St-Takla.org  >   books  >   fr-bishoy-fayek  >   beginning-of-time
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب بداية الزمان: الأصحاحات الأولى من سفر التكوين - القس بيشوي فايق

38- شجرة الحياة

 

"وَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ: هُوَذَا الإِنْسَانُ قَدْ صَارَ كَوَاحِدٍ مِنَّا عَارِفًا الْخَيْرَ وَالشَّرَّ. وَالآنَ لَعَلَّهُ يَمُدُّ يَدَهُ وَيَأْخُذُ مِنْ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ أَيْضًا وَيَأْكُلُ وَيَحْيَا إِلَى الأَبَدِ" (تك3: 22).

كلف الله ملائكة من طغمة الكاروبيم لحراسة جنة عدن، بعد ما طرد منها أبونا آدم وأمنا حواء، حتى لا يأكلان من شجرة الحياة، التي في وسطها، ولكن يتبادر للذهن بعض الأسئلة الهامة عن هذه الشجرة، وهي:

ما هي هذه الشجرة؟ وهل أكل أبوينا الأولين من ثمرتها في جنة عدن؟ ولماذا منعهما الله من الأكل من ثمرتها بعد السقوط؟! وما الضرر أن يحيا أبوينا إلى الأبد إذا أكلا من ثمرتها؟

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

· الله هو الحياة

إن الله هو الحياة، كقول الرب يسوع: "قَالَ لَهُ يَسُوعُ: أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي" (يو14: 6). وبالطبع الآب والابن والروح القدس جوهر واحد وطبيعة واحدة، أي أنَّ ما ينطبق على أقنوم الآب من صفات إلهية، ينطبق أيضًا على أقنوم الابن، وينطبق على أقنوم الروح القدس كذلك. لقد أكد الرب يسوع أنه له الحياة في ذاته، قائلًا: "لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الآبَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ، كَذلِكَ أَعْطَى الابْنَ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ" (يو5: 26). لكن الإنسان ليس له الحياة في ذاته، لأن حياته قد وهبها له الله، وما دام الله هو الواهب، فمن حقه أن يسترد هبته وقتما شاء، لذلك فالإنسان قابل للموت. أما الله فهو حي وموجود بذاته، ولا يمكن أن يموت أبدًا، لأنه مصدر الحياة والوجود.

 

· ينبوع الحياة

خلق الله الإنسان للوجود، ووهبه الحياة، وتستمر حياة الإنسان ما دام الله يريد له الحياة. إن شجرة الحياة التي وسط الجنة تعبر عن وجود الله مصدر الحياة هناك، والأكل منها يعني أن الله يمد من يأكل منها بالحياة. وكما كان الإنسان يأكل من ثمار الأشجار في الجنة، لينعم بصحة وعافية في جسده، هكذا تمتع الإنسان بالوجود والحياة بأكله من هذه الثمرة التي حملت إليه سر حياة، لقد أكل أبوينا من ثمرة هذه الشجرة، بدليل قول الله لآدم: "وَأَوْصَى الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ قَائِلًا: مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلًا" (تك2: 16). 

 

St-Takla.org Image: However, in the middle of the garden were two special trees. One was called the Tree of Life, the other was the tree giving knowledge of good and evil. God told Adam ‘You can eat the fruit of any tree except the tree giving knowledge of good and evil. To disobey and eat this fruit will result in death.’ (Genesis 1: 9, 15-17) - "God creates the heavens and earth" images set (Genesis 1-2): image (15) - Genesis, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: "وأنبت الرب الإله من الأرض كل شجرة شهية للنظر وجيدة للأكل، وشجرة الحياة في وسط الجنة، وشجرة معرفة الخير والشر.. وأخذ الرب الإله آدم ووضعه في جنة عدن ليعملها ويحفظها. وأوصى الرب الإله آدم قائلا: «من جميع شجر الجنة تأكل أكلا، وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها، لأنك يوم تأكل منها موتا تموت»" (التكوين 1: 9، 15-17) - مجموعة "الله يخلص السموات والأرض" (التكوين 1-2) - صورة (15) - صور سفر التكوين، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: However, in the middle of the garden were two special trees. One was called the Tree of Life, the other was the tree giving knowledge of good and evil. God told Adam ‘You can eat the fruit of any tree except the tree giving knowledge of good and evil. To disobey and eat this fruit will result in death.’ (Genesis 1: 9, 15-17) - "God creates the heavens and earth" images set (Genesis 1-2): image (15) - Genesis, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: "وأنبت الرب الإله من الأرض كل شجرة شهية للنظر وجيدة للأكل، وشجرة الحياة في وسط الجنة، وشجرة معرفة الخير والشر.. وأخذ الرب الإله آدم ووضعه في جنة عدن ليعملها ويحفظها. وأوصى الرب الإله آدم قائلا: «من جميع شجر الجنة تأكل أكلا، وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها، لأنك يوم تأكل منها موتا تموت»" (التكوين 1: 9، 15-17) - مجموعة "الله يخلص السموات والأرض" (التكوين 1-2) - صورة (15) - صور سفر التكوين، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

