St-Takla.org  >   books  >   fr-bishoy-fayek  >   beginning-of-time
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب بداية الزمان: الأصحاحات الأولى من سفر التكوين - القس بيشوي فايق

14- خلق الله الإنسان على صورة مجده

 

"... وَبِمَجْدٍ وَبَهَاءٍ تُكَلِّلُهُ. تُسَلِّطُهُ عَلَى أَعْمَالِ يَدَيْكَ. جَعَلْتَ كُلَّ شَيْءٍ تَحْتَ قَدَمَيْهِ" (مز8: 5- 6).

الإنسان ما قبل السقوط:

الله ممجد في طبيعته ويستحق ويستوجب الكرامة والمجد والبركة، كما يخبرنا سفر الرؤيا، ولكن هل الإنسان عندما خلقه الله كان على صورة الله في المجد؟ وكيف فقد الإنسان المجد الموهوب له من قبل الله؟ وهل من سبيل لاستعادة هذا المجد مرة أخرى؟

زين الله الإنسان عندما خلقه بالحكمة والعقل، لأنه خُلق على صورة الله وشبهه في القداسةِ والطهارةِ والحبِ... لقد وهبه الله إمكانات عظيمة حتى صار له كرامة عظيمة، وأصبح مؤهلًا لأخذ وضعه كتاج ورأس للخليقة كلها. إن الفرق بين الإنسان قبل السقوط وبعده يكشف المجد الذي كان يتمتع به الإنسان.

 

ما بعد السقوط:

عندما سقط الإنسان الأول، وتشوهت الصورة العظيمة التي خُلقَ عليها فقد المجد والكرامة التي خلقه الله عليهما، ولهذا شعر بالخزي والخوف، وأصبح عبدًا مكبلًا بخزيه. لقد وصف الكتاب حالة الخزي التي أصابت أبونا آدم بعد السقوط بقوله: "سَمِعْتُ صَوْتَكَ فِي الْجَنَّةِ فَخَشِيتُ، لأَنِّي عُرْيَانٌ فَاخْتَبَأْتُ" (تك3: 10).

في النقاط التالية نجيب على هذا التساؤل الهام بشيء من التأمل:

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

· الموت الأدبي

حالة الإنسان النفسية ووضعه الأدبي تعتمد، وتتأثر بحالة المجد أو الدونية والخزي، التي تنتج من نجاحه واستقامة طريقة في حياته العملية، أو تنتج عن سقوطه في الخطايا، وفشله في أمور حياته. لقد اختبر الإنسان الأول إحساس الخجل والعار عند سقوطه في الخطية. وهكذا عرف معنى الموت الأدبي، وانفصاله عن الله، وانحداره ليحيا في ذل وهوان، كوصف الكتاب القائل: "فَكَمْ بِالْحَرِيِّ الإِنْسَانُ الرِّمَّةُ، وَابْنُ آدَمَ الدُّودُ؟" (أي25: 6).

 

· إله المجد وواهبه

المجد شيء يخص الله وحده، لأن طبيعة الله مجيدة بسبب عظمة لاهوته وقداسته وصلاحه. أما الإنسان فهو من التراب. ولذا فإن كل مجد يقتنيه الإنسان مصدره الله، الذي وصفه الكتاب قائلًا: "كَيْ يُعْطِيَكُمْ إِلهُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَبُو الْمَجْدِ، رُوحَ الْحِكْمَةِ وَالإِعْلاَنِ فِي مَعْرِفَتِهِ" (أف1: 17).

المجد الذي يتمتع به القديسين هو صورة الله، التي يحملونها؛ أي صفات الله، التي هي القداسة، الخير، الحب، الوداعة، طول الأناة... إن علاقة الإنسان بالله (بنوته لله) هي التي تهبه مجد أولاد الله. أما من يفصل نفسه عن الله، ويحيا في الشر فلا بد أن يفقد هذا المجد، ويصير في عار، كقول الكتاب: "اَلْبِرُّ يَرْفَعُ شَأْنَ الأُمَّةِ، وَعَارُ الشُّعُوبِ الْخَطِيَّةُ" (أم14: 34).

← اقرأ هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت كتب أخرى لنفس المؤلف.

