تسعى الفتاة للفت الأنظار عندما تخرج مع أصدقائها، على سبيل المثال، تختار اليوم، والوقت والمطعم، وإذا لم يكن هذا كافيًا، فعندما يختار صاحب المطعم منضدة معينة، تطلب هي منضدة أخرى. اعتادت صديقاتها أن يدعونها "الصديقة المتقلبة". وقد وصل بها الحال أن تفرض على رفيقاتها الأصناف التي يأكلونها، وهي تسيطر على مجرى الحديث. وإذا لم تحصل على ما تريد، فإنها تغادر المكان الذي اختارته صديقاتها أو تقضى الأمسية عابسة متجهمة.
نسبة ضئيلة من صديقاتها يتحملن أساليبها التي يغلب علها السيطرة، والكثيرات يهجرنها. إنها تعرف بالتأكيد تأثير سلوكها الدكتاتوري على الناس. فلماذا تفعل ذلك إذًا؟ الإجابة توجد على المستوى غير الواعي بأكثر منه على المستوى الواعي.. ففي أعماقها هي تخشى التعرض للأذى. يخشى المسيطرون فقد السيطرة تمامًا.
أليس القليل من السيطرة صحيحًا؟ بالتأكيد. تظهر الأبحاث المتأخرة أن الشعور بالسيطرة جوهري للصحة العقلية والجسمية وللسعادة في البيت، والرضا في العمل. وفي الواقع، فالشعور بأنك سيد مصيرك من السمات الأساسية للسعداء، طبقًا لأقوال صديقي دافيد مايرز، مؤلف كتاب "البحث عن السعادة". وهناك ما هو أكثر من ذلك، فالعالمة النفسية "جوديت رودن" أظهرت في التجارب التي قامت بها في جامعة يبيل كيف أن مجرد الشعور بالسيطرة يمكن أن يغير أداء الجهاز المناعي للإنسان.
" الانحناء أفضل من الكسر" |
ولكن السيطرة يمكن أن تعني المبالغة في أداء شيء لا غبار عليه. |
|
(مثل اسكتلندي) |
|
المحبون للسيطرة تدفعهم مشاعر جامحة بالإيذاء وعدم تقدير الذات. إنهم ليسوا واثقين كما يبدون. ولأنهم مرعبون من النقد، والرفض، أو الفضيحة بأي وسيلة، فإنهم يحاولون أن يحموا أنفسهم بالسيطرة على جانب من جوانب حياتهم.
السيطرة الزائدة عن الحد تخلق الكثير من التوتر، تمامًا كالشعور بأنه لا سيطرة على الإطلاق. النوع أ من الشخصيات، على سبيل المثال، مسيطر غالبًا ويعرض نفسه أيضًا لخطورة حقيقية بسبب حدوث مرض في القلب. في سبيل بحثهم عن السيطرة، يعرض المسيطرون أنفسهم لروتين جامد يمنعهم من الاستمتاع بالحياة، دع عنك الإحباط الذي يتسببون فيه لمن حولهم من الناس.
المسيطرون، دون وعى منهم، يتخطون الحدود من مجرد تولى المسئولية إلى السيطرة القهرية، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. إنهم لا يستطيعون الاسترخاء لأنهم يشعرون دائمًا بالتعرض لخطر النقد أو العار لارتكابهم خطأ بشرى. ويؤثر سلوكهم المتسم بالإحساس الزائد بالمسئولية على الآخرين. المسيطرون ببساطة لا يعرفون متى وأين يتوقفون. تخيلّوا كيف تكون الحياة وكل هدف رجونا تحقيقه. لو أن كل ما أردناه وكل هدف رجونا تحقيقه كانت تصاريف الحياة أو أهواء الآخرين هي التي تعرضه علينا!! إن القدرة على تحمل هذا العجز الكلى يعد أمرًا مرعبًا. ومع ذلك فالحياة تبدو بمثل هذا الرعب للمحبين للسيطرة.
