رفقة شهيدة سنباط (تذكار استشهادها: 7 توت)
يرتبط تاريخ القديسة رفقة الشهيدة وأولادها الخمسة الشهداء بتاريخ عدة بلاد في مصر، في أقصى الصعيد وفي أقصى الشمال وفي دلتا النيل. وكأن الله أراد أن تتبارك بها مصر في أكثر من مكان. ففي قمولا إحدى قرى مركز قوص قرب مدينة الأقصر، عاشت وسكنت رفقة الأم وأسرتها. وفي دمنهور وقريبًا من مدينة الإسكندرية نالت وأولادها أكاليل الشهادة. وفي سمبوطية(1) قريبًا من مدينتي زفتى وطنطا ما زالت الأجساد الطاهرة لهؤلاء القديسين وأمهم محفوظة حتى الآن في كنيسة باسم القديسة رفقة يؤمها الكثيرون في عيدها السنوي في اليوم السابع من شهر توت للتبرك بها.
والعجيب أن إكرام هذه السيدة القديسة وأولادها الشهداء لم يقتصر فقط على المسيحيين. فحتى الآن يتناقل القوم في مدينة دمنهور كلامًا سمعوه ممن سبقهم عن مسجد قديم موجود بالمدينة معروف بجامع الخمسة يظن أنه منسوب للقديسة رفقة وأولادها الخمسة الذين استشهدوا معها في يوم واحد على يد الوالي أرمانيوس والي الإسكندرية ببلدة شبرا التي هي الآن حي شبرا من أحياء مدينة دمنهور.
كانت رفقة من أسرة شريفة غنية. وكانت أمًا لخمسة أولاد هم أغاثون وبطرس ويوحنا وأمون وآمونا. وكان الجميع يقيمون في قمولا إحدى بلاد مرقص قوص.
وكان أغاثون الابن الأكبر هو مُقَدِّم بلدته(2) وكان غنيًا ومحبوبًا من أهل قريته. وفي ذات يوم ظهرت رؤيا لجميعهم أبصروا فيها السيد المسيح(3) الذي أنبأهم بما سيكون أمرهم من جهة نوالهم إكليل الشهادة ببلدة شبرا القريبة من الإسكندرية ثم نقل هذه الأجساد بعد ذلك إلى بلدة نقرها التي هي الآن بنفس هذا الاسم وهي قرية تابعة لمركز دمنهور. فلما سمعوا هذا الكلام فرحوا وأمهم بهذه الرؤيا. وقاموا في الصباح الباكر ووزعوا أموالهم على الفقراء والمحتاجين. ثم توجهوا إلى مدينة قوص حيث أعلنوا إيمانهم معترفين جهرًا بالسيد المسيح أمام ديوناسيوس القائد. رغم ما كانوا يتوقعونه من تعذيب على يد القائد الوثني فقد كانوا رابطي الجأش وكانت أمهم تشجعهم وتصبرهم على احتمال الآلام لأجل السيد المسيح. وعذبهم الرجل عذابًا شديدًا مبتدئًا بأمهم رفقة التي أظهرت احتمالًا وشجاعة في مواجهة الألم. ثم عذبوا أولادها أمامها. وهؤلاء أيضًا ثبتوا على الإيمان مثل أمهم ورحبوا بكل عذاب مستعذبين كل إهانة وألم لأجل الملك المسيح. وقد كان من نتيجة ثباتهم وشجاعتهم ومحبة الناس وتقديرهم لهم أن آمن الكثيرون مثلهم معترفين بالسيد المسيح ونالوا إكليل الشهادة.
ولما كان الإبن الأكبر أغاثون محبوبًا من الكل ومعروفًا بثباته وشجاعته، فقد أشار البعض على ديوناسيوس أن يرسلهم إلى أرمانيوس والى الإسكندرية لكي يتولى تعذيبهم ثم قتلهم بعيدًا عن موطنهم حيث لا يعرفهم أحد في الإسكندرية. وفعلًا أرسلوهم إلى والي الإسكندرية الذي كان موجودًا يومها في بلدة شبرا التي هي دمنهور الآن. فعذبهم كثيرًا ومزق لحمهم وألقاهم في زيت مغلي ثم عصرهم في الهنبازين. ثم صلبهم ومعهم أمهم وهم منكسوا الرأس. وفي كل مرة كان السيد المسيح يقيمهم ويشفي جراحاتهم. فلما أسقط في يد الوالي أمر بقطع رؤوسهم ثم وضع أجسادهم في مركب لأجل طرحهم في البحر. غير أن ملاك الرب ظهر لرجل غني تقي وأوصاه بأن يأخذ أجسادهم ويحتفظ بها عنده حتى أوان انتهاء عصر الاضطهاد. فأسرع الرجل وأخذ الأجساد الطاهرة بعد أن أعطى الجند فضة كثيرة. وحفظ الرجل جسد القديسة الشهيدة رفقة وأجساد أولادها الخمسة عنده إلى أن بنيت باسمهم كنيسة في بلدة سنباط التابعة لمركز زفتى بمحافظة الغربية وأودعت فيها الأجساد المقدسة.
وما زال الناس حتى الآن يزورون هذه الكنيسة المقدسة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ويتبركون بالأجساد الطاهرة التي ظهرت وتظهر منها حتى الآن آيات وعجائب كثيرة.
بركة الجميع وشفاعتهم تكون معنا.. آمين.
_____
(1) التي هي سنباط بمصر الآن.
(2) أي عمدة القرية.
(3) وقيل "ملاك" في رواية أخرى.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-bishoy-abdel-massih-z/corner-pillars/rebecca.html
تقصير الرابط:
tak.la/ks24h6w