"وَبَارَكَهُمُ اللهُ وَقَالَ لَهُمْ: أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ، وَأَخْضِعُوهَا، وَتَسَلَّطُوا عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ" (تك: 1: 28).
خلق الله الإنسان في كمال وفي صورة بهية، ولم يكن هناك ما ينغص عيشه، ولكن الله باركه بعدما خلقه، فهل كان الإنسان في نقص أو عجز، ولهذا احتاج الاستعاضة عن نقصه من خلال البركة التي باركه بها الله؟
لماذا البركة؟، وما هي اللعنة؟ وهل الإنسان عمومًا له دور في اقتناء البركة أو اللعنة؟
في النقاط التالية نتأمل في معنى البركة، وحاجة الإنسان لبركة الله.
الإنسان في احتياج دائم إلى الله، لأنه ضعيف، وليس له قوة متجددة في ذاته على الدوام، بل يخور كثيرًا، ويحتاج إلى معونة الله، كقول الكتاب: "... لأَنَّكُمْ بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا" (يو15: 5).
إن قوة ومعونة الله، التي يهبها للإنسان طيلة أيام حياته على الأرض فعَّالة، وتحقق له النجاح في كل أمور حياته، كقول معلمنا بولس الرسول: "أَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ الَّذِي يُقَوِّينِي" (في4: 13).
إن الإنسان لا يستطيع مهما كانت عظمة مواهبه وإمكانياته وقدراته أن يحيا بدون الله.
البركة هي المعونة والقوة والنعمة الإضافية، التي يهبها الله لمن يرضى عنه، وهي تغني الإنسان، وتجنبه أتعاب كثيرة، كقول الكتاب: "بَرَكَةُ الرَّبِّ هِيَ تُغْنِي، وَلاَ يَزِيدُ مَعَهَا تَعَبًا" (أم10: 22).
إن البركة: هي إمكانية إضافية من قبل الله للبشر، ليديروا بها أمورهم وأمور من حولهم. أما اللعنة: فهي فقدان نعمة الله وبركاته، ومع اللعنة يزيد الشقاء والفشل.
مشيئة الله الصالح الرحوم محب البشر أن يبارك كل إنسان بحسب كثرة غناه ورأفته. لقد بارك الله الإنسان الأول، عندما خلقه قبلما يفعل خيرًا أو شرًا. أما بركات الله فهي تنبع من صلاحه، كقول الكتاب: "لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، فَإِنَّهُ يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى الأَشْرَارِ وَالصَّالِحِينَ، وَيُمْطِرُ عَلَى الأَبْرَارِ وَالظَّالِمِينَ" (مت5: 45).
← اقرأ هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت كتب أخرى لنفس المؤلف.
الإنسان له دور أساسي وفعال في نوال البركة، أو في انسكاب اللعنة عليه. لقد أكد معلمنا بولس الرسول أهمية دور إرادة الإنسان الحرة أو نية قلبه في إطاعة وصية الله، قائلًا: "كُلُّ وَاحِدٍ كَمَا يَنْوِي بِقَلْبِهِ، لَيْسَ عَنْ حُزْنٍ أَوِ اضْطِرَارٍ. لأَنَّ الْمُعْطِيَ الْمَسْرُورَ يُحِبُّهُ اللهُ" (2كو9: 7). إن من لا يريد البركة يريد اللعنة، ويحبها، كقول الكتاب عن يهوذا الإسخريوطي: "وَأَحَبَّ اللَّعْنَةَ فَأَتَتْهُ، وَلَمْ يُسَرَّ بِالْبَرَكَةِ فَتَبَاعَدَتْ عَنْهُ" (مز109: 17).
إن الله وحده (ولا آخر سواه) له السلطان أن يبارك الأتقياء، وأيضًا له السلطان أن يجازي الأشرار. لقد أحضر بالاق ملك الموآبين بلعام النبي الكذاب، ليلعن له شعب إسرائيل، ولكن الشرير نطق يباركهم باسم الله إلههم، وعندما وبخه الملك الذي استأجره، قال له صراحة أن الله هو الذي أمره بمباركتهم، وأنه لا يستطيع مخالفة الأمر الإلهي، قائلًا: "إِنِّي قَدْ أُمِرْتُ أَنْ أُبَارِكَ. فَإِنَّهُ قَدْ بَارَكَ فَلاَ أَرُدُّهُ" (عد 23: 20). لقد أوضح بلعام أن خضوع الشعب لله وطاعته لوصاياه الإلهية هي سبب البركة قائلًا: "لَمْ يُبْصِرْ إِثْمًا فِي يَعْقُوبَ، وَلاَ رَأَى تَعَبًا فِي إِسْرَائِيلَ. الرَّبُّ إِلهُهُ مَعَهُ، وَهُتَافُ مَلِكٍ فِيهِ" (عد23: 21).
وضع الله وصاياه المحيية أمام الإنسان، وطالبه بطاعتها، ومن يخضع له ينال رضاه وبركته، ومن يعصاه يحكم على نفسه بالشقاء، كقول الكتاب: "الصَّالِحُ يَنَالُ رِضًى مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ، أَمَّا رَجُلُ الْمَكَايِدِ فَيَحْكُمُ عَلَيْهِ" (أم12: 2).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-bishoy-fayek/beginning-of-time/blessing.html
تقصير الرابط:
tak.la/9mvhn6f