في بعض الأحيان -وفي أثناء محاولتهم للسيطرة على كل شيء (حتى الطقس)- يفقد المحبون للسيطرة، السيطرة على أنفسهم دوم سابق إنذار. إنها قصة لاعب الجولف الذي يشعر بالاهتياج بعد ضرب الكرة بسرعة بالغة فتنحرف إلى اليمين. إنه يقذف المضرب على الأرض، ويأخذ عصا أخرى من الحقيبة ويكسرها إلى نصفين فوق ركبته. بعض المحبين للسيطرة "ينفلت زمامهم" حرفيًا ويتصرفون تصرفًا غريبًا.
فالزوج يصرخ في وجه زوجته لكي تعطيه شيئًا ما فإن لم تحضره يكرر الأمر باستياء بصوت عالي.
فإذا واجهتهم معارضة قاموا بتدميرها بعنف مثلما يفعل البلدوزر مكتسحًا ما هو أمامه ومهما كانت المعارضة منطقية فهي تثير غضبهم.
التعامل مع المسيطر يشبه من يركب دراجة إما أن تندفع للأمام إما تسقط. إننا غير محتاجون للتعرف عليهم بأن يكون لنا خبرة كبيرة، فهم بصوتهم العالي وأوامرهم وصخبهم يفصحون عن أنفسهم. أن الرئيس المسيطر ليس لديه وقت لتشجيع موظف جديد هو دائمًا في وضع الحركة وعليك إما أن تلحق بالركب بسرعة أو.. بقدميه وهو سار للأمام.
ربما يشعر المسيطر أنه دائمًا على صواب ويقولون: "كان من المفروض أن نفعل ذلك بطريقة أفضل" أو "تبدو مخطئًا لأنك لم تتبع تعليماتي ونصائحي" وهم يجعلون من أمامهم يشعر أنه مثل الطفل الذي يوبخه معلمه وكثيرًا ما يلجأ الناس لإرضائه تخوفًا منه.
هم في الحياة يشبهون الذين يلعبون الشطرنج فهم انتهازيون يعرفون مَنْ هم أصحاب النفوذ ومَنْ يمتلك السلطة والقدرة على التصرف في الأمور المالية. ويستغل بعضهم المواقف الأخرقية فيستغلون الناس لمصلحتهم الشخصية أو لتمجيد ذواتهم. فإن لم تسير الأمور وفق هواهم ألقوا اللوم على الآخرين لا على أنفسهم.
وهم يحبون التنافس ويحسدون الناجحين و.. ولديهم طموح عال ورغبة عارمة في النجاح فالفوز هو كل شيء والخسارة لديهم مرة.
وهم كالطاووس الذي ينفش ريشه ليبدو أكبر حجمًا مما هو عليه. فهم متعجرفون ومتغطرسون لا يكشفون عن ضعفهم واحتياجهم. ربما كان جليات الجبار واحدًا منهم رغم نجاحه الحربي وقوته فإنه كان يبالغ في الشعور بالتفوق فهزمه طفل صغير!
وهم من النوع الذي يجيد التخطيط بنجاح فكل شيء يسير بمقتضى سياسة وخطة محكمه. والمتسلط لا يهمه أن يجرح الناس وقد يلجأ للتخويف والتهديد: "أنا أحذرك من عملك هذا".
وهم عنيدون يعقدون العزم على اتباع أسلوبهم حتى كأنهم يكتبون يومياتهم مقدمًا. فإذا اقتنعوا بهدف ما فلا جدال فيه، ولا فائدة في المساومة بخصوصه، والجميع في نظرهم مخطئين وهم دائمًا على حق.
وهو يلعب لعبه التفوق وشريعته هي شريعة الغاب والبقاء للأفضل. وهم يتبارون على المناصب والترقيات متسلقين على حساب الآخرين فهم يريدون أن ينظر إليهم على أنهم أذكى المخلوقات وأحسنها منظرًا وأكثرها جاذبية.
قالت الزوجة لزوجها: إني متأكدة إننا عندما قدمنا تعهداتنا الزوجية.. قطعها الزوج يقول: "تدوم وتثبت التعهدات طالما كنت أنا الرئيس".
