"وَبَنَى الرَّبُّ الإِلهُ الضِّلْعَ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ آدَمَ امْرَأَةً وَأَحْضَرَهَا إِلَى آدَمَ" (تك2: 22).
يذكر الوحي الإلهي المخلوقات (البهائم، الطيور، الوحوش، الأسماك..) في الإصحاح الأول من سفر التكوين بصيغة الجمع، ذلك لأن الله خلقها في جماعات وليس أفرادًا، مثال ذلك قوله: "فَعَمِلَ اللهُ وُحُوشَ الأَرْضِ كَأَجْنَاسِهَا، وَالْبَهَائِمَ كَأَجْنَاسِهَا، وَجَمِيعَ دَبَّابَاتِ الأَرْضِ كَأَجْنَاسِهَا. وَرَأَى اللهُ ذلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ" (تك1: 25). لكن هذا لم يحدث بالنسبة لخلقة الإنسان، لأن الله خلق إنسانًا واحدًا أسماه آدم.
ولكن ما الحكمة في خلق إنسان واحد فقط في البداية مع أن الكون كان في تلك الأزمنة في حاجة لأعداد كثيرة من البشر حتى تعمره؟
فيما يلي نناقش، ونتأمل في الحكمة من وراء ذلك من خلال النقاط التالية:
خرجت أمنا حواء من جنب أبونا آدم، فقد أخذ الرب منه ضلعًا، وبنى الله على هذا الضلع لحم، وهكذا خلقت حواء، التي أحضرها الله له، ومن حواء وآدم صار كل البشر.
دعىَ الكتاب المقدس البشر جميعهم أبناء لآدم، وقد تكرر كثيرًا مناداة الله لحزقيال النبي بالقول "يا ابن آدم"، وكمثال لذلك قوله: "فَقَالَ لِي: يَا ابْنَ آدَمَ، قُمْ عَلَى قَدَمَيْكَ فَأَتَكَلَّمَ مَعَكَ" (حز2: 1).
وأيضًا قوله في سفر الأمثال: "لَكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ أُنَادِي، وَصَوْتِي إِلَى بَنِي آدَمَ" (أم8: 4). لقد أكد الوحي الإلهي هذه الحقيقة في سفر الأعمال قائلًا: "وَصَنَعَ مِنْ دَمٍ وَاحِدٍ كُلَّ أُمَّةٍ مِنَ النَّاسِ يَسْكُنُونَ عَلَى كُلِّ وَجْهِ الأَرْضِ..." (أع17: 26).
يفرض الأصل الواحد على الآباء تحمل المسئولية نحو الأبناء، كما تفرض العلاقة المشتركة، التي تربط أبناء الأب الواحد معًا عليهم التزامات الإخوة والمحبة نحو بعضهم بعض، فيما يلي نوضح ذلك:
1. الأبوة
الأب يحمل مسئولية تجاه أولاده، لأنهم جزء منه، يحملون جيناته وصفاته واسمه.
2. الإخوة
البشر الخارجون من صلب أب واحد يرتبطون بعضهم ببعض برباط الإخوة والمحبة.
← اقرأ هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت كتب أخرى لنفس المؤلف.
1. انحرف قايين عن عهد الإخوة عندما غار من أخيه هابيل، ولكن الله وبخه مؤكدًا له أنه كان يجب عليه أن يلتزم بالمحبة والإخوة نحو هابيل الذي وصفه الله بكلمة (أخوك)، قائلًا له: "فَقَالَ الرَّبُّ لِقَايِينَ: أَيْنَ هَابِيلُ أَخُوكَ؟..." (تك4: 9).
2. يؤكد الله في سفر ملاخي على ضرورة الالتزام بعهد الإخوة بين الناس، قائلًا: "أَلَيْسَ أَبٌ وَاحِدٌ لِكُلِّنَا؟ أَلَيْسَ إِلهٌ وَاحِدٌ خَلَقَنَا؟ فَلِمَ نَغْدُرُ الرَّجُلُ بِأَخِيهِ؟..." (ملا2: 10).
3. يخبرنا سفر نحميا أن أغنياء اليهود في زمن حكمه عليهم اضطهدوا إخوتهم الفقراء؛ فاستعبدوا أولاد وبنات الفقراء إخوتهم، ولكن الفقراء اشتكوا إخوتهم الأغنياء الظالمين لنحميا الوالي قائلين: "وَالآنَ لَحْمُنَا كَلَحْمِ إِخْوَتِنَا وَبَنُونَا كَبَنِيهِمْ..." (نح5: 5).
المسيح له المجد علم بأن البشر كلهم إخوة. لقد ضرب الرب مثلًا بالرجل السامري الصالح، الذي أنقذ عدوه اليهودي، والذي لم يبال به أقرباؤه بالجسد (كاهن ولاوي). أنقذ ذلك الرجل السامري اليهودي الجريح الملقى في الطريق، وأخذه إلى فندق، وأوصى صاحب الفندق أن يعتني به بعد أن ترك له المال اللازم لذلك. لقد نوه الرب يسوع أن الإخوة والقرابة أساسها الحب متسائلًا، قائلًا: "فَأَيَّ هؤُلاَءِ الثَّلاَثَةِ تَرَى صَارَ قَرِيبًا لِلَّذِي وَقَعَ بَيْنَ اللُّصُوصِ؟" فَقَالَ: "الَّذِي صَنَعَ مَعَهُ الرَّحْمَةَ..." (لو10: 36- 37).
إننا كلنا أخوة على مستوى الأسرة أو العائلة أو المجتمع أو الوطن أو على المستوى البشري. إنَّ مَن يُهين أخيه يهين نفسه.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-bishoy-fayek/beginning-of-time/one-father.html
تقصير الرابط:
tak.la/3sfq74t