لِتَعْلَمُوا أَنِّي أَنَا الرَّبُّ الَّذِي يُقَدِّسُكُمْ" (خر31: 13).
بعد قيامة الرب يسوع المسيح من الأموات أصبح يوم القيامة (الأحد) هو يوم الرب المخصص للعبادة، كقول الكتاب: "وَفِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ إِذْ كَانَ التَّلاَمِيذُ مُجْتَمِعِينَ لِيَكْسِرُوا خُبْزًا، خَاطَبَهُمْ بُولُس..." (أع20: 7). إنه يوم النصرة والخلاص والقيامة من كل ضعف، لأن فيه تجتمع الكنيسة حول فاديها لتأكل جسده، وتشرب دمه الثمين، الذي يعطى لمغفرة الخطايا وحياة أبدية لمن يتناول منه. إنه أيضًا يوم الرجاء الحي بالراحة الحقيقية السماوية، التي ينتظرها كل مؤمن، ولهذا ترتل الكنيسة في هذا اليوم بلحن "الليلويا فاي بيه بي" قائلة في اللحن الجميل: "هلليلويا هذا هو اليوم الذي صنعه الرب فنفرح ونبتهج فيه".
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-bishoy-fayek/beginning-of-time/seventh-day.html
تقصير الرابط:
tak.la/8w433qb