تهدف هذه الدراسة التأمليَّة إلى الكشف عن عظمة النفع الروحي المقدم الإصحاحات الأولى من سفر التكوين، وذلك حسب قول الكتاب: "كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ" (2تي3: 16).
لقد سُمِّيَ هذا السفر من الكتاب المقدس بسفر التكوين (Genesis) لأنه يحتوي على الإعلانات الإلهية الأولى، ويحمل أساسيات الإيمان التي بُنيَ عليها باقي تعاليم الإيمان، الذي يحيا به المؤمنين أجمعين. إن هذا الكتاب يلقي الضوء على أهمية هذا النفع الروحي المقدم من الله للبشرية من خلال هذا الجزء الهام من الكتاب المقدس، وهو ما نُبينه في النقاط التالية:
هذه الدراسة التأملية تكشف علاقة الإصحاحات الأولى من سفر التكوين، بما كتب عن الرب يسوع وما سلمه لنا، ولقد علمنا الوحي الإلهي أن كل ما سجله الوحي الإلهي يحقق هدف رئيسي، وهو الشهادة للمسيح الرب، كقول الكتاب:..."فَإِنَّ شَهَادَةَ يَسُوعَ هِيَ رُوحُ النُّبُوَّةِ" (رؤ19: 10).
لذلك لا بُد أن نضع أمام أعيننا أن أمور كثيرة مما كتبت في هذا السفر تفهم في ضوء حياة الرب يسوع، وتدبيره الخلاصي. لقد أكد الرب يسوع لتلميذي عمواس هذه الحقيقة، وشرح لهم ما يخصه في أسفار موسى وباقي الأنبياء كقول الكتاب: "ثُمَّ ابْتَدَأَ مِنْ مُوسَى وَمِنْ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ يُفَسِّرُ لَهُمَا الأُمُورَ الْمُخْتَصَّةَ بِهِ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ" (لو24: 27). إنني أتخيل الرب يسوع، وهو يشرح لتلميذي عمواس الرموز والإشارات والمعاني الغامضة التي أشارت إليه من خلال حياة آدم الإنسان الأول.
← اقرأ هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت كتب أخرى لنفس المؤلف.
إن الإيمان الذي استلمناه هو إيمان واحد لا يتجزأ، ولا يتغير بمرور الزمن، ولا يمكن أن يستحدث أيضًا كقول الرسول: "يَسُوعُ الْمَسِيحُ هُوَ هُوَ أَمْسًا وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ. لاَ تُسَاقُوا بِتَعَالِيمَ مُتَنَوِّعَةٍ وَغَرِيبَةٍ، لأَنَّهُ حَسَنٌ أَنْ يُثَبَّتَ الْقَلْبُ بِالنِّعْمَةِ، لاَ بِأَطْعِمَةٍ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا الَّذِينَ تَعَاطَوْهَا" (عب13: 8- 9). لقد ابتدأ الله بتقديم أساسيات إيماننا الأقدس من بداية سفر التكوين، فعلي سبيل المثال: حقيقة أن الله مثلث الأقانيم معلنة في السفر، وروح الله القدوس وطبيعته الحانية المحيية معلنة أيضًا بصورة واضحة في الإصحاح الأول من السفر، وهكذا سنحاول من خلال هذه الدراسة تتبع هذه الحقائق الإيمانية.
تتدرج المعرفة الإلهية المعلنة في الكتاب المقدس، وتتكامل في بنائها تصاعيدًا من سفر إلى آخر. إن ما كشف في العهد الجديد من أسرار إلهية مبني على الإعلانات الأولى، التي كشفها الوحي الإلهي في أسفار سابقة فعلي سبيل المثال: لا يمكن فهم ما كُتب عن شجرة الحياة في سفر الرؤيا، دون فهم ما كُتب عنها في سفر التكوين وباقي الأسفار، وكشف أسرار شجرة معرفة الخير والشر يحتاج منا بحث أسفار الكتاب، حسب، قول الرب: "فَتِّشُوا الْكُتُبَ لأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً. وَهِيَ الَّتِي تَشْهَدُ لِي" (يو5: 39). في هذه الدراسة سنجتهد في الربط بين حقائق الإيمان المعلنة في هذا الجزء موضوع الدراسة، وما أُعلن في باقي أسفار الكتاب؛ لنصل لما قصده الروح القدس من كشف وإعلان لبني البشر.
في هذه الدراسة نسلط الضوء على العديد من البدايات مثل حال الإنسان الأول قبل السقوط، وحالة المجد والكرامة التي عاشها، وأيضًا كيف أخطأ لأول مرة، وكيف عرف الإنسان الموت، ونتقابل مع أول رد فعل من الله تجاه الخطية.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-bishoy-fayek/beginning-of-time/importance.html
تقصير الرابط:
tak.la/tsyd7dx