عندما فشل علماء علم النفس في دعوتهم لترويض النفس للامتناع عن النقد نهائيًا أباحوا النقد كوسيلة من وسائل التنفيس الهجومي الضعيف إذا قورن بالعدوانية ولكن في حدود أن يكون النقد بناء وهو أحد أنواع الإحساس بالنقص. وثق أن أكثر الأمور الفاشلة في العلاقات الإنسانية هي أن نزيد إحساسنا بالاعتزاز بذاتنا عن طريق الحط من اعتزاز الطرف الآخر بذاته واحترامه لها، وهو ما يفعله النقد بنا مع الآخرين، وثق أن القيام بتصيد أخطاء الغير والتقليل من شأن الآخرين ومضايقتهم وتعرية ظهورهم ليست كلها سوى أعراض للاعتزاز الهابط بالنفس أو الاحترام المنخفض الدرجة لها، وكلها تخرج عن حدود النقد المسموح بها.
وأنت تنتقد الآخرين لا بُد أن تضع أمام عينيك الحقيقة التي تقول "إنه ولا بُد أن تكون قليل الشأن حتى تقلل من شأن الآخرين" فالحد الأمن والمسموح به للنقد ألا يكون من شأنه على الإطلاق.
والحقيقة التي أقرها علماء النفس الذين أقروا مبدأ النقد البناء في حدود الإنسانية هي أن الغرض الحقيقي للنقد ليس قهر الآخرين ودفعهم إلى الأرض بل الصعود بهم والارتقاء معهم إلى أعلى.. فهل وأنت تقوم بانتقاد الآخرين تعى هذه الحقيقة..؟ أرجو ذلك.
كما أشار علماء النفس إلى أن المقصود بالنقد ليس إيذاء مشاعر الآخرين بل أن نقوم بمساعدتهم على الأداء الأفضل والأرقى.. فهل تراعي يا صديقي مشاعر الآخرين عند انتقادهم؟ آمل ذلك.
ويؤكد علماء النفس على أن هناك شروطًا يجب مراعاتها عند القيام بانتقاد الآخرين أو نقدهم، وهذه الشروط تعتبر الحدود الآمنة الواجب مراعاتها، وأي خروج عنها يعتبر النقد نوعًا من أنواع الهجوم والاعتداء على الآخرين.
وأول هذه الحدود أن يتم النقد في سرية مطلقة فإذا كنت يا صديقي تريد لنقدك أن يترك أثرًا طيبًا على الآخرين وجب عليك تجنيب ذات الآخر من الاشتباك مع ذاتك أو الوقوف ضدها، وتذكر المثل العامي الشهير "الذي يقول النصيحة على الملأ فضيحة" وتذكر أن هدفك هو الوصول إلى نتيجة نهائية طيبة، وليس العمل على التقليل من ذات الآخرين على الإطلاق، ومراعاة هذا الحد ضروري جدًا سواء قمت بالنقد لزميل لك في العمل فلا يجب أن يكون في وجود إنسان آخر، كما يجب ألا تنتقد أيًا من أفراد أسرتك أمام أحد أفراد الأسرة مهما كانت الظروف، إنها قاعدة إنسانية واجبة التطبيق على الجميع وعلى حد سواء وفي كل الظروف.
إذا كان انتقادك ضروريًا فمن الأفضل أن تبدأ حديثك بالثناء على الإنسان الذي ستنتقده لإخراج أفضل ما فيه من مشاعر، وبذلك سيكون متفهمًا لك عند نقده، فالكلمات الرقيقة أثرها في إيجاد جو من المشاعر الطيبة والحب والود الذي يجعل الطرف الآخر لا يظن أنك لا تقوم بمهاجمته، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. يفضل دائمًا وأبدًا أن يكون النقد غير شخصي.
وعندما تنتقد تصرفًا أو فعلًا لا يكفى مجرد الانتقاد أو النقد بل عليك أن تخبر الطرف الآخر بالتصرف الصحيح أو الفعل الواجب القيام به، فذلك يشعر الطرف الآخر بأنك فعلًا ترغب في مساعدته وليس مجرد انتقاده.
يجب أن تراعي دائمًا وأبدًا أن تنتقد الخطأ مرة واحدة فقط سواء كان فعلًا أو تصرفًا ولا يجب تكرار الانتقاد أو التركيز عليه مرارًا وتكرارًا لأنك لو فعلت ذلك فإنك تكون متصيدًا أخطاء تعتبر النقد أو الانتقاد معركة وأنت الفائز فيها وتعلن فوزك بمرات تكرار الانتقاد للخطأ الواحد.
وأخيرًا يجب أن تنهى انتقادك بطريقة ودية محببة كما بدأته بالثناء على الشخص الذي تقوم بانتقاده، تنهى النقد بالثناء أيضًا، ولقد اتفقنا منذ البداية على أن النقد يعنى أنك تريد مساعدة الطرف الآخر، وليس القيام بإعلاء ذاتك على حساب الآخرين.
جرب هذا النوع الجديد من فن الانتقاد والنقد في الحدود الآمنة فقط وللضرورة القصوى فقط.. واستخدام الانتقاد والنقد في أضيق الحدود الممكنة وكلما دعت الضرورة إلى ذلك.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-antonious-kamal-halim/difficult-characters/critics-limit.html
تقصير الرابط:
tak.la/4hpjywf