St-Takla.org  >   books  >   fr-athnasius-fahmy  >   st-bolikarbos
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب القديس بوليكاربوس الشهيد أسقف سميرنا - القمص أثناسيوس فهمي جورج

1- مقدمة ومدخل

 

تتلمذ كثيرون على أيدي الرسل الأطهار، وحملوا صدى أصيل لكرازتهم، معلنين بالحقيقة بساطة إنجيل الخلاص، مقدمين أيقونة صادقة لتلك الحقبة الفريدة.

وقد تقبل هؤلاء الآباء الرسوليين The Apostolic Fathers خلال تلمذتهم المباشرة للرسل، مفاهيم الإيمان المسيحي الإنجيلي، وكتبوا براعم حية تحمل روح الكنيسة الواحدة عبر الأجيال كلها.

لذلك يعتبر علم الباترولوچي أن كتابات الآباء الرسوليين، هي بدء انطلاق الأدب المسيحي والتراث الآبائي الروحي، الذي يمثل فكر الكنيسة الجامعة الذي تسلمته من الآباء الرسل بفعل الروح القدس الرب المحيي الذي يعمل بلا انقطاع في حياة الكنيسة، فالأدب العلمي بجانب الرسولي الآبائي يبدو قشًا، إذ بعد معرفة شدة لذة حلاوة الرب يسوع، يضحى كل طعام آخر علقمًا، لا مذاقة له على الإطلاق.

St-Takla.org         Image: Hegomen Father Athanasius Fahmy George صورة: أبونا القمص أثناسيوس فهمي جورج

St-Takla.org Image: Hegomen Father Athanasius Fahmy George.

صورة في موقع الأنبا تكلا: أبونا القمص أثناسيوس فهمي جورج.

ومن أهم سمات كتابات الآباء الرسوليين، أنها تتسم بالبساطة مع الغيرة الملتهبة والشهادة بالأقوال والأعمال، تتسم بالأصالة اللاهوتية والرصانة الروحية، تتسم بالإيمان العملي الذي عاشته الكنيسة بقلوب ملتهبة تقية، مع تقديم شهادة حية بالكرازة حتى الدم، لجنود روحيين عاشوا بطولات إيمانية في اشتياق قدسي للمجيء الثاني، مما صبغ كتاباتهم بالصبغة الإسخاتولوچية المجيئية، المزينة بالطابع الكنسي التقليدي.

لاشك أن الأرثوذكسية والأبوة قد امتزجتا معا في الحياة الإنجيلية المعاشة في الأمانة واستلام وديعة الإيمان الحي، في تجميع أزهار الفضيلة والنمو في النعمة والمعرفة.

لذلك التعليم الأرثوذكسي الآبائي مشبع بالعقيدة أساس البنيان الروحي السليم وبالدسم اللاهوتي التعليمي، فالشجرة لها جذور كما أن لها ساق، ويستحيل أن تزهر أو تثمر ما لم تتجذر وتشبع من الغذاء والدسم الأصلي.

وفي مئوية الكلية الإكليركية نقدم سلسلة آباء الكنيسة (إخثيس ΙΧΘΥΣ)، والتي نضعها تِباعًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى، نقدم صفحة من صفحات التاريخ الرسولي الأول، نقدم صورة حية للإيمان وللحياة المسيحية الرسولية، ولتاريخ العقيدة الأصلية منذ القرن الثاني الميلادي.

إن نظرة وقراءة سريعة في علم الباترولوچي تؤكد أن الإيمان الذي نؤمن ونعلم به اليوم هو ذات الإيمان الرسولي الذي تسلمناه من الآباء الأولين منذ الكنيسة الرسولية، كعمل أبوي يمزج التعليم بالتلمذة لمجد الثالوث القدوس المبارك.

وفي خضوع البنين واشتياق المحتاج نتطلع إلى سيرة القديس بوليكاربوس الأسقف والشهيد الذي حمل روح الإنجيل وفكر الكنيسة الجامعة منحصرًا في الروح القدس الذي أودع فيه أوراقًا وزهورًا وأثمارًا وأنشودة تتغنى بها الكنيسة ليمتد الإثمار واللحن الأبدي من جيل إلى جيل في نمو وامتداد، في توافق وانسجام وشوق مستمر لا ينقطع بعد رأى الرسل الطوباويين وتحدث معهم، وصار تقليدهم ماثلًا أمام عينيه، وكرازتهم لا تزال تدوي في أذنيه باهتمام عملي ورعوي أصيل، في الإيمان والعقيدة والعبادة والجهاد الروحي.

كان همه الأول تمجيد الله مع المسيح وفيه، بعد أن تقدست نفسه بالروح القدس، ليشرح حقائق الإيمان، ويقدم القدوة الإيجابية لشعب رعيته بسميرنا، بقلب متجدد بالنعمة كقدس أقداس للرب راعي الرعاة الأعظم الذي أقامه أسقفًا عليهم.

أوصى بأن نعيش مسيحيتنا إيجابيًا، راسمًا الطريق المؤدي إلى الحياة، ذلك الطريق في الاقتداء بالمسيح وبالسعي وراء خلاص الآخرين، راعيًا رعية الله ومدافعًا عن الإيمان وحافظًا الأمانة ومقدمًا نفسه قدوة في الكمال المسيحي.

وأخيرًا بذل حياته عن خِرَافِه وسفك دمه من أجل المسيح الملك، بعد أن سار قُدُمًا في طريق الأبوة الروحية الحقيقية، على درب الشهادة والاستشهاد، وأغمض عينيه عن مجد العالم ليستحق أن يمتلئ قلبه بسلام الله، فيقدم جسده قربانًا على مذبح الحب الإلهي، لتفوح رائحة الطيب الذكية وتعطر الأرجاء. وتعيد له الكنيسة في يوم 29 أمشير – 8 مارس من السنة القبطية ذاكرة جهاده وشهادته.

إننا نقدم سيرة الشهيد بوليكاربوس معلم الفضيلة وأسقف النفوس الأمين الكثير الثمار، ضمن سلسلة ΙΧΘΥΣ لتكون سبب بركة ومعرفة ونمو روحي وتمتع دراسي لمحبي الآباء.

ومن كل قلبي أشكر أبي صاحب النيافة الحبر الجليل الأنبا بنيامين النائب البابوي بالإسكندرية، ولا أجد من الكلمات ما أعبر به عن تلمذتي له في المسيح سوى كلمات الكتاب: "نحن نحبه لأنه أحبنا أولًا" (1 يو 4: 19)، وشكرًا خالصًا لنيافة الأنبا ديسقوروس الأسقف العام من أجل تعبه وعطائه ورسالته في نشر المعرفة الإلهية. ليعوض الرب كل من له تعب بطلبات القديس الطوباوي بوليكاربوس الأسقف والشهيد وكل الآباء، وبصلوات راعينا أسقف الأساقفة وراعي الرعاة صاحب الغبطة والقداسة البابا شنوده الثالث -حفظه الرب- ولربنا كل المجد والكرامة من الآن وإلى الأبد آمين،،،

 

الخماسين المقدسة

1993 م. - 1709 ش.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-athnasius-fahmy/st-bolikarbos/intro.html

تقصير الرابط:
tak.la/waqky4m