· معنى الأكل من شجرة الحياة

أكل الطعام لازم لصحة الجسد واستمرارية حياته. وقد استخدم الوحي الإلهي هذا المفهوم المعلوم لبني لجميع بني البشر للتعبير عن حاجة البشر للرب يسوع المسيح ابن الله. لقد قارن الرب يسوع بين ما يعطيه الطعام المادي من حياة أرضية تزول، وبين ما يعطيه هو من حياة أبدية، قائلًا: "اِعْمَلُوا لاَ لِلطَّعَامِ الْبَائِدِ، بَلْ لِلطَّعَامِ الْبَاقِي لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّذِي يُعْطِيكُمُ ابْنُ الإِنْسَانِ، لأَنَّ هذَا اللهُ الآبُ قَدْ خَتَمَهُ" (يو6: 27). 

 

· الموت انفصال عن الله، ولا يبطله غير الاتحاد بالله

مات الإنسان بالخطية عندما كسر وصية الله، ولهذا طرده الله من جنة عدن، ومنعه من الاقتراب من شجرة الحياة، التي كان يستمد حياته من الأكل من ثمرتها. أما الله فلم يترك الإنسان للهلاك الأبدي، لقد تجسد الإله غير المحدود، وتأنس، واقترب من الإنسان في أرض الشقاء، ليعطيه فرصة جديدة للإيمان به وطاعته. لقد قدم الرب يسوع المسيح نفسه للإنسان كطعام للحياة الأبدية، كقوله: "وَفِيمَا هُمْ يَأْكُلُونَ، أَخَذَ يَسُوعُ خُبْزًا وَبَارَكَ وَكَسَّرَ، وَأَعْطَاهُمْ وَقَالَ: خُذُوا كُلُوا، هذَا هُوَ جَسَدِي" (مر14: 22). وأيضًا قدم دمه الزكي لغفران الخطايا، كقوله: "لأَنَّ هذَا هُوَ دَمِي الَّذِي لِلْعَهْدِ الْجَدِيدِ الَّذِي يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا" (مت26: 28).

 

· المسيح الرب هو القيامة والحياة

صدر حكم الموت على الإنسان، وأصبح ينتظر الموت في كل لحظة من وقت ولادته وحتى نهاية عمره. ولكن الله وحده له السلطان أن يقيم من الموت، كقول الرب يسوع في صلاته الوداعية: "إِذْ أَعْطَيْتَهُ سُلْطَانًا عَلَى كُلِّ جَسَدٍ لِيُعْطِيَ حَيَاةً أَبَدِيَّةً لِكُلِّ مَنْ أَعْطَيْتَهُ" (يو17: 2). لقد جاء الرب يسوع المسيح خصيصًا، ليخلص الإنسان من الهلاك الأبدي، كقوله: "لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ" (لو19: 10). 

لقد أتى الرب شخصيًا، ليخلص الإنسان من الهلاك، لأنه هو القادر أن يقيمه من الموت، كقوله: "قَالَ لَهَا يَسُوعُ: أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا" (يو11: 25). 

← اقرأ هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت كتب أخرى لنفس المؤلف.

