"وَأَنْبَتَ الرَّبُّ الإِلهُ مِنَ الأَرْضِ كُلَّ شَجَرَةٍ شَهِيَّةٍ لِلنَّظَرِ وَجَيِّدَةٍ لِلأَكْلِ، وَشَجَرَةَ الْحَيَاةِ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ، وَشَجَرَةَ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ" (تك2: 9).
هل شجرة معرفة الخير والشر هي شجرة مثل باقي الأشجار؟ وما هو نوع ثمرتها؟ ولماذا وجدت في وسط الجنة، بجانب شجرة الحياة؟ وما هي علاقة الشجرتين ببعضهما حتى يذكرهما الوحي الإلهي وكأنهما في حزمة واحدة؟
1. شجرة لها ثمرة تؤكل.
2. هي شجرة غير معروف نوع ثمرها.
3. الشجرة في وسط الجنة.
4. تقع بجانب شجرة الحياة.
· شجرة معرفة الخير والشر
إن هذه الشجرة تشير إلى حفظ وصايا الله والخضوع له. هي شجرة لها ثمرة، لأن الأكل يؤثر في الإنسان يغذيه، وينميه، أو قد يكون يتسبب في اعتلال صحته، أو قد يؤثر في حياته إذا تناول شيئًا سامًا. إن طاعة الله أو عدم طاعته تؤثر في حياة الإنسان، كما يؤثر الأكل تمامًا في حياة الإنسان. لكن عدم معرفة نوع الشجرة يشير لعدم أهمية معرفة نوعها. ولماذا يهتم البعض بنوع الشجرة، وقد وفر الله في الجنة كل أنواع الأشجار المثمرة، إن الأهم من ذلك هو طاعة، وعدم عصيان الأمر الإلهي بالأكل من ثمرتها. لقد كان عصيان الإنسان الأول لله شركٌ له، كقول الكتاب: "فِي مَعْصِيَةِ رَجُل شِرِّيرٍ شَرَكٌ، أَمَّا الصِّدِّيقُ فَيَتَرَنَّمُ وَيَفْرَحُ" (أم 29: 6).
إن كانت شجرة معرفة الخير والشر تمثل ضرورة طاعة الله وحفظ وصاياه، فإن شجرة الحياة تمثل المكافأة، التي يهبها الله لمن يحفظ وصاياه، ولهذا وضعت الشجرتين بجانب بعضهما، كقول الكتاب: "حَافِظُ الْوَصِيَّةِ حَافِظٌ نَفْسَهُ، وَالْمُتَهَاوِنُ بِطُرُقِهِ يَمُوتُ" (أم19: 16).
إن موقع الشجرة يشير أن الإنسان كان لا بُد أن يُمتَحَّن قبل أن يفوز بالحياة الأبدية، ووجود الشجرة في الوسط يعني رؤيتها باستمرار بسهولة بسبب موقعها المتميز. لقد مثلت الشجرة بالنسبة للإنسان الأول تحدي وإغراء، ولم يكن هناك مفر من أمر من اثنين وهما: طاعة الله أو عصيانه. إن وجود الشجرة في الوسط يذكرنا بالعثرات، التي لا بُد أن تأتي، ويذكرنا أيضًا بإلزام الرب يسوع المسيح تلاميذه بركوب السفينة، وهو يعلم بأن البحر سيتعرض لعاصفة، كقوله: "وَلِلْوَقْتِ أَلْزَمَ يَسُوعُ تَلاَمِيذَهُ أَنْ يَدْخُلُوا السَّفِينَةَ وَيَسْبِقُوهُ إِلَى الْعَبْرِ.. وَأَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ قَدْ صَارَتْ فِي وَسْطِ الْبَحْرِ مُعَذَّبَةً مِنَ الأَمْوَاجِ. لأَنَّ الرِّيحَ كَانَتْ مُضَادَّةً" (مت14: 22- 24).
لقد كان التحدي الذي وضعه الله أمام الإنسان الأول فرصة اختيار ليعلن من خلالها الإنسان، الذي جبله الله بغير إرادته عن رضاه بالحياة مع الله، أو رفضه للحياة مع الله، كقول الكتاب: "... قَدْ جَعَلْتُ قُدَّامَكَ الْحَيَاةَ وَالْمَوْتَ. الْبَرَكَةَ وَاللَّعْنَةَ. فَاخْتَرِ الْحَيَاةَ لِكَيْ تَحْيَا أَنْتَ وَنَسْلُكَ" (تث30: 19).
← اقرأ هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت كتب أخرى لنفس المؤلف.
لم يضع الله أمام الإنسان التحدي فقط، لكنه وضع أيضًا مع التحدي مكافأة عظمى، وهي البقاء في الفردوس والأكل من شجرة الحياة، والتمتع بالحياة إلى الأبد، كقول الوحي: "مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ. مَنْ يَغْلِبُ فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ الَّتِي فِي وَسَطِ فِرْدَوْسِ اللهِ" (رؤ2: 7).
إن قبول التعب والجهاد في الالتزام والطاعة، وحفظ وصايا الله يعبر عن السرور بالحياة الأبدية المنتظرة، كقول معلمنا بولس الرسول: "قَدْ جَاهَدْتُ الْجِهَادَ الْحَسَنَ، أَكْمَلْتُ السَّعْيَ، حَفِظْتُ الإِيمَانَ، وَأَخِيرًا قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ الْبِرِّ، الَّذِي يَهَبُهُ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، الرَّبُّ الدَّيَّانُ الْعَادِلُ، وَلَيْسَ لِي فَقَطْ، بَلْ لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُحِبُّونَ ظُهُورَهُ أَيْضًا" (2تي4: 7- 8).
التحدي يدفع الإنسان للجهاد لنوال المكافأة، ويدفعه أيضًا للجهاد بغرض النجاة من الخطر والضرر والفشل، إنه ضرورة، وهو أيضًا قانون إلهي، كقول الكتاب: "وَأَيْضًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُجَاهِدُ، لاَ يُكَلَّلُ إِنْ لَمْ يُجَاهِدْ قَانُونِيًّا" (2تي2: 5).
استسلام الإنسان لذاته وشهواته الجسدية يجعله عبدًا للجسد والذات. أما رفض الشهوات والخضوع لله وطاعته؛ فَيُقرِّب الإنسان من الله، ليصير من خاصته، كقول الكتاب: "... أَنَّكُمْ كُنْتُمْ عَبِيدًا لِلْخَطِيَّةِ، وَلكِنَّكُمْ أَطَعْتُمْ مِنَ الْقَلْبِ صُورَةَ التَّعْلِيمِ الَّتِي تَسَلَّمْتُمُوهَا. وَإِذْ أُعْتِقْتُمْ مِنَ الْخَطِيَّةِ صِرْتُمْ عَبِيدًا لِلْبِرِّ" (رو6: 17- 18). وقد علمنا الرب يسوع أيضًا، أن الإنسان لا يقدر أن يخدم سيدين.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-bishoy-fayek/beginning-of-time/tree.html
تقصير الرابط:
tak.la/bjbm488