ولما كانت سيرة القديس الأنبا انطونيوس الكبير تعم أرجاء المسكونة وقتذاك، وذاع صيت قداسته في كل مصر وخارجها، تاق إيلاريون أن يمضى إليه ويتبارك منه ويسمع تعاليمه، فلما تقابل إيلاريون مع القديس أنطونيوس تأثر جدًا ليس فقط من تعاليمه السامية، ولكن أيضًا من طلعته المشرقة بنور المسيح، ومن شيخوخته المباركة والمهيبة، فتحرك قلب إيلاريون بالاشتياق لاقتفاء أثار القديس أنطونيوس وإتباع طريق الرهبنة، وكان آنئذ شابًا في مقتبل العمر.
وهناك استقبله كان تلاميذ أنطونيوس قد بلغوا مستوى عال من الروحانية والقداسة، وقد ملأوا الأقطار البعيدة في ليبيا وفلسطين وسوريا وبلاد العرب وبين النهرين، وصار القديس إيلاريون من أشهر تلاميذ الأنبا أنطونيوس، وقد مكث مقيمًا عنده ومتتلمذا له ما يقرب من شهرين، مقتديًا بسيرته وعبادته نسكه، حافظًا في قلبه تعاليم معلمه الثمينة التي كان يستمدها من الإنجيل، واضعًا نصب عينيه حياة أبيه الروحي البار التي كان يؤازرها الروح القدس بقوة فائقة.
ومكث هكذا يتعلم ويلاحظ سيرة العظيم أنطونيوس في محبته وجهاده وأصوامه وفضائله، وكيف لم يكن يسمح لضعفه الجسماني ولا لطبيعة عمره أن يكسرا قانون جهاده، وصار إيلاريون من أخص تلاميذ القديس أنطونيوس الكبير.
ولكن تزايد عدد الوافدين لنوال بركة العظيم انطونيوس كوكب البرية جعل إيلاريون يخشى أن ينشغل عن قانون جهاده، فعرض الأمر على مرشده مظهرًا مقدار ما يعانيه من سجس وحروب بسبب توارد الزائرين وخصوصًا أنه ما زال حديث العهد بالرهبنة.
ولما كان الزائرون للقديس أنطونيوس الكبير عددًا غفيرًا، لذا قال إيلاريون في نفسه أن القديس أنطونيوس يحصد ثمار جهاده الطويل في الحياة النسكية، أما أن فلم أتجند بعد، وما زلت في بداية الجهاد... لذا طلب من معلمه العظيم الأنبا أنطونيوس أن يرحل إلى مكان آخر، فوافقه على ذلك وزوده بنصائحه الأبوية الحكيمة وأعطاه إسكيمًا من الجلد.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-athnasius-fahmy/st-ilarion/an6onios.html
تقصير الرابط:
tak.la/mgqm6c7