مارينا الناسكة المصرية (تذكار نياحتها: 15 مسرى)
تربت مريم(1) في أسرة مسيحية غنية. وماتت أمها وهي طفلة صغيرة. فتولى أبوها تربيتها وتهذيبها على أمل أن يزوجها ويطمئن عليها. فقد كانت تنازعه الرغبة أن يهجر العالم ويترهب في أحد الديارات ولما علمت مارينا رغبته هذه سألت أباها قائلة: لماذا يا أبي تهتم فقط بخلاص نفسك دوني؟ أتريد أن تتركني لكي أهلك؟"، فلما استفسر عن قصدها كشفت له عن رغبتها هي الأخرى في هجر العالم وارتداء الزي الرهباني. وطلبت منه أن يسمح لها بأن تنزع عنها زي النساء وترتدي ملابس الرجال. وسارعت مارينا فحلقت شعر رأسها وخلعت زينتها وارتدت ملابس الرجال. ووزع الرجل ماله على الفقراء ثم ذهب ومعه ابنته إلى أحد الأديرة وسكن الاثنان معًا في قلاية واحدة بعد أن غير اسم ابنته إلى مارينا بدل مريم.
وجاهد الأب وابنته جهادًا شاقًا في عبادات كثيرة وثابرا على ذلك عشر سنين تنيح بعدها الأب وترك مارينا وحدها. فبقيت القديسة وحدها في القلاية وزادت من نسكها وكانت صارمة مع نفسها في الصوم والسهر والصلاة.
وتعرضت مارينا في الدير لتجربة قاسية، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. فبينما هي واثنان من الرهبان. ينزلون في فندق لقضاء بعض حاجات الدير، نزل في نفس الفندق واحد من جنود الملك وزنى مع ابنة صاحب الفندق. ولما تورط الرجل في إثمه، طلب من الفتاة أن تخبر والدها بأن الذي زنى معها واعتدى عليها هو الراهب مارينا. فلما قالت البنت هذا الكلام لأبيها ثار الرجل وجاء مسرعًا إلى الدير وشتم الرهبان وأهانهم. فلما علم منه رئيس الدير أن مارينا هي التي فعلت هذا الفعل عنفها الرئيس وطردها من مجمع الرهبان فخرجت مارينا إلى خارج الدير وبقيت متعبدة ومحتملة لهذه التجربة دون أن تعترض أو تنطق بكلمة تبرئ بها نفسها. ولما ولدت ابنة صاحب الفندق ولدها، جاءوا بالمولود الرضيع وألقوه لمارينا لتتولى مسؤولية تربيته. فأخذت الولد واعتنت به وصارت تعلمه وتهذبه. أما هي فقد استمرت في نسكها وصلواتها وأصوامها مدة ثلاث سنين تجاهد خارج أسوار الدير.
وعند نهاية السنوات الثلاث أِشفق عليها رئيس الدير وسمح لها بالعودة إلى الدير بعد أن وضع عليها قوانين قاسية في أعمال شاقة وصعبة. وكبر الطفل وترهب هو الآخر.
أما هي فبعد أن أكملت أربعين سنة في رهبنتها مرضت وماتت. وما أعجب ما رأى الرهبان لما نزعوا عنها ملابسها ليكفنوها ويدفنوها فقد وجدوه امرأة وليست رجلًا. فأرسلوا إلى صاحب الفندق الذي لما علم بخبرها ندم وبكى. أما ابنته والجندي الذي زنى بها فقد عذبهما الشيطان كثيرًا وحضرا إلى الدير حيث اعترفا بذنبهما عند قبرها. وقد سجل التقليد نياحتها في اليوم الخامس عشر من شهر مسرى المبارك.
وما أروع ما صارت إليه سيرة القديسة الراهبة مارينا بعد موتها. فقد قصدها الكثيرون للتبرك من جسدها الطاهر. وأظهر الله من جسدها معجزات كثيرة منها أن راهبًا من رهبان الدير كان أعور. فلما لمس بوجهه جسدها استعادت عينه العمياء بصرها للحال.
بركة هذه القديسة العفيفة تكون معنا.. آمين.
_____
(1) وهي نفسها "مارينا".
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-bishoy-abdel-massih-z/corner-pillars/marina.html
تقصير الرابط:
tak.la/pwjsvx4