"وَقَالَ اللهُ: نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا، فَيَتَسَلَّطُونَ عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى.." (تك1: 26).
إن الجملة الثانية في هذا النص الكتابي السابق هي نتيجة لخلقة الله الإنسان على صورته كشبهه. ولكن السؤال الهام الذي يتبادر إلى الذهن هو: ما هي علاقة خلقة الإنسان على صورة الله كشبهه بتسلطه على المخلوقات المحيطة به؟
في النقاط التالية نجيب على ذلك التساؤل.
الفاء السببية قبل كلمة يتسلطون، تبين سبب التسلط وهو ما قبلها. أي أن تسلط الإنسان على سمك البحر وغيره من مخلوقات نتيجة لكونه مخلوق على صورة الله وكشبهه. فصورة الله وشبهه التي خلق عليها الإنسان تعني أن الإنسان كان له صفات الله من الحكمة والقداسة والمحبة، وهي التي تمكنه من استخدام الطبيعة لخيره، ورعاية وإدارة ما حوله من مخلوقات في سبيل الخير والصلاح.
البركة لا تأتي بدون الخضوع للوصايا الإلهية (تقوى ومخافة الله). لأن الوصايا الإلهية هي الأنفع والأصلح لخير الإنسان، لأنها وصايا الله الذي هو الحكمة ذاتها. فمن يتقي الله، ويصنع مرضاته يملك سبل الحكمة، كقول الكتاب: "رَأْسُ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ الرَّبِّ. فِطْنَةٌ جَيِّدَةٌ لِكُلِّ عَامِلِيهَا. تَسْبِيحُهُ قَائِمٌ إِلَى الأَبَدِ" (مز111: 10).
كلمة يتسلط تعني الإدارة والقيادة في سبيل خير الإنسان وخير من حوله. ولكن فساد البشر وسلوكهم في طريق الشر سبب لهم الضرر كقول الكتاب: "إِذْ أُخْضِعَتِ الْخَلِيقَةُ لِلْبُطْلِ -لَيْسَ طَوْعًا، بَلْ مِنْ أَجْلِ الَّذِي أَخْضَعَهَا- عَلَى الرَّجَاءِ" (رو8: 20). لقد وصف الكتاب سوء حال الخليقة كلها بسبب الفساد الناتج من الخطية والشر، قائلًا: "فَإِنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الْخَلِيقَةِ تَئِنُّ وَتَتَمَخَّضُ مَعًا إِلَى الآنَ" (رو8: 22).
تعلمنا صلوات القداس الإلهي أن الله خلق الإنسان على غير فساد، ولكن الموت والفساد دخل إلى العالم بحسد إبليس الذي أسقط الإنسان في الشر والموت.
← اقرأ هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت كتب أخرى لنفس المؤلف.
يدفع الجشع الأشرار من البشر لاستعمال مبيدات كيماويات أو هرمونات مسرطنة في الزراعة طمعًا في ربحٍ قبيح، وبالطبع يتسببون في ضرر إخوتهم من البشر. أما مخترعو الأسلحة الفتاكة فقد أذاقوا البشرية الويل والألم، وقد ساعد أيضًا تكالب الدول الصناعية الكبرى على الاستثمار في أعمال صناعية عملاقة على انبعاث أبخرة ضارة بالطبيعة، مما أثر على الطقس والمناخ في السنوات الأخيرة، وبالرغم من الآثار السيئة التي بدأت في إحداث التغيرات المناخيَّة الحالية، إلا أنهم يرفضون التعاون مع الدول الأخرى من أجل الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، وذلك طمعًا في تحقيق مكاسب اقتصادية.
المسيح له المجد هو صورة الله في القداسة والصلاح... لقد تجسد الرب يسوع ليعيد للبشر الصورة التي أفسدها الإنسان بشره، الصورة المجيدة التي أرادها له الله؛ فشكرًا للرب يسوع المسيح، الذي وهبنا الولادة الجديدة، وحلول وسكنّى روحه القدوس فينا، حتى بالامتلاء من روحه القدوس نقتني صورته وشبهه مرة أخرى، كقول معلمنا بولس الرسول: "... نَتَغَيَّرُ إِلَى تِلْكَ الصُّورَةِ عَيْنِهَا، مِنْ مَجْدٍ إِلَى مَجْدٍ، كَمَا مِنَ الرَّبِّ الرُّوحِ" (2كو3:18). وهكذا نتمكن من السلوك في طريق الحق والصلاح.
أخبرنا الرب يسوع أن الشر سينتشر في آخر الزمان، لتمتلئ الأرض بالأشرار، ويقل، ويندر وجود المؤمنين المتقون الله، كقوله: "أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يُنْصِفُهُمْ سَرِيعًا! وَلكِنْ مَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ، أَلَعَلَّهُ يَجِدُ الإِيمَانَ عَلَى الأَرْضِ؟" (لو18: 8).
إن عمار الأرض وسلامتها مرتبط بحالة الإنسان الروحية؛ فحينما يكون الإنسان له صورة الله في القداسة والطهارة تتبارك من أجله الأرض، وحينما يفسد بشره تُلعن بسببه الأرض. لقد وصف إشعياء النبي تأثر الأرض بشر سكانها في آخر الزمان، قائلًا: "وَالأَرْضُ تَدَنَّسَتْ تَحْتَ سُكَّانِهَا لأَنَّهُمْ تَعَدَّوْا الشَّرَائِعَ، غَيَّرُوا الْفَرِيضَةَ، نَكَثُوا الْعَهْدَ الأَبَدِيَّ" (إش24: 5).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-bishoy-fayek/beginning-of-time/his-image.html
تقصير الرابط:
tak.la/543nrzy