 

· علاقة الإنسان بالله، والخضوع له أساس الحياة

يجب على الإنسان الخضوع لله وطاعته فيما يرسمه له من ترتيبات ليتمتع بحياته، كالأكل من شجرة الحياة مثلًا أو أي أمر آخر يحدده هو. وبالطبع لا يمكن أن يكون الله شجرة، لكنه قادر أن يهب الإنسان استمرارية الحياة بأي أسلوب يراه هو، سواء بالأكل من شجرة الحياة التي في جنة عدن مثلًا، أو بالأكل من أسراره المقدسة (جسده ودمه الأقدسين) اللذان يعطيهما لنا تحت أعراض الخبز والخمر، كقوله: "كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ الْحَيُّ، وَأَنَا حَيٌّ بِالآبِ، فَمَنْ يَأْكُلْنِي فَهُوَ يَحْيَا بِي" (يو6: 57). أو بالأكل من شجرة الحياة في الأبدية، كقوله: "طُوبَى لِلَّذِينَ يَصْنَعُونَ وَصَايَاهُ لِكَيْ يَكُونَ سُلْطَانُهُمْ عَلَى شَجَرَةِ الْحَيَاةِ، وَيَدْخُلُوا مِنَ الأَبْوَابِ إِلَى الْمَدِينَةِ" (رؤ22: 14).

 

· لكي لا يمد يده ويأخذ من شجرة الحياة 

الحياة هبة الله للإنسان، ولكن الإنسان في كبريائه يتصور أنه يمكنه أن يقتني الحياة بنفسه، وهذا بالطبع مستحيل، وهذا الاعتقاد هو نوع من الكبرياء والعجرفة.

لقد طرد الله الإنسان من الجنة بعد سقوطه في الخطية، ومنعه من الاقتراب منها مرة أخرى، حتى يدرك عدم استحقاقه للحياة، وضعفه وعجزه أمام الكاروب، الذي يحمل في يده السيف المتقلب بالنار، كقول الكتاب: "فَطَرَدَ الإِنْسَانَ، وَأَقَامَ شَرْقِيَّ جَنَّةِ عَدْنٍ الْكَرُوبِيمَ، وَلَهِيبَ سَيْفٍ مُتَقَلِّبٍ لِحِرَاسَةِ طَرِيقِ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ" (تك3: 24). لقد أكد الرب يسوع ضرورة الاتضاع والخضوع، لنوال الخلاص، بقوله: "فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا" (مت16: 25).

إنه من الملاحظات الجميلة، أن الرب يسوع المسيح لم يسمح لتلاميذه الاثني عشر أثناء العشاء الربّاني بمد أيديهم، لكي يأخذوا بأنفسهم، ويتناولوا من جسده ودمه، لكنه كسر الخبز، وأعطاهم، وهكذا الكأس أعطاهم هو بنفسه. 

 

· الدعوة للتوبة أولًا قبل الخلود في حياة أبدية

الأكل من شجرة الحياة يعني أن يحيا الإنسان إلى الأبد في خلودٍ دائمٍ، ولكن لا يوافق رحمة الله أن يحيا آدم ونسله إلى الأبد في حالة فساد وشقاء الخطية، أي: أمواتًا بالخطايا. لقد رتبت عناية الله أن يموت الإنسان العتيق الفاسد أولًا، لكي يقيمه الله جديدًا فاخرًا، وبعد ذلك يحيا إلى الأبد، كقول الكتاب: "لاَ تَكْذِبُوا بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ، إِذْ خَلَعْتُمُ الإِنْسَانَ الْعَتِيقَ مَعَ أَعْمَالِهِ، وَلَبِسْتُمُ الْجَدِيدَ الَّذِي يَتَجَدَّدُ لِلْمَعْرِفَةِ حَسَبَ صُورَةِ خَالِقِهِ" (كو3: 9- 10). 

إن الخلود والحياة الأبدية ستأتي لا محالة، بعدما يستنفذ الإنسان كل فرص مراحم الله الكثيرة، ويفوز الكثيرون بالحياة الأبدية. أما المعاندون الرافضون لنعمته فسيتم فيهم قول الكتاب: "لاَ تَتَعَجَّبُوا مِنْ هذَا، فَإِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَسْمَعُ جَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْقُبُورِ صَوْتَهُ، فَيَخْرُجُ الَّذِينَ فَعَلُوا الصَّالِحَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الْحَيَاةِ، وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الدَّيْنُونَةِ" (يو5: 28- 29).


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-bishoy-fayek/beginning-of-time/tree-of-life.html

تقصير الرابط:
tak.la/w6k2c8v