"فَدَعَا آدَمُ بِأَسْمَاءٍ جَمِيعَ الْبَهَائِمِ وَطُيُورَ السَّمَاءِ وَجَمِيعَ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ. وَأَمَّا لِنَفْسِهِ فَلَمْ يَجِدْ مُعِينًا نَظِيرَهُ" (تك2: 20).
يتعجب البعض متسائلًا قائلًا: لماذا خلق الله أبونا آدم أولًا وحيدًا (أعزب) بالرغم من أنه كان ناويًا أن يعطيه زوجة فيما بعد؟
لم يفرض الله علي أب البشرية آدم الزواج من امرأة، لكنه أعطاه زوجة عندما تأكد من احتياجه لمعين. إن إحساس الإنسان بالحاجة إلى شريك الزوجية شرط أساسي للزواج الناجح، ولكي يشعر كل طرف من الزوجين بأهمية حياة الشركة الزوجية. لقد عبر أبونا آدم عن رغبته في الارتباط بزوجة كقول الكتاب: "... وَأَمَّا لِنَفْسِهِ فَلَمْ يَجِدْ مُعِينًا نَظِيرَهُ" (تك2: 20).
أظن أن أبونا آدم طلب من الله أن يعطيه زوجة تؤنس حياته، واشتاق أن يكون له من خلال اتحاده بها أبناء كباقي المخلوقات الحية، وأظن أن الله شرح له تبعات هذا الزواج من بذل وتعب من أجل عائلته التي سيصير مسئولًا عنها، وأظن أن أبونا آدم وافق على تحمل هذه التبعات، وتعهد بالحب نحو الزوجة التي تمنى وجودها بجانبه، وأظن أن الله أخبره كيف سيخلقها من أحد أضلاعه، وعندما وافق أبونا آدم سلم نفسه بين يدي الله؛ فتمم الله له ما أراده، كقول الكتاب: "فَأَوْقَعَ الرَّبُّ الإِلهُ سُبَاتًا عَلَى آدَمَ فَنَامَ، فَأَخَذَ وَاحِدَةً مِنْ أَضْلاَعِهِ وَمَلأَ مَكَانَهَا لَحْمًا" (تك2: 21).
إن معرفة الزوجين بعضهما لبعض أمر هام للتآلف بين العروسين بعد زواجهما. ولهذا يسبق الزواج فترة تعارف تبدأ بخطبة العريس لعروسه. لكن أبونا آدم لم يكن في حاجة لفترة يتعرف فيها على أمنا حواء، لأنه كان يعرفها تمام المعرفة. وكيف لا يعرفها وهي جزء منه؟! كقوله: "فَقَالَ آدَمُ: هذِهِ الآنَ عَظْمٌ مِنْ عِظَامِي وَلَحْمٌ مِنْ لَحْمِي. هذِهِ تُدْعَى امْرَأَةً لأَنَّهَا مِنِ امْرِءٍ أُخِذَتْ" (تك2: 23).
قد أحضر الله حواء، وقدمها لأبونا آدم زوجة له، وهذا كان أعظم ضمان يشهد أن حواء هي الزوجة المناسبة لآدم، وأن آدم أيضًا هو الرجل المناسب لحواء. إن طلب مشورة الله، وعدم إغفال القيم الروحية في اختيار شريك الزوجية أمر مهم يضمن توافق الزوجين مع بعضهما. لقد نهى أب الآباء إبراهيم رئيس بيته أليعازر الدمشقي، من اختيار زوجة لابنه من عباد الأوثان جيرانه، وأمره بالذهاب لأهله لاختيار زوجة لابنه من هناك، قائلًا له: "فَأَسْتَحْلِفَكَ بِالرَّبِّ إِلهِ السَّمَاءِ وَإِلهِ الأَرْضِ أَنْ لاَ تَأْخُذَ زَوْجَةً لابْنِي مِنْ بَنَاتِ الْكَنْعَانِيِّينَ الَّذِينَ أَنَا سَاكِنٌ بَيْنَهُمْ" (تك24: 3).
← اقرأ هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت كتب أخرى لنفس المؤلف.
بارك الله أول زوجين (آدم وحواء) كقول الكتاب: "وَبَارَكَهُمُ اللهُ وَقَالَ لَهُمْ: أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ، وَأَخْضِعُوهَا، وَتَسَلَّطُوا..." (تك1: 28). وقد بارك الرب يسوع أيضًا عرس قانا الجليل بحضوره شخصيًا مع أمه العذراء وتلاميذه الأطهار، كقول الكتاب: "وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ كَانَ عُرْسٌ فِي قَانَا الْجَلِيلِ، وَكَانَتْ أُمُّ يَسُوعَ هُنَاكَ. وَدُعِيَ أَيْضًا يَسُوعُ وَتَلاَمِيذُهُ إِلَى الْعُرْسِ" (يو2: 1- 2).
يبارك الله كل زواج من خلال صلوات سر الزيجة، ولهذا تصر الكنيسة على إتمام زواج أبنائها داخل الكنيسة على يد الآباء الكهنة من خلال طقس سر الزيجة. إن الزواج في الكنيسة له قوة وفاعلية في اتحاد العروسين، ليصيرا جسدًا واحدًا، كقول الكتاب: "إِذًا لَيْسَا بَعْدُ اثْنَيْنِ بَلْ جَسَدٌ وَاحِدٌ. فَالَّذِي جَمَعَهُ اللهُ لاَ يُفَرِّقُهُ إِنْسَانٌ" (مت19: 6).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-bishoy-fayek/beginning-of-time/marriage.html
تقصير الرابط:
tak.la/dwz62w4