كانت تجلس الزوجة في مكتبي بعد أربع سنوات من بذل محاولات مع زوجها لإقناعه بالمساواة. وطبقًا لما قالته، لم يكن الزوج يرخى زمام السيطرة على الإطلاق. وهي تشكو قائلة:
"كان لا يسمح لي بقيادة السيارة إلا إذا كان جسمه كله موضعًا في "الجبس" وفي المناسبات القليلة النادرة التي كانت تقود فيها السيارة، كان يأمرها بكل ما تعمله: "قفي هنا" "أسرعي" "تخطى هذا الشخص". قبل أن نلتقي، كنت أدبر أموري المالية على خير وجه وكان معدل رصيدي الدائن لا بأس به. وبالرغم من ذلك، فما أن ظهر هو في الصورة، حتى تولى الإدارة. فهو يكتب كل الشيكات ويمسك كل الدفاتر. "وليست لدى أدنى فكرة عن موقفنا المالي".
ثم قالت: "وهناك أيضًا الريموت كنترول". كانت تتحدث عن تلك الآلة الصغيرة التي تدير التليفزيون. "هل أنا بحاجة لقول المزيد؟" لقد تخلت هي بلطف عن هذا الهدف السهل. ولكن قبل نهاية جلستنا، لخصت موقف زوجها بهذه الطريقة: "إنه يعتقد أنه يعرف كيف يفعل كل شيء، وعن طريق الحق الطبيعي، فهو رئيس لكل من يوجد واقفًا على مقربة منه".
يتنكر المحبون للسيطرة في أشكال عديدة، بداية من الأزواج والزوجات الذين يتدخلون أكثر من اللازم إلى المديرين الفضوليين، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. هناك مديرة تعتبر مثالًا على النوع الثاني. كانت مديرة مسيطرة إلى حد التصرف، مهيمنة أكثر مما ينبغي. وكانت تخفى المعلومات، وترفض أن تنيب أحدًا عنها، وتكره التفكير أو العمل باستقلالية. كانت تقوم بدور الناصح عندما يصل مرؤوسوها في الصباح، وعندما يتناولون طعام الغذاء، وعندما يتركون العمل في المساء، مقدمة تعليمات مفصلة زائدة عن الحد وتقمع الذين يتجاوزون حدود مهام وظيفتهم المحددة. ولا حاجة للقول، بأن أسلوب الإدارة عن طريق السيطرة الذي مارسته لم يحفز مرؤوسيها ولم يغرس فيهم التفكير الخلاق. ولكن ذلك لم يقلقها. فشأنها شأن معظم المحبين للسيطرة، كانت تبحث ببساطة عن الامتثال لأوامرها.
بعض المحبين للسيطرة يؤدون عملهم القذر والابتسامة تعلو وجوههم، بينما يعتمد الآخرون على الإيذاء اللفظي. وفي كلتا الحالتين، فإن علاقاتهم تتأثر. ألم ترغمون ذات مرة على فعل شيء لم تكونوا تريدونه؟ ألم تشعروا ذات مرة بأن أفضلياتكم لا تلقى اهتمامًا؟ إن كان الأمر كذلك، فأنتم تدركون الإحباط الذي يعد مؤشرًا على أنكم تعانون من شخص يحب السيطرة.
جميعنا التقينا بأناس مثل ذلك الزوج أو تلك المديرة. قد نعرفهم من خلال العمل أو الكنيسة. قد يكونون من المقربين أو من الذين نعرفهم معرفة عابرة. وقد يكونون ضمن أفراد عائلاتنا. ولكن هناك شيء واحد مؤكد، لا يمكن أن يخطئ المرء في ماهيتهم. المحبون للسيطرة هم الذين يمسكون بالزمام، أو يحاولون باستماتة أن يفعلوا ذلك. يشترك المحبون للسيطرة في هذه السمات، فهم: مضرون، وعنيدون، ومتطفلون، ومحبون للاستحواذ، ويطلبون الكمال، وناقدون، وساخطون، ويحبون إلقاء الأوامر، ومتصلبون.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/9m5v9jt