ومنذ ذلك الحين بدأ الانتشار الفعلي لنموذج الحياة النسكية والرهبانية في بلاد فلسطين وسوريا وبدأ الكثير من المعجبين بالسيرة الملائكية في الالتفاف حوله والتلمذة على يديه، إذ لم يكن قد سبق لأحد في هذه البلاد أن رأى هذا النمط من الحياة.
ويقول جيروم أن الشرق عرف بذلك كوكبين مشرقين بالقداسة وسمو الفضائل، أحدهما في مصر وهو الانبا أنطونيوس الكبير، والثاني في برية الشام وهو الأنبا إيلاريون، الذي كان القديس انطونيوس يقول عنه لمن يأتي إليه من هناك (لماذا تكبدتم مشقات الطريق وعندكم ابني إيلاريون الذي يمكنكم أن تنالوا منه ما تطلبونه مني).
وجذبت شهرة القديس إيلاريون جموعًا من المسيحيين، سواء من طالبي الشفاء أو من طالبي الرهبنة، الراغبين في الحياة النسكية.
وتكاثر عدد الرهبان تحت قيادته وتدبيره، فبنى لهم الأديرة ودبت الحياة الرهبانية في براري فلسطين، غربًا نحو البحر وشرق حو الأردن وتعمدت وكان الجميع يعتبرون القديس إيلاريون أنه الأب المدبر والمرشد لكل رهبان فلسطين، وأخذ القديس لإيلاريون يطرف كل سنة على هذه الأديرة، يرشد رهبانها وبثبتهم في الدعوة التي دعاهم المسيح إليها.
وبينما كان ذاهبًا ذات يوم بصحبة بعض رهبانه لزيارة أحد الأديرة التي أنشاها بالقرب من مدينة اليوسا (خلوصا)، والتي كانت تقع بأرض الأدوميين، كان الوثنيون قد اجتمعوا ليقربون ذبيحة للآلهة في عيدها السنوي.
وحالما سمعوا بقدومه، خرجوا جميعًا ومعهم كاهنهم لاستقباله وهم يحنون رؤوسهم، ويقولون باللغة العربية (باركنا، باركنا) وكان القديس يتقن العربية والأرامية، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. ولما رآهم مقبلين عليه بابتهاج وسرور، رفع نظره إلى فرق نحو السماء يطلب المعونة الروحية، وطلب من أجل شفائهم باكيًا إلى الرب كي يخلصهم... وكلمهم بكلمة الحياة مبينًا ضلالة عبادة الأوثان، كارزنا لهم ببشارة الفرح الأبدي.
فأمنوا بإنجيل ابن الله، وحطموا الأوثان، وبنوا في وضعها كنيسة (في خلوصا جنوب بئر سبع) ومكث معهم بعض الوقت يعلمهم مبادئ الإيمان وما يلزم لخلاصهم وحياتهم.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-athnasius-fahmy/st-ilarion/sham.html
تقصير الرابط:
tak.la/zp5bm4r