St-Takla.org  >   books  >   fr-athnasius-fahmy  >   diognetus
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الرسالة إلى ديوجنيتس (من الأدب المسيحي الأول) - القمص أثناسيوس فهمي جورج

3- كاتب الرسالة

 

يبدو ان كاتب الرسالة شاء متعمدًا أن لا يضع اسمه، إذ لا يريد أن تكون المسيحية شيئًا ظاهريًا، فكيف له وهو يؤمن بأن الحياة الحقيقية هي نمو داخلي وعشرة مع شخص المسيح أن يقبل بعد ذلك أن ينال شهرة أو دعاية.

والرسالة إلى ديوجنيتس هي دفاع عن المسيحية كتب في شكل خطاب مرسل إلى وثنى من الطبقة الراقية يسمى ديوجنيتس.. ويعتقد العالم H. Lietzmann أنه من المحتمل أن يكون ديوجنيتس هذا هو معلم الامبراطور مرقس اوريليوس Marcus Aurelius.

1- ويتشابه محتوى الرسالة كثيرًا مع كتابات ارستيدس Aristides، فجاءت تحمل الكثير مما ورد في كتابات المناضل ارستيدس، لكن يبدو انه ليس هناك اعتماد مباشر على ارستيدس، ومن الجانب الأخر استخدم الكاتب أعمال القديس ايريناؤس.

St-Takla.org Image: Hippolytus of Rome (170-235), icon: The Martyrdom of Saint Hippolytus, according to the version of Prudentius (Paris, 14th century)

صورة في موقع الأنبا تكلا: الشهيد هيبوليتيس الروماني (170-235) - أيقونة: استشهاد القديس هيبوليتس، حسب نسخة برودينتيوس (باريس، القرن الرابع عشر الميلادي)

2- ويعتقد N. Bonwetsch وR. H. Connolly ان هيبوليتس الروماني هو كاتب الرسالة إلى ديوجنيتس، وهذا يعنى أنها كتبت في بدايات القرن الثالث، ومن الأسباب التي تؤيد هذا الاحتمال أن الكاتب يذكر في متني رسالته أن المسيحية قد انتشرت فعلًا في العالم كله.. علاوة على أن ما جاء في فصل 7: 1-5 يذكرنا بما جاء في كتابات هيبوليتس(1)، والفصلان 11، 12 هما ملخصا عمله (2).

3- ويعتقد P. Andriessen بخصوص شخصية كاتب الرسالة، أن كوادراتوس Quadratus هو واضع الرسالة وكاتبها وأنها ليست إلا دفاع مفقود للمدافع كوادراتوس، ورغم أن العبارة التي اقتطفها المؤرخ يوسابيوس القيصري (3) من دفاع كوادراتوس المفقود ليست موجودة في الرسالة إلى ديوجنيتس، إلا أن هناك فراغ بين السطور 6، 7 من الفصل السابع من الرسالة ويمكن أن تكون هذه العبارة من الدفاع مناسبة جدًا فيها.

فالمعلومات التي وردت إلينا عن كوادراتوس من تاريخ يوسابيوس المؤرخ الكنسي ومن القديس جيروم وفوتيوس جاءت كلها تتفق مع الرسالة إلى ديوجنيتس (4).

والانطباع الذي نخرج به عن كاتب الرسالة عندما نقراها، يتفق مع ما هو معروف عن المدافع كوادراتوس من التقليد، إذ يجابه الوثنية واليهودية أيضًا بأسلوب كلاسيكي.

بالإضافة إلى ذلك وجه كوادراتوس دفاعه المفقود إلى الإمبراطور هادريان، والحقائق التي تقدمها الرسالة عن الشخص المرسل إليه تناسب هذا الإمبراطور للغاية.

4- تدل الرسالة على علاقة قوية بين كاتبها والقديس اكلمنضس الإسكندري، فيدور الكاتب المجهول للرسالة في فلك اكلمنضس السكندري حسب تعبير كافكن (5)، غير أن بعض الدارسين يرون أن ما هو مشترك بينهما إنما هو قاسم مشترك في التقليد المسيحي القديم، خاصة في مجموعة الدفاعيات والمحاماة عن الإيمان، وان الاثنين لم يعتمد احدهما على الآخر، إنما ارتويا من ينبوع واحد مشترك هو التقليد الكنسي.

ويعتبر الأقرب إلى الواقع هو هذا البحث الذي نشره العالم الألماني (كافكن) في مجلة الدراسات الكنسية القديمة (مجلد 43: 1924 - ص 350) واثبت فيه أن الرسالة من وضع القديس اكلمنضس الإسكندري أو من وضع احد تلاميذه.

عمومًا يرى الدارسون أن هذه الرسالة سكندرية الأصل والمبنى واللفظ والاتجاه الفكري، وحسب (كافكن) أن الإسكندرية مهد اللاهوت المسيحي في العالم هو مصدر الرسالة للأسباب التالية.

أ) الرسالة لا تضاد الثقافة والمعرفة، وهو التيار الروحي واللاهوتي الذي تميزت به مدرسة الإسكندرية.

ب) الرسالة تفسر شجرة الحياة المعرفة بشكل واضح نراه عند اكلمنضس وأوريجانوس والبابا أثناسيوس الرسولي ولا نراه عند غيرهم من الآباء.

ج) الرسالة ترفض الوثنية واليهودية لنفس الأسباب التي جاءت في كتابات آباء الإسكندرية العظام.

وبالرغم من أن كاتب هذه الرسالة مجهولة، إلا أن كاتبها لابد وان يكون تلميذا للآباء الرسل، ومن العصور المسيحية الأولى، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. لذا جاءت رسالته مملوءة من العبير الرسولي النقي الأصيل، كنموذج للرسائل الدفاعية ضد الوثنية والإقناعية أمام اليهودية، فاتت كدرة ذات إشعاع بالغ النقاء، معبرة عن الانتماء المسيحي، وعن علاقة المعرفة بالحياة وعدم مظهرية الحياة المسيحية كسلوك وممارسات وقيم روحية معاشة في نفوس الذين دعى عليهم اسم المسيح، وفهم لدقائق الإيمان مع شمولها على روح التهذيب المسيحي.

ويجب أن نقنع بترك معرفة الراسل والمرسل إليه، في الغموض الذي يحيط بالرسالة موضع الدراسة، فقط نتقبل الرسالة كما كتبها الكاتب المسيحي في غيرة كرازية ونارية للرد على تساؤلات وثنية، كشهادة تاريخية على جسارة الآباء وديناميكينهم وجهادهم الكرازي تجاه العالم الوثني، سواء كان اسم الراسل أو المرسل إليه اسمين لشخصيتين رمزيتين أو حقيقيتين، فهي رسالة إيمانية روحية لها أهميتها التاريخية والتقليدية والعلمية، إذ تنعكس خلالها رؤية الحياة المسيحية في قرونها الأولى، ومدى علاقة الكنيسة الناشئة بالمجتمعات المحيطة بها.

ولعل الأيام والدراسات البحثية تتوصل إلى فك الغموض الذي يكتف هذه الرسالة من حيث كاتبها وزمان كتابتها.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-athnasius-fahmy/diognetus/writer.html

تقصير الرابط:
tak.la/k2d6mwy