 

St-Takla.org Image: The garden of Eden: "The Lord God planted a garden eastward in Eden, and there He put the man whom He had formed" (Genesis 2:8) - John Martin - from "The Bible and its Story" book, authored by Charles Horne, 1909. صورة في موقع الأنبا تكلا: "وغرس الرب الإله جنة في عدن شرقا، ووضع هناك آدم الذي جبله" (التكوين 2: 8) - رسم الفنان: جون مارتن - من كتاب "الإنجيل وقصته"، إصدار تشارلز هورن، 1909.

St-Takla.org Image: The garden of Eden: "The Lord God planted a garden eastward in Eden, and there He put the man whom He had formed" (Genesis 2:8) - John Martin - from "The Bible and its Story" book, authored by Charles Horne, 1909.

صورة في موقع الأنبا تكلا: "وغرس الرب الإله جنة في عدن شرقا، ووضع هناك آدم الذي جبله" (التكوين 2: 8) - رسم الفنان: جون مارتن - من كتاب "الإنجيل وقصته"، إصدار تشارلز هورن، 1909.

· استعادة صورة مجد الله والتجسد

أعاد التجسد الإلهي للإنسان صورة المجد التي ضاعت منه في الفردوس مرة أخرى كقول الكتاب: "وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ" (يو1: 12).

 

· أهمية وجود علاقة حب بين الله والإنسان

إن مجد أولاد الله يُقتنى من خلال البنوة لله، ثم طاعته، كقول الكتاب: "الأَمْرُ الَّذِي دَعَاكُمْ إِلَيْهِ بِإِنْجِيلِنَا، لاقْتِنَاءِ مَجْدِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ" (2تس2: 14). لقد أعطى الرب مثال لذلك من خلال قصة الابن الضال، الذي ألبسه أبوه الحلة الأولى، ووضع خاتم في إصبعه بمجرد توبته ورجوعه لبيت أبوه، كقول الكتاب: "فَقَالَ الأَبُ لِعَبِيدِهِ: أَخْرِجُوا الْحُلَّةَ الأُولَى وَأَلْبِسُوهُ، وَاجْعَلُوا خَاتَمًا فِي يَدِهِ، وَحِذَاءً فِي رِجْلَيْهِ" (لو15: 22).

 

· اقتناء المجد السماوي

يتحقق المجد السماوي في الأبدية السعيدة بالتحرر من سلطان الخطية والشر، عندما نحيا في بر الله الدائم، ونتكلل بالبر (في السماء)، كقول معلمنا بولس الرسول: "وَأَخِيرًا قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ الْبِرِّ، الَّذِي يَهَبُهُ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، الرَّبُّ الدَّيَّانُ الْعَادِلُ..." (2تي4: 8).

لقد علمنا الرسول العظيم بولس إننا سنتحرر تمامًا في ملكوت السماوات من الخزي والعار، الذي يقيدنا حينما نخطئ، ويجعلنا نشعر بالذل والهوان (موت أبدي). إننا سنتمتع في السماء بحرية تامة وفرح، لا ينطق به، كقول الكتاب: "لأَنَّ الْخَلِيقَةَ نَفْسَهَا أَيْضًا سَتُعْتَقُ مِنْ عُبُودِيَّةِ الْفَسَادِ إِلَى حُرِّيَّةِ مَجْدِ أَوْلاَدِ اللهِ" (رو8: 21). إن صورة الله المجيدة التي يقتنيها القديسين هي الأساس، الذي يبنى عليه كل مجد وفرح وحرية.

 

· مثال عملي

عاش رسل المسيح كأبناء لله في فرح، لا يهابون إنسان، يتكلمون بالحق، ويتصرفون في غير خوف أو خجل بالرغم من فقرهم، كقول الكتاب: "... كَفُقَرَاءَ وَنَحْنُ نُغْنِي كَثِيرِينَ، كَأَنْ لاَ شَيْءَ لَنَا وَنَحْنُ نَمْلِكُ كُلَّ شَيْءٍ" (2كو6: 10).


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-bishoy-fayek/beginning-of-time/his-grace.html

تقصير الرابط:
tak.la/466xx58